لماذا ضاق العالم ذرعا بالجائحة القاتلة، ولم يضق ذرعا بجوانح القتل المستمر في الوطن العربي منذ ثلاثة قرون؟ !
.
لسنا الوحيدين في زمن العولمة الامبريالية، وجائحتها، وهما تحاصران الكون بمن فيه، لاحتواء ما فيه، وهو ما يفرض على الجميع أن يفكر إنسانيا كل في موقعه بحياته ، ومصير الآخرين من حوله، أو من بعيد عنه، من الأهل، والجيران، والأحبة، والمواطنين، وأبناء الأمة، الى الإنسانية جمعاء.
وهنا اصدقكم القول إن العيون تظهر مفتوحة على نوافذ في مجاهل دخيلائها، وهذا تصويب على مساحة غير مضيئة، لذلك فنحن حين نكتب عن الوطن، وعن التطلعات للمستقبل، نكتب عما نكرهه في حاضرنا، ونمقته، ويتمنى كل منا، وهو يشاهد حالات عُصابية كونية، لو أن المسافة التي بيننا، وبين ما نكره: أقرب من التي بين القلم، والورقة التي " يخربش" عليها الواحد في مكانه، وذلك من اجل ان يتمكن من اقتلاع ما يعيق حياة أبناء الوطن العربي في وعيهم المتخلف، ورواسبه في السلوك الخاص المتداول في دورة السلوك العام، كقيم إستثنائية.
ولا بد أن احلام الفرد، والمجتمع، قد توارت في آفاق الضجر، القلق، الشيئية،، ومن استرجاعها لمظاهر الضياع، وغياب حقوق المواطن التي تداس بمكابح التدمير المفعًلة من أحرق مظاهر التمدين في بلادنا العزيزة، كما تعرض يوميا في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي اخبار الاحداث اليومية التي توحد الوطن العربي في مآسيه : كقتل ستة أشخاص من الحراس، ومدني في مجارى المياه الصحية في الجزائر العاصمة،، الى جانب مظاهر التناص الوهمي في "وعي" الأحياء في مهرجانات التوعية والتحسيس قبل مواسم الانتخابات التي يقوم بها حزب النظام الحاكم في " بتلميت"، وغيرها، ومنها على ضفة المتوسط العربية، تلك المظاهر من مساحيق الفرح في الوجوه الكئيبة للسجناء، وهم يخرجون من سجون مدينة " الزاوية"، وكأنها هي ذاتها المدينة الرائدة في الوعي القومي التي قاد ابناؤها المظاهرات من مدينتهم الى القاعدة العسكرية الأمريكية في طرابلس احتجاجا على تدخل أمريكا في الحرب الى جانب الصهاينة في العام 67.!
كما يترمد وعينا العربي في المجال المجهول تماما ، كمصير ابناء الموصل من أحفاد ثورة 21 ، وهم يعانون في سجون البصرة، ويشترون بالتقسيط من السجان بمقتضى قوانين الديموقراطية الامريكية بعد احتلال العراق،،
وهي ذات الكوابح التي قتلت المئات في صدام القطارين في مصر، وكان ضحاياها بالمئات، اكثر ممن استشهد في معركتي" رشيد، وحماد" في بداية الاحتلال الانجليزي لمصر في العام في 1807م.، ومذبحة الاسكندرية التي قام بها القنصل الإنجليزي للدفاع عن الجالية الأوروبية في مصر، ما برر تحالف خليفة المسلمين في " الاستانة" مع الإنجليز للقضاء على الثورة العرابية في العام 1882.
أليست هي العدمية الشيئية في تقييم الحياة للانسان العربي في هذا الزمن الرديء التي حولت الأحلام إلى كوابيس مرعبة، وسوداوية، وإيلاما، فيما نقرؤه في تاريخنا القريب، ونشاهده في واقعنا اليومي، وكأن القدر الالهي بمشيئته التي لا اعتراض عليها في ما عممت من الجوائح الإرادية على رأي الاشاعرة، لتمكين المحنة الراهنة منا ، فتضاعفت الجاوائح العربية التي تطالنا في زمننا العربي منذ الاحتلالات الدوارة على مجتمعاتنا، فقطفت ــ وتقطف ــ الأمل في في المجتمع العربي بهذا " اتسونامي" المكرور الذي استهدف ــ ويستهدف ــ الثوار: والعزل من المدنيين، والقرويين الابرياء،، وبقى القتلة، والمهزومون إراديا من أمثالنا، كما بقى السياف مدرجا بدماء ابريائنا،، وهنا ستسأل نفسك بحرقة، فمتى يأتي الزمن الذي يتوقف فيه هذا الإذلال، التركيع، والموت الرخيص جراء جوانحنا العربية ؟
فالمقارنة بين مظاهر الجوائح، وازمنة الجوارح على أيدي القتلة الاحتلاليين، تختزل الأزمنة الاحتلالية في ذاكرتنا في ذكرى يوم الارض في فلسطين قبل اربعين سنة، ولا من جديد في قتل الشاب العربي أمام منزله في حيفا بالأمس، وهو بمعنى ما، وإن بدرجة ليس أقل منه امتهانا في قتل الكرامة، ووأد الوعي في أماكن أخرى من وطننا الذي يغتال تحت قهر الاختيار احيانا،،
ومن لا يقرأ في كتاباته أي تفسير معرفي لذلك، أو تأوي ايديولوجي، أو رامز لصيرورة التقتيل في الحياة العربية، فهو مفقوء العينين،بصير بلا بصيرة!