في هذا المقال التحليلي، نرى أن الاجابة على السؤال اعلاه، ينبغي أن تتجاوز الصخب الإعلامي الذي تروج له قنوات ك" العربية" والجزيرة"، وغيرها لأن هدفها واضح من البرامج التي بدأ تقديمها للترويج للحرب، وذلك استجابة للأوامر الامريكية، وللحصول على نسبة اكبر من المشاهدات للربح من المشاهدين الذين يستدرجون بأسلوب الاثارة، والتشويق، والترهيب احيانا، كما في التقديرات والتفسيرات الرائجة التي لا تقدم أكثر من عرض الإجراءات العملياتية، وتفسيرها وفقا لمبدأ التهويل،،
بينما الاجابة الموضوعية تتطلب من المتابعين للأحداث البحث عن الابعاد التفسيرية للحروب السابقة، والمبررات التي يجري ربطها بتلك التي أدت الى الحرب الكونية الثانية، ومنها التمهيد لفرض تلك الحرب العالمية على الامريكيين، حيث جرى حينئذ استطلاع لمعرفة اتجاهات المواطنين الامريكيين، وكانت نتيجته غير مشجعة للدخول في الحرب، ذلك أن 91% من المستطلعين اعلنوا عن رفضهم المشاركة في الحرب، فسماهم الاعلام المروج للحرب ب"الانعزاليين"، وذلك نقيضا لما كانت تمليه مبادئ الحرية الفردية، والديمقراطية المؤسسة على مقيم الليبرالية الحرة، إلا أن الدولة العميقة، لم تراع خيارات الرأي العام الامريكي..
وتاريخ علم الاجتماع السياسي الأمريكي في تلك الفترة، قدم أسماء نماذج لتلك الرؤوس الحامية التي روجت للحرب اعلاميا بالاشتراك مع عالم الاجتماع " تالكوت بارسونز" ـ وطلابه في الدراسات العليا، الذين كان من ضمنهم " بورتر" الذي اصبح في الكونجرس الأمريكي عضوا في الحزب الديموقراطي عن ولاية أوريغون ـ في جامعة " هارفارد"، وتالكوت بارسونز" اقترحت عليه وزارة الدفاع الامريكية مرافقة الجيش الامريكي في الحرب، نظرا للترويج السابق للحرب، ولكن منعته الجامعة من المشاركة الميدانية في الحرب.
والجمهور الامريكي، كان يرى أن حرب الحلفاء، ضد دول المحور لا تعنيه في شيء، لأنه في قارة تغطي خيراتها مصالحه، ولكن هل حال ذلك دون دخول أمريكا في الحرب العالمية الثانية للتمكن من السيطرة على القارة التي احتل، ونهبت خيرات الشعوب في جميع القارات، وخاض الأمريكيون حرب التحرير ضد جيوشها؟
فمن ناحية التحليل النفسي، فإن من دوافع الرغبة في المشاركة، كان المكبوت النفسي المختزن في العقل الجمعي لدى الامريكيين،، أما التحليل الايديولوجي الذي فسرت به بكتابات " هنتنجتون" في كتابه "صراع الحضارات" من منظور مقدم الترجمة العربية الذي اعتبره ـ هنتنجتون ـ : " مرجعية فكرية لما قبل الحرب العالمية الثانية"، ولم يكن مرجعية الليبرالية " بل الشمولية التي تسعى الاحتشاد عن طريق القمع، والتقييد في الداخل لفرض سيطرة مصالح بعينها على الخارج الذي يعاد صياغته، وتشكيله، وفقا لوصفات جربها رجال الحكم، والسياسة بنجاح في العصور القديمة تحت عناوين عديدة، ك"صراع الحضارات"..
لهذا كانت المصلحة القومية الامريكية، ولا زالت هي: " القمع القومي" لأمم المجتمعات الأخرى،، وفي كل مرحلة تجد أمريكا مبررا للحروب، فبعد الحرب العالمية الثانية، كانت تحقق مصالحها بواسطة الحروب بالوكالة، لأن " الحماية من الاتحاد السوفييتي، كانت السلعة التي تروجها الولايات المتحدة، حسب مستشار ‘جورباتشوف‘ "، وبعد سقوط قوة الردع لدى العدو السوفييتي، صارت امريكا في حل من التدخل العسكري ، كما حصل في كل من البانيا، والصومال، ثم افغانستان، والعراق، كما اقامت التحالفات العسكرية مع انظمة الخليج العربي، والمنظمات المتطرفة القاعدة، وداعش، وهو المبرر الذي لا يستند الى أي مرجعية للحرب منذ 2012 على ليبيا، وسورية، ومدن العراق كالموصل، والانبار، ونينوا، ثم الحرب على اليمن منذ سبع سنوات ..
وقد ارجع المحللون تلك التحالفات بين المنظمات "المصنعة" قياداتها في السجون الامريكية، جنبا الى جنب مع قادة الانظمة الخليجية ذات البيوت الزجاجية،، الى ما جاء في كتابات " هنتنجتون" في تسعينيات القرن الماضي، حيث تحدث عن العدو الجديد للغرب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ممثلا فيما اسماه ب"الأصولية" الاسلامية التي ستواجه "الأصولية" الغربية، لكن كيف جعلت منها امريكا حليفا ينفذ مخططاتها التي تنفذ أجندات الانظمة السياسية الغربية المقادة غصبا عن شعوبها، وقادتها السياسيين معا، كما هو حاصل الآن، فبينما ترفض القيادات السياسية في فرنسا، والمانيا، وأكرانيا، هذه الحرب القادمة، نجد أن امريكا ورئيس الوزراء الانجليزي، يصران على شن حرب كونية، ستصل امريكا بسلاح يوم القيامة، وقد حدد " جو بيدن" توقيت جريمته الكونية..!!
وعما قريب ستجعل امريكا من رئيس" زيلينسكي" الصهيوني قائدا لجيش الحرية الأكراني، على غرار ما فعل "النازيون" مع " اندري فالسوف" الجنرال الروسي الذي أسره الألمان في الحرب، ونصبوه قائدا لجيش التحرير الروسي، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية جعل الغرب منه قائدا شيوعيا يطالب ب" شيوعية بدون ستالين".
وهذه الحرب الثالثة ستفاجئ الخصمين المباشرين، وتفرض نفسها على العالم اجمع، وذلك لتبقى امريكا قائدة العالم الحر، وسيدة متحكمة في شعوب العالم بعد أن فقدت مكانتها معنويا بعد هزيمتها في افغانستان،،وتلك الهزائم المتكررة على الجبهات الخارجية من فيتنام الى افغانستان، والعراق..
ولكن هل ستكون هذه الحرب فرصة للتحرر من الوجود الامريكي في الوطن العربي، أو سنقع في هزيمة نفسية بالوقوف مع المحتل، على عكس ما قامت به دولة " فنلندا" في العام 1917 حيث اعلنت الاستقلال عن الروس، خلال قيام الثورة البلشفية، ودخولها في حرب مع " المناشفة"..؟
ولماذا نضيع على أمتنا فرصة التحرر من امريكا، وتحرير فلسطين،،اثناء قيام الحرب التي ستشغل الغرب كله، كما حصل أثناء الحرب العالمية الثانية؟
ولماذا لا نتخذ من الدروس المخيبة للأمل، عبرة حين تأخرت ثورات التحرير في الوطن العربي عن فترة انشغال الغرب في حربه السابقة في العام 1942؟!