فى إطار سلسلة المقابلات التى بدأتها منذ أسابيع مع قادة جيل التأسيس فى التيار الناصري تستضيف لكم وكالة الرائد الإخبارية اليوم الأستاذ المؤرخ: محمد فال ولد محمد آب (1943 تكانت) خريج المدرسة العليا لتكوين الأساتذة، وأحد قادة جيل التأسيس فى الحركة الناصرية، كافح من أجل التعريب وترسيخ الهوية العربية الإسلامية، وسُجن وأُبعد فى سبيل تحقيق مبادئه.. يشهد له سجونوه بالثبات والصدق، كما يشهد له زملاؤه ورفاقه بذلك.
.وكالة الرائد التقته وأجرت معه الحوار التالى:
س: متى ظهر الاتجاه القومي فى موريتانيا ومتى التحقتم به؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين... الاتجاه القومي فى هذه البلاد ربما يكون قد ظهر على أيدى قادة النهضة وخاصة السيدين بوياكى ولد عابدين وأحمد باب ولد أحمد مسكه رحمة الله عليهما، إلا أن النهضة كانت مشغولة بالسياسة والسلطة أكثر. الأمر الذى حد من تأثيرها فى الساحة الوطنية.
ثم جاءت بعد ذلك مجموعات شبابية ذات توجه قومي، منهم من ثبت وما بدل ومنهم من حرف وحاد؛ وتلك قصة تحدث عنها الزميلان محمدن ولد التمين وسيدى محمد ولد العيل بما فيه الكفاية.
أما ما يخص انتمائي للتيار القومي فقد ولدت قوميا عربيا مسلما كأي مواطن موريتاني يولد ويتربى على الثقافة العربية الإسلامية المسيطرة فى المجتمع التقليدي بشقيها المحظري والفروسي، إلا أن دخولي فى معهد بوتيلميت واحتكاكي بالحياة المدنية جعلني أندفع باكرا فى صفوف الشباب المطالبين بالتعريب واستقلال بلادي عن المستعمر ثقافيا وسياسيا واقتصاديا.
س: متى دخلتم معهد بوتيلميت وماذا عن إضرابات الطلاب خلال فترتكم وبماذا كنتم تطالبون؟؟
ج: دخلت معهد بوتيلميت السنة الدراسية 63- 64 وقضيت فيه سنتين، شاركت خلالهما فى إضرابين قويين أحدهما فى السنة الدراسية 63 – 64 والثانى وهو الأشد وقع فى السنة الدراسية 64 - 65 وتم على إثره سجننا ونفينا إلى أهالينا وتم إغلاق المعهد بقية السنة. وكانت مطالبنا تنصحر فى مطلب وحيدد هو تعميم التعريب. وتمت جزئيا تلبية بعض مطالبنا حيث منحت شهادة الكفاءة باللغة العربية سنة فى نفس السنة
س: من تذكر من زملائك الذين شاركوا معك فى الإضرابات، ومن عناصر القوة العمومية التى واجهتكتهم؟؟
ج: أذكر أننا أصدرنا نحن طلاب المعهد بيانا طالبنا فيه بتعميم التعريب، وبالقطيعة التامة مع المستعمر، وتولى تحريره الطالبان: إدوم ولد محمد يحيى ومولود ولد أحمدُ الخديم رحمة الله عليهما. وبعد صدور هذا البيان مباشرة تحدث الرئيس المختار ولد داداه – رحمه الله - فى مجلس الوزراء قائلا إن طلاب المعهد يريدون استعجالنا عن مسارنا ولن نقبل بذلك، وتجسيدا لتلك التعليمات زار الأمين العام لوزارة التعليم يومها المرحوم محمد ولد سيدى عالى المعهد ووجه تحذيرات شديدة اللهجة إلى الطلاب، أدت مباشرة إلى اندلاع الإضراب وتوقيف الدروس فقامت الحكومة بإرسال قوة من الحرس بقيادة الضابط اعل ولد الشين من مدينة روصو إلى مدينة بوتيلميت لفك الاعتصام واستعادة السيطرة على مقر المعهد، وفور وصولها إلينا قامت باعتقال أغلب الطلاب، وسيطرت على المشهد فأغلق المعهد بقية السنة، وتم سجننا نحن مجموعة النشطاء فى المعهد قبل أن يتم نفيها إلى أهالينا. وعند بداية افتتاح السنة الدراسية تم إرسالنا مباشرة إلى الكويت ضمن 50 منحة دراسية قدمتها الكويت مساعدة لموريتانيا فى تكوين الأطر.
س: ماذا عن ذكرياتكم فى الكويت ومن تذكرون من زملائكم فى تلك المرحلة؟؟
ج: من أهم ذكرياتي فى الكويت أننا ذهبنا سنة 1968 ضمن قافلة إلى الديار المقدسة وأدينا فريضة الحج أنا وبعض الزملاء من بينهم المرحوم الرشيد ولد صالح وإسلمو ولد برهام وسيدى محمد ولد صالح وبال محمد البشير وولد الصوفي ومحمد ولد برهام. أما بالنسبة للشطر الثانى من سؤالكم فأذكر من الزملاء إضافة إلى الذين ذكرتهم آنفا سيدى ولد اطفيل والامام ولد خير انتاجو ومحمد سالم ولد حي ومحمدن ولد محمد موسى واللوه ولد محمد موسى ومحمد ولد سيدى محمود ويسلم ولد امينوه.
س: هل كانت لكم صلات سياسية بالساحة الوطنية خلال وجودكم فى الكويت؟؟
ج: لم تكن لدينا صلات سياسية حقيقية لأننا لم نكن منتظمين فى تنظيم سياسي.. كل ما فى الأمر أننا كنا نعود إلى الوطن خلال العطل الصيفية فنلتقى ببعض الشباب القومي هنا ونجرى نقاشات وحوارات حول أهم المطالب الملحة يومها، والتى من أهمها تعميم التعريب وتأميم ميفرما والانضمام إلى الجامعة العربية، ومحاربة الرق ومختلف العادات والمسلكيات التقليدية التى تتنافى والحياة العصرية.
س: ماذا عن نشاطكم السياسي بعد عودتكم إلى الوطن؟؟
ج: بعد عودتنا إلى الوطن بدأنا نشاطنا السياسي فى السنة الدراسية 69 – 70 عبر تقديم الدروس لطلاب المحاظر والمدارس القادمين من الداخل للمشاركة فى المسابقات الوطنية وكنت أنا وسيدى محمد ولد العيل وأحمدَ ولد مد الله نقدم دروسا فى المنازل والأقسام لتلك المجموعات الشبابية وقد نجح أغلبها فى المسابقات وأصبح أطرا، شاركوا بفعالية فى بناء الدولة الحديثة وفى العمل السياسي الناصري.
كما شكلنا لجنة للعمل السياسي تتألف من سبعة أشخاص ضمت إلى جانب المتحدث المرحوم الرشيد ولد صالح وسيدى محمد ولد العيل والطالب ولد جدو وعبد القادر ولد أحمد واثنين آخرين وكان الطالب هو مسؤول مالية اللجنة.
س: على ذكر مسؤول المالية ماهي مصادر تمويلكم؟
ج: مصادر تمويلنا هي أولا تبرعات أفراد اللجنة، تاتى بعد ذلك اشتراكات المناضلين وكانت عبارة عن 30 أقية يدفعها كل فرد منتسبب.
س: فى هذه الفترة ازدهر الأدب السياسي وكان لكل حركة شعراؤها هل تذكرون نماذج من أدب تلك المرحلة؟
ج: صحيح كان للأدب السياسي وقع كبير، ولعب دورا حاسما فى كثير من المناسبات فى تلك المرحلة.. وتحضرني حاليا طلعة للأخ أحمد ولد اطفيل يحث فيها على ا لثورة وينتقد الأوضاع السياسية والاقتصادية.. والطلعة هي:
يالشعب أوع كافح لخطار == ال تغرين كل انهار
ثور اعل نظام المختار == الاستعماري والرجعيً
خيراتك نهب الستعمار == والشرايك الاجنبي
أمُعــدًلْ همزت وصل أعار== ابلد ما عندُ شخصي
والفكرْ الدخيل اجكارْ == يتمركز فيك ابكيفي
موريتانى لازمه تات == تتحرر من مخلفات
الاستعمار أمستوردات == ذ الافكار الماركسي
اللينيني والنزْعات == والصين الماوتسنكي.
س: تم اتهام بعضكم فيما بعد (فترة الرئيس هيداله) بأنه تلقى أموالا من الدولة الليبية، هل كانت تصلكم تمويلات أو هدايا من الدولة الليبية أو المصرية؟؟
لا. أبدا. لم تكن لنا أي صلة بالخارج لا بالدولة المصرية فى أيام عبد الناصر ولا بعده، ولا بالدولة الليبية وكل الاتهامات التى وجهت لنا كانت عارية من الصحة ولم يستطع موجهوها إثباتها لا بالأدلة المادية ولا بانتزاع اعترافات منا رغم كل أنواع التعذيب والترهيب التى مورست علينا.
س: وما هي أوجه الصرف؟؟
ج: أوجه الصرف تنحصر أساسا فى تأجير بيوتات للطلاب وشراء الكتب المدرسية لهم إضافة إلى تنقلات بعض الأعضاء فى مهام سياسية كتوزيع المناشير فى المناطق إلخ..
س: هل كانت لديكم خطة عمل مرسومة بشكل واضح؟
ج: نعم كانت لدينا خطة عمل تتمثل أساسا فى توسيع العمل الحركي وتشكيل خلايا تنظيمية فى بعض المناطق، وتكثيف الضغط من أجل حمل الحكومة على تلبية المطالب.
س: هل كنتم تقومون بتجديد أعضاء لجنة العمل، وهل كانت لها فروع فى الداخل أم كانت مقصورة على العاصمة نواكشوط؟؟
ج: نعم كنا نقوم بتجديد أعضاء اللجنة دائما، وبتعويض كل عضو يتم تحويله إلى الداخل، ولم تكن عضوية اللجنة تعنى شيئا بالنسبة لنا، وفى الفترة التى قضيتها عضوا فى اللجنة تم استبدال العديد من أعضائها، ودخلتها أوجه شبابية أذكر منها الكورى ولد احميتى وسيدى محمد ولد ببكر إضافة إلى آخرين لا تحضرني أسماؤهم.
بالنسبة لي خرجت من اللجنة بعد تخرجي من مدرسة تكوين الأساتذة (لنس حاليا) وتحويلي إلى ثانوية العيون السنة الدراسية 74 75 .
س: من تذكر من الأعضاء الذين بقوا بعدك فى اللجنة؟
ج: من سنة 74 إلى 77 كانت واجهة الناصريين محصورة فى القادة الموجودين بانواكشوط من أمثال محمدن ولد التمين وأحمدَ ولد مد الله وأحمد ولد الطلبه والطالب ولد جدو وكانوا يراسلونني أنا وخطرى ولد اكوهى بالمستجدات.
س: ماذا قمتم به بعد تحويلكم إلى ثانوية العيون وهل وجدتم ضمن طاقم التدريس بعض زملائكم من الناصريين؟؟
ج: وجدت أمامي فى مدينة العيون الأخ المناضل أحمد ولد اخليفة ولد جدو مراقبا عاما فى الثانوية وشكلت أنا وهو خلية عمل كان لها أثر بارز فى تكوين القيادات الناصرية التى درست فى مدينة العيون قلعة النضال والصمود.
س: من تذكر من طلابك الذين كان لهم دور بارز فى الحركة الناصرية بعد ذلك؟؟
ج: (يضحك) أذكر العديد منهم لكن الظروف لم تسمح بعد بنشر أسمائهم، شأنهم فى ذلك شأن الطلاب الذين درستهم فى ثانويات تجكجه وبوكي ونواكشوط وتكوين المعلمين... وسياتى ذلك اليوم الذى تسمح فيه الظروف بنشر أسماء من ضحوا بأنفسهم وأموالهم فى سبيل الوطن وثوابته.. ولا يفوتني هنا أن أترحم على أؤلئك الذين قضوا فى سبيل خدمة الوطن من أمثال الضباط : محمد الأمين ولد أحمد ولد المختار من الدرك واعمر ولد عبد الرحمن من الحرس وعمار ولد عبد الله طبيب وغيرهم.
س: هل كنتم على علم بانقلاب 78 وهل تم الاتصال بكم؟؟
ج: كنا على به .. ومرة استدعاني أنا والأخ أحمد ولد اخليفة ولد جدو الأستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل رحمه الله وكان شديد اللهجة ضد نظام المختار دون أن يحدثنا عن الإنقلاب وعندما خرجنا من عنده قلت لزميلي: ولد ابريد الليل هذا على علم بقرب نهاية النظام وفى صبيحة اليوم وقع انقلاب العشر يوليو.
س: هل اتصلت بكم اللجنة العسكرية بوصفكم حركة سياسية فاعلة؟؟
ج: لا أتذكر ذك ... ما أذكره هو أن اللجنة العسكرية شكلت لجانا من ضمنها لجنة ثقافية يرأسها وزير الداخلية جا أمدو، وكنت أنا والطالب ولد جدو والكوري ولد احميتى نناقش معه ما سيعرف فيما بعد بــإصلاح 1979 وكان يسعى دائما فى حديثه معنا إلى التقليل من شأن العربية فقلت له ذات مرة أنت فى بوكى تدرس أبناءك اللغة العربية وتنفق عليهم من جيبك من أجل أن يتعلموها فسقط فى يده لأنه لم يكن على علم بأني كنت أستاذا فى ثانوية بوكى وأعرف تفاصيل حياته الخاصة هناك.
س: كيف كنتم تنظرون إلى قادة الانقلاب الجدد وهل كنتم تعلقون عليهم آمالا فى تحقيق مطالبكم؟؟
ج: لم تكن هناك نظرة موحدة وإن كان البعض يرى أن من بينهم من سيرفع من قيمة اللغة العربية وسيكون أبعد عن النظام الفرنسي وأزلامه، وبالنسبة لي شخصيا لم أتوقع منهم الكثير لأنهم فى النهاية ضباط ثكنات هزموا فى الحرب فانقلبوا على رئيسهم، ولا توجد عندهم إطلاقا نظرة ولا خطة لتسيير الدولة وهو ما برهنت عليه تجربتهم فيما بعد.
س: كيف كان تقييمكم لإصلاح 79 وهل تم التشاور معكم بشأنه؟؟
ج: ما يسمونه بــ"إصلاح 79" شكل بداية الانتكاسة المدوية التى عرفها النظام التربوي الموريتاني فى ظل النظام العسكري، ولم نشرك فيه، ولم تكن لنا به صلة.
س: كنتم ضمن أول دفعة من الناصريين تسجن فى عهد الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيداله.. هل كنتم تعارضونه أو تسعون لتقويض حكمه؟؟
ج: بالنسبة لمعارضته نعم كنا نعارض سياسته التدميرية وندعوا إلى إلى إنقاذ البلد من التدهور الاقتصادي الذى يعيشه. أما فيما يخص تقويض حكمه فلم تكن لدينا حيلة لذلك؟؟
س: النظام اتهمكم بأنكم كنتم فى لقاء مع مسؤول ليبي تبحثون سبل الإطاحة بالنظام وأنه زودكم بمبالغ مالية كبيرة لتنفيذ خطة انقلابية؟؟
ج: النظام اعتقلنا مساء الثانى عشر دجمبر 1980ونحن خمسة مدنيين هم: سيدى محمد ولد العيل أستاذ والطالب ولد جدو صحفي والسني عبداوه مسؤول ثقافي وسيدي ولد محمد عبد الله مفتش تعليم والمتكلم أستاذ وكنا نستقل سيارة الطالب ولد جد متجهين إلى منزله... اعتقلونا وذهبوا بنا إلى المفوضية المركزية ومن ثم إلى مقر الإطفاء فى لكصر، ولم يبخلوا علينا فى شتى صنوف التعذيب طيلة 12 يوما .. خضعنا للتحقيق مع خمسة مفوضين: اند حبيب ودداهى ولد عبد الله وخرشى واسماعيل ولد محمد يحظيه وانكرانى. وكانوا يسألوننا دائما عن علاقتنا بليبيا فنرد عليهم بأن لا علاقة لنا بليبيا.
بعد هذه المدة سئموا من الحصول على أي اعترافات، وجرى الحديث عنا فى مجلس الوزراء وتقرر بعدها وضعنا تحت الإقامة الجبرية فتم نفينا إلى المدن التى نحدر منها ... أنا وسيدى محمد ولد العيل وسيدى ولد محمد عبد الله تم نفينا إلى المجرية والطالب إلى تامشكط والسني إلى أطار. مكثنا هناك حتى جاءت محاولة 16 مارس الفاشلة والتى سقط فيها أحد السجانين... بعدها بثلاثة أيام جاءنا والى تكانت ولد ابوه واجتمع بنا فى منزل حاكم المجرية وأخبرنا بإطلاق سراحنا فتوجهنا إلى أهالينا فى نواكشوط.
س: ولكنكم اعتقلم بعد ذلك بثلاث سنوات فى نفس الشهر.. فما الأسباب؟؟
ج: صحيح .. اعتقلنا فى بداية مارس 1984 وأضيف إلينا أحمد ولد الطلبه والداه ولد اخطور،هذه المرة لم توجه إلينا اتهامات ولم نخضع للتعذيب وتم نفينا إلى أماكننا السابقة وبقينا هناك حتى وقع انقلاب 12 – دجمبر 84.
س: هل كانت لكم صلة بمنظمي انتفاضة 84 وهل سألوكم عنهم؟؟
ج: لا. لم يكن لدينا تنسيق مع الجماعة التى دبرت انتفاضة 84 ولم يسألونا عنها.
س: أين أنتم بعد انتفاضة 84 وتداعياتها؟؟ (سؤال ينبغى أن يطرح على الجميع.. حسب رأي زميلكم سيدى محمد ولد العيل)
ج: بعد انتفاضة 84 وسقوط النظام الهيدالي جاء نظام ولد الطايع وفتح قنوات اتصال مع الناصريين، توجت بترسيم اللغة العربية فى الدستور، واتخاذ مواقف تقدمية من مجمل القضايا التى حدثت فى بداية عهده.
س: هل حصلتم على تعيين خلال مشواركم المهني؟؟
ج: تم تعييني فى نهاية الثمانينيات مديرا مركزيا فى كتابة الدولة لمحو الأمية وتمت إقالتى منها بعد سنة ونصف.
س: وماذا عن الوظائف الانتخابية؟؟
ج: لم أتقلد وظيفة انتخابية يوما رغم أني ترشحت ضمن اللائحة البرتقالية التى قدمها الناصريون فى بلديات تسعين، وكنت على رأس لائحة الميناء إلا أننا لم يحالفنا الحظ بسبب ضعف الوسائل، والتزوير، ووقوف الدولة إلى جانب لائحة القوى التقليدية بقيادة الإداري الداه ولد الشيخ.
كما ترشحت بعد ذلك فى المجرية عن حزب التكتل ولم يحالفني الحظ نتيجة لنفس الأسباب السابقة.
