بالأمس عرف المشرق بلادنا من خلال الشناقطة، فهل سيعرفها اليوم الغرب من خلال "الموريتاني"؟
.بدءا لابد من القول بأنه لا وجه إطلاقا للمقارنة من حيث المحتوى بين ما كان يقدمه الشناقطة في الماضي، وما يمكن أن يقدمه اليوم فيلم "الموريتاني"، ووجه المقارنة المستخدم هنا يقتصر فقط على مستوى الانبهار، فلكل قوم ما يبهرهم، فإذا كانت علوم الفقه واللغة هي ما كان يبهر المشارقة في الماضي، فإن الكتب والسينما هي مما يبهر الغرب في أيامنا هذه. من هنا يمكن القول بأن ما يقدمه اليوم المهندس محمدو ولد صلاحي من خدمات للتعريف بموريتانيا في الغرب لا يقدر بثمن، ولا يُمكن أن يُقاس جهده في هذا المجال بأي جهد آخر. اللافت في الأمر أن بعض الأحداث الثقافية والرياضية، والتي لا يتعدى تأثيرها ـ إن وُجِد أصلا ـ دول المنطقة، قد تجد اهتماما محليا كبيرا كما يحدث في أيامنا هذه، وذلك في الوقت الذي يغيب فيه ـ وبشكل شبه كامل ـ أي اهتمام بفيلم "الموريتاني" الذي بدأ عرضه في دور العرض العالمية في يوم 12 فبراير 2021.
إن ما يحدث الآن من عدم اهتمام محلي بفيلم "الموريتاني" يُذكر بما حدث سابقا مع كتاب "يوميات غوانتانامو"، وهو الكتاب الذي كان قد نال شهرة عالمية كبيرة، فتُرجم إلى ما يُقارب 30 لغة عالمية، وتصدر قائمة "نيويورك تايمز" للكتب الأكثر مبيعا في العالم.
بفضل كتاب "يوميات غوانتانامو" اكتسب المهندس محمدو ولد صلاحي شهرة عالمية كبيرة، وستزداد تلك الشهرة مع فيلم "الموريتاني"، فلماذا لا تستغل الدولة الموريتانية هذه الشهرة للتعريف بها، وللتحسين من صورتها في الغرب؟
إن هذه الشهرة العالمية التي اكتسبها المهندس محمدو ولد صلاحي بكتابه وفيلمه، هي شهرة لموريتانيا، ويكفي أن نذكر بأنه ولأول مرة في تاريخ هذه البلاد أصبحنا نحلم بإمكانية حصول أحد مواطنينا على جائزة نوبل، كما أصبحنا نتحدث عن إمكانية حصول فيلم يحكي قصة موريتاني لبعض جوائز الأوسكار.
صحيحٌ أن سمعة جوائز نوبل والأوسكار ليست بالسمعة الحسنة، خاصة في بلاد العرب والمسلمين، ولكن الصحيح أيضا أن هذه الجوائز كسبت شهرة عالمية كبيرة، مما يعني أنه إذا حصل الكتاب أو الفيلم على إحدى تلك الجوائز، فإن ذلك سيشكل أكبر دعاية لموريتانيا في الغرب.
خلاصة القول هي أن هناك عوامل كثيرة تتوافر اليوم في المهندس محمدو ولد صلاحي تؤهله ـ وبجدارة ـ لأن يصبح سفيرا لموريتانيا في كل بلاد الغرب، وما يمكن أن يقدمه اليوم هذا المهندس من خدمات للتعريف بموريتانيا، ولتسويقها إعلاميا وثقافيا، ولتحسين صورتها في مجال حقوق الإنسان في الغرب لا يمكن أن تقدمه أي سفارة أخرى حتى ولو أنفقت عليها الدولة الموريتانية ملايين الدولارات، فلماذا لا تستغل الدولة الموريتانية شهرة أحد مواطنيها للتعريف بها ولتحسين صورتها في الغرب؟
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل