قبل التطرق إلي مواضيع الحلقة الثانية من مواقف في مسيرتي الصحفية ،ألفت الانتباه الى ثلاث ملاحظات هي:
.الملاحظة الأولى،هي أنني سأذكر بالأسماء ،كما حصل في الحلقة الأولى ،من سعوا لي في الخير أما الذين سعوا لي في الضرر ماديا أو معنويا بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو اتهموني جزافا ،فأولئك موعدنا بين يدي مليك مقتدر في في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة،
الملاحظة الثانية ، هي أنني واكبت عن قرب بطبيعة عملي وحبي للتطلع، جميع الاحداث الموريتانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية علي مدي أربعة عقود وأحتفظ من خلال ذاكرتي القوية لله الحمد وبالوثائق والصور، ارشيفا هائلا عن هذه الفترات، أسأل العلي القدير أن يقدر لي كتابة منه ما ينفع الناس،
الملاحظة الثالثة،هي أن دوافعي لنشر نماذج من مواقف تعرضت لها أثناء مسيرة مهنية تواصلت 38 سنة ،كما يتعرض كل شخص في مسيرته المهنية لمواقف معينة تبقي علاقة في ذهنه ،حسب طبيعته وطبيعة عمله ،هو للاستدلال علي مدي تعلقي بمهنة الصحافة واعتزازي بها و لأبين هول معاناتي في سبيل خدمتها وذلك للتأكيد على شدة أسفي على اعتزالها. ويخطئ من سيظن أنني أريد أن اعطي صورة عني غير الصورة النمطية التي يحتفظ لي بها كل فرد ،سواء كانت تلك الصورة ايجابية أو سلبية ،لأنني لا أشعر بأن لأحد علي منة تجعلني مطالب بتبرير له مواقف في حياتي المهنية ،كما أنني لم أكن نادما على أي موقف اتخذته ،لأنني حرصت دوما على أن اتخذ مواقفي من جميع القضايا علي أساس قناعتي وما يرضي ضميري قبل الآخرين ، تطبيقا لفلسفتي في الحياة المبنية علي أن الإنسان السوي يجب أن يحترم نفسه قبل أن يطالب الناس باحترامه.
في هذه الحلقة سأتعرض لنماذج مختلفة من بعض القضايا التي طبعت حياتي المهنية ومنها:
01 ـ ممارستي للعمل الصحفي (الريبورتاج) يوميا دون انقطاع طيلة 38 سنة ،و لم أستفسر أبدا عن خطأ في خبر نشرته أو عن عدم انضباط أو عن تخلف عن العمل ،بل حصلت علي رسائل تهنئة مكتوبة ،كما لم أستخدم أية مادة إعلامية خارج النشر المألوف.
وكانت جميع العقوبات التي تعرض لها بسبب أرائي وكشف حقائق تزعج السلطة القائمة حينها ،حيث كانت أول عقوبة هي منعي من الكتابة في جريدة الشعب التي كنت اتعامل معها لإعداد ركن بعنوان "اصداء المدينة "1887 بعد نشري لتحقيق يتعلق بدور الدعارة في نواكشوط.
أما العقوبة الثانية، فكانت أول استفسار اتلقاه ويتعلق بطرحي لسؤال محرج علي وزراء في الحكومة الموريتانية في مؤتمر صحفي يتعلق بقرار تخفيض قيمة الأوقية 1992 والعقوبة الثالثة هي، قرار من والي كوركل بطردي من الولاية التي كنت مراسلا فيها في تسعينيات القرن الماضي بسبب احتجاجه علي الاخبار التي أنشر عن الولاية والغريب أن قرار الوالي جاء بعد أسبوع واحد من حصولي علي تهنئة مكتوبة من المدير العام للوكالة الموريتانية ،تصنفني أحسن مرسال لتلك السنة.
أما أم العقوبات، فهي طردي التعسفي من العمل بتاريخ 23 مايو 2012 وحرماني من جميع حقوقي بعد 36 سنة ونصف من العمل المتواصل بسبب تحقيقاتي في الصحافة الحرة عن صفقات الفساد في ظل نظام ولد عبد العزيز ونشر تصريحاته التي يتهجم فيها علي الدول ونشر الخلافات داخل الحزب الحاكم.
وأذكر هنا بأن ولد عبد العزيز كان قد حاول استغلال حادثة الاعتداء علي في مسيرة FNDD 2009 ،حيث قال في خطابه بمناسبة تنصيبه رئيسا لحزب الاتحاد في مؤتمره التأسيسي بتاريخ بتاريخ 05/05/2009: "إن الاعتداء على الصحفي ماموني ولد المختار ،عمل غير أخلاقي ،يتنافى مع القيم الديمقراطية و الإنسانية ،وينم عن وصول القائمين به إلى مرحلة العجز واليأس وإنني باسمكم جميعا أدين هذا الاعتداء وأعلن تضامني مع الصحفي ماموني ولد مختار ".
وفي اليوم الموالي اتصل بي النائب محمد علي شريف ،الرئيس المؤقت لحزب الاتحاد ،قبل مؤتمره التأسيسي ورئيس فريقه البرلماني وابلغني أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز مستعد للقائي وعلي القدوم عليه ليحدد لي موعد اللقاء فأجبته بأنني اشكره علي تضامنه معي أما اللقاء به في هذه الظروف فلا دعي له لأنني لا اريد ان يستغل حادث الاعتداء علي في التجاذبات السياسية الحالية بين ولد عبد العزيز وخصومه السياسيين في وجه الانتخابات.
فكان رد علي محمد علي شريف: "تساوي بين ولد عبد العزيز ،الذي تضامن معك رسميا والمعارضة التي اعتدي عليك منها انصار ولد داداه"، فأجبته بقولي : "اعتداء علي انصار ولد داداه هو سبب تضامن معي ولد عبد العزيز ورغبته في اللقاء بي فلولا ذلك لما ذكرني علي طرف لسانه".
وفي هذا الموضوع ألفت الانتباه الي أنني تعرضت لأبشع حملة من طرف المعارضة والنظام معا، حيث صنفتني المعارضة في تصريحات بعض قادتها وفي بيانات بعض منظماتها بالعميل للنظام وضغط علي النظام لقبول استغلال قضيتي ضد خصومه وهو ما رفضته رغم جميع الاغراءات والتهديدات وهنا أسجل الاعتراف بالجميل للمدير ولد بونا المدير العام حينها للوكالة الموريتانية للأنباء ،لذي رفض تنفيذ أمر بمعاقبتي أصدره إليه وزير الإتصال كما أعترف بالجميل لنقابة الصحفيين والحقوقيين علي مؤازرتي وأخص بالشكر النقيبين الحسين ولد امدو وذ/ أحمد سالم ولد بحبيني، كما أشكر ذ/ ابراهيم ولد أبتي علي تعهده بقضيتي أمام المحاكم دون أن أطلب منه ذلك.
02 ـ طيلة مساري المهني ، لم افشي أبدا مصدرا طلب مني التكتم عليه وأستشهد هنا بامتناعي عن البوح بأسماء النواب الذين نقلوا لي كلام رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز عن السعودية خلال لقائه بنواب الاغلبية والذي نشرته في وكالة انباء نواكشوط وكان السبب المباشر لفصلي تعسفيا من عملي في الوكالة الموريتانية للأنباء.
وقد طلبت مني جهات رسمية التصريح بمصادري لما نشرت عن ما دار في الاجتماع لتفادي العقوبة ورفضت ذلك.
03 ـ طيلة مساري المهني ،في الوكالة الموريتانية للأنباء ،لم اتقلد أية مسؤولية ،حيث كان أول امتياز أحصل عليه في شهر اكتوبر 2007 عندما عينني المدير العام موسى ولد حامد (أشكره علي ذلك) من ضمن المنتجين الكبار ،مما خولني الحصول علي بعض الامتيازات ،التي قضي عليها سلفه في شهر يناير الموالي من عام 2008.
04 ـ طيلة مساري المهني ،لم أصافح أبدا محمد ولد بوعماتو ولا اشريف ولد عبد الله ولا عبد الله ولد انويكظ وابنه محمد ولا أمثالهم من رجال اعمال البلد الذين كانت الصحافة تتسابق اليهم ،كما لم اطرق باب أي مسؤول مهما كان أطلب منه اكرامية أو مساعدة ،فالوالي الوحيد الذي منحني قطعة أرضية والتي اسكنها اليوم في تيارت، هو محمد ولد ديدي وقد سلم لي وثيقتها في سيارته أمام قاعة الشرف دون أن أطلبها له ودون أن أدخل مكتبه.
05 ـ طيلة مساري المهني ،لم أقم بأي عمل يخالف القانون الموريتاني أو يتنافى مع اخلاقيات الصحافة ولم استغل صفتي الصحفية خارج العمل المهني ،فلم أبرز ولو مرة واحدة بطاقتي المهنية لتسهيل مهمة أو لتفادي عقوبة ولم أستقل سيارتي اذا كانت أوراقها غير مكتملة،
06 ـ طيلة مساري المهني ،لم اربط أية علاقة مع سفارة أجنبية فلم أدخل ابدا سفارة إلا في اطار العمل عندما كنت مكلف بالقطاع الدبلوماسي في الوكالة في ثمانينيات القرن الماضي.