س: وماذا عن دوركم فى الأحزاب؟؟
ج: كنت عضوا مؤسسا فى الحزب الجمهوري، وتوليت،إلى جانب الأخ إزيد بيه ولد محمد محمود، إعداد وثيقة التوجيه لنفس الحزب.
س: ولكنكم استقلتم من نفس الحزب فى سبتمبر 97 فما هي أسباب تلك الإستقالة؟؟
ج: فعلا .. استقلت ضمن مجموعة من زملائي هم: أحمدَ ولد مد الله وسيدى أحمد ولد لبات والخليل ولد الطيب ومحمد محمود ولد الشيخ، وبعد استقالتنا بساعات قدم الأخ محمد الأمين ولد الناتى استقالته من الحزب، ومن منصب مدير ديوان كاتب الدولة للاتحاد المغاربي، لتتوالى بعد ذلك الاستقالات من الحزب ومن الوظائف.
أما بخصوص دواعى الاستقالة فمنها أننا شعرنا بأن نظام ولد الطايع بدأ يتراجع عن مواقفه التقدمية ويرتمي شيئا فيشئا فى أحضان السياسات الغربية، وأن الدول الغربية بدأت تملى عليه شروطها المجحفة اقتصاديا واجتماعيا وبدأ يفقد البوصلة فالأوضاع الاقتصادية تسوء يوما بعد يوم، والبنك الدولي يعبث بمقدرات البلد من خلال تخفيض العملة الوطنية، والولايات المتحدة تفرض إقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وفرنسا تعمل على وضع يدها على النظام التربوي الوطني، وهو ما تجسد فيما سموه بــإصلاح 1999 المدمر.
كل هذه السياسات الخرقاء جعلتنا نعلن القطيعة مع نظام ولد الطائع، ونتجه صوب المعارضة عل وعسى.
س: انتميتم إلى حزب اتحاد القوى الديمقراطية المعارض فتم حله وشكلتم مع قيادته حزب التكتل لكنكم غادرتموه بسرعة فما هي الأسباب؟؟
ج: نحن انسحبنا من الحزب الجمهوري ودخلنا فى أكبر أحزاب المعارضة، وكنا نأمل أن تكون هناك بنية حزبية تقوم على أسس الحزبية الحقيقية، بعيدا عن الاعتبارات التقليدية، وهو ما لم نجده فى حزب التكتل الذى ساهمنا فى تأسيسه، وشاركنا بفعالية فى أول انتخابات بلدية يخوضها، حيث أسندت إلينا بلديتي اتيارت ولكصر، ففاز مرشحنا فى اتيارت العمدة محمد سالم ولد بمب، وحقق مرشحنا فى لكصر الأستاذ الشيخ المعلوم مكاسب جيدة.
بعد تلك التجربة الغنية، فتحنا نقاشا تقييميا أسفر عن اتخاذ قرار بالانسحاب من التكتل، وبعد ذلك توجه بعضنا إلى حزب التحالف الشعبي التقدمي، وبعضنا بقي ينتظر وجود الحزب المناسب له وكنت منهم.
سؤال أخير:: أين أنتم اليوم فى الخريطة السياسية؟؟
ج: أنا اليوم إمام مسجد فى قريتي: انتاكش التابعة لمقاطعة المجرية بولاية تكانت، متفرغ للكتب والتدريس. وما زلت على قناعاتي واهتماماتي، وأتابع حديث القوم عن إصلاح التعليم الجديد، وأرجو أن لا يكون مثل سابقيه، وأن تتم فيه إعادة الاعتبار للغة العربية وللتربية الإسلامية، وأن يمكن فيه الأطفال من التحصيل بلغتهم الأم طبقا لما توصى به جميع الدراسات التربوية العالمية. وأشكركم.
وكالة الرائد: شكرا سيادة العميد
أجراى الحوار: أفلواط الداهى