منتصف العام 2003 كان لي الشرف بالتعرف على السيد محي الدين احمد سالك، المدير العام لشركة توب تكنلوجي، كنت حينها ابحث عن عمل بعد تخرجي من الجامعة، أرسلت سيرتي الذاتية وقابلته شخصيا في مكتبه الموجود بالطابق الأول ولا أنسى الانطباع الأول الذي بقي في ذاكرتي عن الرجل من صرامة وطموح ودقة في العمل ومثابرة
.…..
عملت لسنوات في المؤسسة وكانت علاقتي قريبة بالرجل وتبين لي يوما بعد يوم ان هذا الرجل لديه من الطموح والعبقرية في مجال قطاع الأعمال وخلق المشاريع ما يجعله بعيدا بمسافات ضوئية عن باقي رجال الأعمال.
في العام 2011 كانت مشكلة توفير مطار دولي لموريتانيا بالمعايير الدولية مطروحة بإلحاح في ظل غياب التمويل وهي مشكلة في الحقيقة مطروحة منذو سبعينيات القرن الماضي، حيث وصل أقل عرض تم تقديمه لبناء المطار مبلغ مليار ومائتان واربعون مليون دولارا $1.240.000.000 ويمكن التأكد من هذا المبلغ بالإتصال بالوزارة الوصية أي وزارة التجهيز والنقل. في ظل هذا التحدي إرتأت الدولة الموريتانية أن تدخل في شراكة مع القطاع الخاص ممثلا في شركة النجاح للأشغال الكبرى لبناء مطار دولي يليق بسمعة الوطن.
وتم الاتفاق على حل مشكل التمويل بأن يتم منح أراضي في المطار القديم ومنطقة صكوك للشركة على أن تتولى دراسة وتنفيذ المشروع وتسليمه للدولة الموريتانية بصورة متكاملة.
كيف تم بناء المطار،
في كلمة واحدة لقد تجلت عبقرية السيد محي الدين ولد احمد سالك في التمسك ببناء المطار رافعا راية التحدي، حتى ولو كلفه ذلك التضحية بما تملكه مجموعته التجارية القائمة منذو ستينيات القرن الماضي، نظرا لضخامة الاستثمار وصعوبة تنفيذه والتحديات الفنية المحيطة به.
لن أنسى الزيارات الميدانية للمنطقة بغية تحديد المكان الجغرافي للمطار والصعوبات الفنية واللوجستية من عدم توفر الآليات والمواد الضرورة لبدأ الأشغال، فالحجارة سيتم استجلابها من إينشيري على بعد 200 كلم، التربة الجيدة للبناء سيتم استجلابها من 70 كلم شمال نواكشوط، أضف إلى ذلك أن كل التجهيزات الخاصة بالمطار من معدات ثقيلة وتجهيزات كهرباء ومياه وأنظمة مكافحة حرائق وأجهزة خاصة كل ذلك سيتم استجلابه من الخارج وبالعملة الصعبة.
كان على المجموعة وشركائها ان يتحملوا تكلفة بناء المطار في ظل عدم توفر السيولة الضرورية لذلك فلا أسعار الأرض تسمح بتوفير هذا الحجم من الإنفاق، في ظال الكساد وضعف الأسعار، وكانت شركة اسمنت موريتانيا من أوائل المتضررين من ذلك فخلال أربع سنوات كان عليها ان توفر ما معدله من 300 إلى 400 طن يوميا من الإسمنت لتشييد المدرجات وكذللك البناءات المختلفة في المطار...... الحديث هنا لا يتسع للكتابة عن مشروع المطار وحجم الخسارة التي لحقت بمجموعة أحمد سالك ولد ابوه بسببه.
الناظر بتجرد لما آلت إليه الأحكام القضائية فيما بات يعرف بملف فساد العشرية، سيجد أن الرجل تم الزج به في قضية هو فيها الضحية، لا أعرف لحساب من، لكن ما أنا متأكد منه أن محي الدين أحمد سالك لم يستفد من صفقة المطار إلا تراكم الديون والمشاكل، وفي المقابل بقي مطار ام التونسي شاهدا على عظمته وتفرده من بين كل رجال الأعمال. كان على الدولة أن تقدم الدعم للرجل وتدخل في شراكات معه لبناء مشاريع بنى تحتية عملاقة لا يزال البلد بحاجة ماسة لها.
مع قناعتي بتبرأة القضاء للرجل، أقول لفريق القضاة الذين وجهوا له تهمة المشاركة في تبديد ممتلكات الدولة العقارية، سيسجل التاريخ حجم الظلم الكبير الذي ألحقتم بالرجل.
المهندس
محمد الحسن