شاب موريتاني لديه علاقات دولية قوية وذات مصداقية؛ قرر أن يوظفها لصالح بلاده غداة تولي الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الشيخ محمد احمد مهامه كرئيس للجمهورية قبل سنة ونيف من الآن.
.
انطلق الشاب من كتيب "تعهداتي" الذي هو البرنامج الانتخابي للرئيس الموريتاني لمأموريته الرئاسية. واختار مشروعين مصيريين واردين في الكتيب تتجاوز قيمتهما 500 مليون دولار أمريكي.
فجهز لهما التمويل الكامل 100% والتنفيذ الكامل 100% على أن تكتمل الأشغال فيهما قبيل انتهاء مأمورية الرجل فينعم بهما الموريتانيون ويضعهما الرئيس في سجل منجزاته.
ومن أجل ذلك استنفد الرجل جهود أشهر طوال حتى يجيب الوزراء المعنيون بالمشاريع على مجرد رسائل تم إيداعها في دفتر مراسلاتهم فضنوا بأجوبتهم إلا بعد تدخلات وتدخلات.
تأكد الشاب أن رئيس الجمهورية وافق مبدئيا على الأمر وأنه أعطى أوامره وبقيت خيطا في الهواء.
تعاقب وزير مع آخر خلال تلك الفترة وتواصل مسلسل النكوص والفشل والتقعر والتهرب، وتسلل الملل والخيبة إلى نفس الشاب وإلى من يقف خلفه من الممولين والمنفذين؛ والآن -وهو يحدثني بأسى- يريد أن ينقل التمويل إلى دولة غانا، ويقول لي بحسرة : مشكلتي العظمى أنني آمنت بالسراب وأن لا أحد غيري من الموريتانيين يمكن أن يجلب هذه الصيغة المتكاملة (تمويل وتنفيذ 100%) رغم أن المشروعين مفيدان ويمكن أن يعوضا الدين من خلال مداخيلهما دون اللجوء إلى خزينة الدولة.
لو لم يعطني الأدلة الدامغة مكتوبة على صدق دعواه لاعتبرته متسيسا يريد أن يقرص في جلد النظام الحالي؛ لكن الرجل صادق ومحبط من أناقة بعض الوزراء الموريتانيين الحاليين ونشاطهم أمام الكاميرات؛ وممارستهم للكذب والاختفاء حين يتعلق الأمر بالملموسات.
أجبته أنني على علم برسالة إدارية بسيطة تتعلق بترقية متأخرة لموظف عمومي، ومنذ 60 يوما لم يتم التعامل معها بحجة جائحة كورونا؛ في حين أن الوزارة التي تماطل في إحالتها حبلى بالمسؤولين وربطات العنق على "قلة الفائدة"
حوار صباحي شاحب من حوارات موريتانيا المتكررة مساء وصباحا دون بيانات ودون مؤتمرات صحفية، توشك أن تعصف بالتنمية والسياسة والثقة في الدولة إن لم يتم تداركها.
وهكذا نتوارث التقهقر في أصدق تجلياته ونخادع أنفسنا ونغتال الأحلام لنصنع توابيت جديدة للمسؤولية والحرية والوطنية؛ فننشغل بملف جنائي صغير ومباحثات سياسية جزئية عما ينفع الناس ويمكث في الأرض؛ فطوبى لغانا وغيرها بشبابنا وعلاقاتهم وخبرتهم، والويل والثبور لمسؤولينا الكذابين الخونة.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا