كم من واحد من شباب الأمة في تلك الفترة الرمادية من تاريخ الأمة العربية ــ في العشرين الأخيرة من القرن الماضي ــ وهي فترة السقوط السياسي لأنظمة التبعية،،
.
قام بمبادة مرتجلة في مواجهة الصهاينة، وذلك للدفاع عن شرف الأمة في شخصه، وعن كرامتها التي هي مبعث كرامته، ومن تلك المبادرات الجريئة ذات التأثير الفعال في الدفاع عن شرف الأمة، وكرامتها، لذلك سأذكر نموذجين رائعين، لا يبرحان تستعيدهما الذاكرة، وتشنف باسميهما الآذان، وهما مكتوبان بماء الذهب في سجل الفداء العربي الذي تهاوت أمامه الحدود المصطنعة بقوة الذاكرة العربية، وفي المخيال الجمعي للمواطن العربي، وثقافته المقاومة،،وأعطى معنى غير محدد بمفهوم التضحية، بل بالفداء العظيم فحسب، وهو ما قدم عليه كل من المجند سليمان خاطر، والمجند أحمد القدامسة، فواحد منهما لازال حيا، والثاني استشهد في السجن، وقد كانا يقفان على أطراف المواقع السياحية في الأرض العربية، وقد عزعليهما أن تدنس بأقدام الصهاينة أمام ناظريهما،، لذلك دافعا عن شرف الأمة المداس بالتواجد الصهيوني على أرض العرب في سينا، والأردن.
وإذا كانت مبادرة كل منهما، عبرت عن روح الأمة في رفضها للمشروع الصهيوني، ومشاريع الاستسلام التي حملت الفرد على الذود عن الشرف العربي،،
فلأنهما جسدا قيم الفداء، والأثرة، ومعاني الرجولة، والتمسك بمبادئ التحرر، ورفض الهزيمة أمام العدو، أوالإذعان للإملاءات على أنظمة التخلف، والتبعية السياسية في الوطن العربي،،
وفي تلك الفترة الرمادية من أزمنة الاستسلام، والتبعية،، فقد رفع الكتاب القوميون والتقدميون، أسنة اقلامهم للدفاع عن الفعل العربي المقاوم بعد استشهاد سليمان خاطرالذي تم في جنح من الليل باسلوب التخفي الجبان، وعلى الرغم من أن نظام الخائن حسني مبارك كان جبروتيا، لكنه لم يجرؤ على مواجهة سجين في سجنه، وغضبة الأمة، فأدعى عليه أنه انتحر.!
ولن أنسى الأقلام الوطنية التي دافعت عن سليمان خاطر، وعن زميله محمد القدامسة الذي أخرجه السجان الاحتلالي خوفا من عواقب الغدر بفدائي، ستثأر له أمته طال الزمن أو قصر، كما تفتدي كل من ضحى في سبيل قضيتها الكبرى، وما كان من الاحتلال الصهيوني الجبان، إلا أن سلم أحمد القدامسة للنظام الملكي الخائرالذي سلمه للصهاينة لأول مرة مخافة أن يتحمل تبعات المس بفدائي، صلى الفريضة، ونوى الشهادة لله، وللأمة.
ويومها كانت الدكتورة هدى عبد الناصر تنبه ــ في محاضرة لها ــ جمهورها من القوة الحية في الأمة ، أن لا تثبط الهمم، وينخدع جمهورالأمة بما يروج له المنهزمون نفسيا، وفكريا ممن لا يتوقعون دور المغتيرات المستجدة في حاضر الأمة، وهي متغيرات لن تخضع لما نرى أمامنا، بل بما سيأتي من مبادرات واحدة تلو الأخرى، وستكون كفيلة بتغيير الأوضاع العربية بما يصحح هذا الخلل، ويرفع الغمة عن الأمة المنكوبة بحكامها،،لذلك علينا ــ قالت هدى ــ بانتظار هذا الآتي من المبادرات، في المبادآت التي ستجود بها الأمة المتحفزة، والمنتظرة للمفاجآت السارة من التضحيات في سبيل مقدساتنا، كالذي نرى بعد الأيام التسعة من الثورة المباركة في فلسطين، فهل نقول قد آن الأوان لأن ننبه الانبطاحيين، والمرتدين، والانتفاعيين بأن فلسطين دفعت عنها الرجس من أقوال الساقطين على أعتاب قبورهم من الملفوفين بالخيانة العظمى، وكذلك المدافعين من المرتجفين الأوهن من "الشيوخ ـ حاخام" الإبراهيميين "التطبيعيين" الخيانيين الانهزاميين الذين شوهوا رسالة العلم الشنقيطية، لما تآمروا على مقدسات الأمة.
وهيهات أن يكونوا من العلماء الذين دافعوا باقلامهم الجريئة، وبمكارم الأخلاق والسلوك الجواني في ما أطلعنا عليه في مقدمة " زاد المسلم " لمحمد حبيب الله ولد ميابى " من التنويه بالوقوف مع المدافعين عن فلسطين، ومصر في العدوان الثلاثي 56، فهؤلاء هم القدوة الهادية الى سواء السبيل، لا الضالعين في المؤامرة مع الضالين والمغضوب عليهم بحثا عن الدرهم والدولار الأمريكي، فهل فعلوا ذلك ليرفعوا من شأو الدين، أو ليذودوا عن الأوطان ؟
لا والله، بل تشويها للأولى، وغدرا للأخرى في مقدساتها التي كنستهم عنها ثورتنا المباركة، كما تكنس الزحافات المعتلة.
وإياك أعني يا صاحب السطر المتهافت، والنقطة الأخيرة التي لن نضعها مثلك، ولتكن بداية لكشف المستور عن السدانة التي تواضعتهم عليها، فوضعتكم تحت مهانتها، فإذلالا، نيلا للتسول بالكلمة، وباعة للشرف بالبخس في السلوك، والتقول على الصدق مصدرا، وباللحلحة أفعالا، محاباة للفقة الذرائعي، والدين المصنع بالأراجيف الصهيونية الأمريكية،، والحاضر شاهد قبل السند التاريخي القريب على صدق ما أشرنا اليه من قبل،، فهل نكشف أوراقكم أكثر من المنفوش منها، أو نترككم بوخز الضمير تندمون،،؟