وأذكر هنا إنني عندما كتبت 2011 تحقيقا عن الإستثمارت القطرية في موريتانيا بعنوان "استثمارات قطر في موريتانيا: طمع المسؤولين والتحول الدبلوماسي يقفان في وجه تنفيذها" والذي أثار غضب النظام واتهمت بأنني كتبته خدمة للقطريين ،كما كتب بعضهم في تعليقاته علي الموضوع في تقدمي، قال لي الزميل عبد الودود الجيلاني (أبو معتز) مسؤول الإعلام في السفارة القطرية ،إن السفير استدعاه وسأله عن هل يعرف الصحفي الذي كتب هذا التحقيق ،فأجبه بأنه يعرفني فرد عليه سفير بأنه هو لا يعرفه ولم يكن من بين الصحفيين الذين يزورون السفارة ويعلم الله أنه لصادق لأنني لم أدخل قط سفارة لقطر.
كما رفضت دعوة وجهها لي سفير السعودية عندما التقيت به في الملعب الاولمبي ،حيث قدمني له احد أصدقائه الموريتانيين بأنني الصحفي الذي نقل كلام ولد عبد العزيز عن السعودية فأبدي لي اسفه علي عقابي واخبرني بأنه تحدث مع ولد عبد العزيز حول الموضوع فاخبره بأنني كموظف في الوكالة الرسمية لا يحق لي أن أكتب ما كتبت وأنه سيعالج الموضوع ولم يكن يعتقد أن المعالجة ستكون بفصلي أنا ،حسب قول السفير السعودي ،الذي طلب من صديقه أن يرتب معي لقاء به ولم أهتم بالموضوع أبدا.
07 ـ طيلة حياتي المهنية دخلت ادارة المخابرات (BED) مرتين الأولي في بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما استدعاني شخص لا اعرفه وقدم لي بطاقته المهنية كشرطي وطلب مني مرافقته الي منزل ملاصق للغرفة التجارية ،كنت اعتقد أنه من ضمن بنايتها رغم أنه قريب جدا من مقر الوكالة حينها ،حيث اخبرني بأنه إدارة (BED) وقد أدخلني علي مديرها الأستاذ الفاضل الطالب أخيار ولد مامينا ولد الشيخ ماء العينين ،الذي استقبلي ببشاشة وقال لي بالحرف الواحد : "ماموني أنا أعرف نسبك وحسبك ،أنت من مجموعة قبلية محبة لأسرتنا وأعتقد أن ذلك هو سبب تسميتك ماموني ولذا قررت أن أشرف شخصيا عن استفسارك عن موضوع مهم وفي غاية الخطورة وهو علاقتك ب AMD" ووضع يده علي ملف أمامه ونظر الي وقال : "كل ما في هذا الملف يؤكد علاقاتك بهذه الحركة وأن نشاطاتك في هياكل تهذيب الجماهير وفي الصحافة كلها لتغطية هذه العلاقة وللحصول علي الاخبار لتزودها بها وأريد أن تصدقني وأنا لن أبخل في مساعدتك ".
فكان جوابي له ،أنني أعرف من حركة AMDالمصطفي ولد اعبيد الرحمن ولا أعرف سواه وأن علاقاتي به قوية جدا إلا أنني منذ غادر موريتانيا لم يحدث اتصال بيننا لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة وكل ما أعرف عنه هو ما يعرف الجميع من خلال وسائل الاعلام وأتمني له كل الخير.
وبعد أخذ ورد قال لي أنا سأصدقك لأنني لا أريد أن يلحق بك أذي لكن أوصيك بأن تحذر فهنالك من يريدون توريطك.
وعلي ذكر AMD، أتذكر أنني كنت في قاعدة التحرير 1980، لا أتذكر التاريخ بالتحديد وخرج المرحوم سيدي ولد الشيخ من مكتبه الفاتح علي قاعة التحرير وناداني وسلمني برقية لوكالة الانباء الفرنسية وطلب مني إيصالها الي محمد الامين ولد يحي الامين العام للأمانة الدائمة للجنة العسكرية وكان مقرها مبني مجلس الشيوخ حاليا وعندما قرأت البرقية اكتشف أنها تتعلق بإعلان تأسيس AMDوتتضمن ثلاثة اسماء هي : محمد ولد جدو و محمد عبد الرحمن ولد امين والمصطفي ولد اعبيد الرحمن وقررت أن أطلع عليها مالو كيف ولد الحسن لثقتي فيه ومعرفتي بعدم رضاه عن النظام وهو حينها مساعد مفوض الامن الغذائي المرحوم النقيب ملاوي هاشم وكانت مكاتب المفوضية شمال المسجد السعودي ودخلت علي مالو كيف وقرأ البرقية وكتب محتواها علي ورقة وطلب مني ابلاغه عن أي اخبار أجدها عن الحركة وذهبت مسرعا الي ولد يحي ،الذي وجدته ينتظرني بفارغ الصبر وعدت الي الوكالة ،حيث أخبروني بان المدير العام يسأل عني وعندما دخلت عليه سألني عن اسباب تأخري عن ولد يحي فاختلقت له عذرا لا اتذكره واقتنع به.
وفي مساء نفس اليوم ذهبت الي الداه ولد عبد الجليل عند منزل أهل العابد في المقاطعة الخامسة وأخبرته بالموضوع وأتذكر أنني بكيت أمامه وحاول تهدئتي.
وفي اليوم الموالي لإعلان ميلاد الحركة ،ذهبت الي رئاسة الدولة ،التي أنا مكلف من طرف الوكالة الموريتانية للأنباء بتغطية نشاطاتها فدخلت علي الاستاذ المحجوب ولد بيه المكلف بمهمة في الرئاسة فوجدت معه احد قادة الحركة الوطنية للديمقراطية MNDفي ذلك التاريخ (أتحفظ علي أسمه خشية احراجه اليوم ) ،فطرح علي السؤال التالي : "أين أخبار صاحبك؟ "، لم أفهم قصده فسألته من تقصد؟ فرد علي أقصد صاحبك المصطفي ولد اعبيد الرحمن، فقلت له مفهوم الصحبة واسع تدخل أنت فيه أما علاقاتي بولد اعبيد الرحمن، فهي بلغة الكنيسة الاب الروحي وأمسكت بمقعد وقلت له وإذا جعلته على رأس لسانك سوف أطحن رأسك ،عندها وقف ولد بيه من مقعده وأمسك جانب المقعد وقال المصطفي صديقنا جميعا وأخونا ورفيقنا الذي نقدره وسحبني الي خارج مكتبه ولن أنسى له هذا الموقف الانساني النبيل.
أما المرة الثانية التي دخلت فيها إدارة (BED)، كانت سنة 1990 و صدفة إذ التقيت بمديرها الضابط محمد ولد الهادي ،المعين عليها حديثا وكنت قد التقيت به قبل ذلك مع احمد ولد عبد القادر ،الذي قدمه لي بأنه ضابط مثقف ومهتم بالثقافة وبالتراث الموريتاني ،وقد كان اللقاء عند باب منزل قبالة المسجد السعودي ،حيث دعاني للدخول معه لأكتشف أن المكان هو ادارة مكتب الدراسات والوثائق.
وخلال مدة الشاي في مكتبه ،حدثني ولد الهادي عن اهتمامه بالثقافة وبصيانة اخلاق المجتمع الموريتاني وقيمه الاسلامية العربية وحدثنه عن رؤيته لإدارته الجديدة ،التي قال إنه ينوي تحويلها من مجرد جمع معلومات عن اشخاص بطرق غير صحيحة في غالب الأحيان الي ادارة للدراسات الاقتصادية والثقافية والأمنية وتوثيق كل ما يتعلق بالبلاد وقال إنه يريد التعاقد مع مثقفين من جميع الاختصاصات علي اساس انجاز دراسات علمية مقابل مبالغ سيدفعها لهم بطرق واضحة وشفافة وطلب مني أن نبقي علي اتصال وهو الاتصال الذي انقطع منذ خروجي عنه ،حيث كان لقاؤنا الثاني 2012 قبل ذهابه بأيام عن الادارة العامة للأمن ،وكان اللقاء ايضا صدفة ،حيث التقيته يوم الجمعة وهو واقف عند باب منزله في تفرغ زينه عندما كنت أبحث عن شخص يسكن في المنطقة ودعاني للدخول فقضينا ساعة قبل صلاة الجمعة ولم يختلف حديثه لي كثيرا عن حديثه في اللقاء الأول حيث دار حول اهتماماته بالثقافة و بالأخلاق الحميدة وضرورة التخلق بها لأنها في اعتقاده هي وحدها التي تحمي المجتمع من التفكك ،كما سألني عن مشكلتي في الوكالة الموريتانية للأنباء.
08 ـ طيلة حياتي المهنية لم أدخل إدارة أمن للدولة مهما كانت ولم أربط اية صلات بأحد من مسئوليها باستثناء إدارة أمن الدولة في الادارة العامة للشرطة أثناء الفترة الانتقالية الأولي عندما كان مديرها ولد آدّه، الذي هو أخ وصديق منذ تسعينيات القرن الماضي عندما كنا في كوركل.
وأتذكر في هذا الإطار أنني في سنة 2005 قبل الانقلاب علي ولد الطائع بأشهر قليلة ،كنت في قاعة الشرف بمطار نواكشوط ،حيث مكلف من طرف الوكالة بتغطية حركة المطار لعدة سنوات فدخل مدير الامن دداهي ولد عبد الله وكان في القاعة أغلبية أطر الشرطة لتوديع مديرهم العام اعل ولد محمد فال فعندما سلم علي نظر الي المفوض فاضيلي ولد الناجي وهو حينها مفوض المطار وقال له أمرك بأن لا تترك ماموني يدخل المطار إلا إذا قدم لك ورقة مني مكتوب فيها أنه زارني في المكتب وشرب معي الشاي ،فكم من مرة أمر عليه هنا وأطلب منه زيارتي ولم يفعل قط وقال هذا الكلام طبعا بطريقة المزح فرد عليه فاضيلي امركم.
وفيه صديق حاضر قال لي أنت مجنون يستدعيك دداهي ولا تلبي دعوته ،فزيارته تفتح لك جميع الابواب فأحبته هل تعلم أن دداهي قدم لي أكبر خدمة وهي أنه اشهدكم جميعا علي أنني لا تربطني به اية علاقة وهذه شهادة أفتخر بها.
كما أذكر أنه في خضم حادثة الاعتداء علي أثناء مسيرة للجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية 2009، اتصل بي هاتفيا شرطي تربطني به علاقات اجتماعية وقال لي أنه مع مدير الأمن محمد الأمين ولد أحمد ويريد أن أمر عليه في المكتب فقلت له خير أن شاء الله فرد علي بأنه خير فهو يريد أن أشرب معه الشاي وإنني إذا كنت محرج من القدوم عليه في المكتب فيمكن أن يكون اللقاء في منزله أو في مكان آخر فقلت له يا فلان ،أنا لا أجد داع لهذا اللقاء فلا علاقة خاصة بيننا وأطلب منك أن لا تتصل بي مستقبلا في هذا الموضوع.
حرصت علي ذكر هذا الموضوع بالتفاصيل لان ثقافة الاتهام بالتخابر منتشرة في مجتمعنا ولم يسلم أحد منها ،وأتذكر أنني قرأت مرة تعليقا لأحدهم يقول أن الهدف من فصلي التعسفي من العمل هو من أجل كسب ثقة المعارضة لأتمكن من التجسس عليها ومرة سألنى محمد الشيخ ولد سيدي محمد وهو حينها المدير العام للوكالة ،عن أية جهة أمنية أعمل معها؟ فأجبته بأنها تلك التي لا يعمل هو معها.
وعلي ذكر محمد الشيخ ،أشير إلي انني سنة 1998، عندما كنت أعمل مع اباه ولد السالك في جريدته مقابل خمسة آلاف أوقية شهريا ،اتصل بي سيدينا ولد اسلم وهو حينها رئيس تحرير البشري وأحمد ولد المصطفي واخبراني أن محمد الشيخ يرغب في عملي معهم مقابل راتب شهري 35 الف أوقية وهو مبلغ يفوق راتبي الرسمي في الوكالة فرفضت العرض بحجة خط البشري التحريري ،كما رفضت في نفس الفترة العمل مع شيخنا ولد النني في جريدته أخبار نواكشوط عندما عرض علي التعاون بتزويده بأخبار المطار التي لا تنشر الوكالة الموريتانية فقلت له أنني أعتبر ذلك خيانة للأمانة واستغلالا غير مشرف للثقة.
والغريب في الأمر أن الرجلين شاءت الأقدار أنهما تعاقبا بعد ذلك على الادارة العامة للوكالة الموريتانية للأنباء وقد لقيت من كل منهما كل التقدير والاحترام وحصلت علي امتيازات في عهدهما، منها أن محمد الشيخ ولد سيدي محمد قال لي مرة أن أحدد تشجيعا يقدمه لي فقلت له أن أريد تذكرة للحج فقال لي أبشر سوف اتحمل عنك جميع تكاليف الحج وفعل جزاه الله خيرا ،كما أن شيخنا ولد النني أحاطني برعايته وبتقديره وكان في مقدمة المتعاطفين معي بعد فصلي التعسفي، فلهما مني كل الشكر والاعتراف بالجميل.