أثارت الزيارة القصيرة للكاتب الفرنسي برنار ليفي جدلا كبيرا في تونس، حيث حاول البعض استغلال الحدث إعلاميا لمهاجمة خصومه السياسيين،خاصة وان الزيارة تتزامن مع انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية، فيما قدم آخرون تحليلات غير دقيقة لأسباب الزيارة، قبل ان تنفي الرئاسة ووزارة الخارجية علمهما بالزيارة وأهدافها.
.
وكان عشرات التونسيين تظاهروا ليل الجمعة أمام مطار «قرطاج» لمنع دخول «عرّاب الربيع العربي»، مرددين عبارات مناهضة لليفي وللصهيونية من قبيل «ديغاج» (ارحل) و»لا للمصالح الصهيونية في تونس»، ما اضطر أمن المطار لإخراج ليفي من الأبواب الخلفية.
وليفي المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، شخصية مثيرة للجدل، حيث ارتبط اسمه بعدة صراعات في العالم بدءا بالصراع الطويل الذي أدى لتقسيم يوغسلافيا، مرورا بتقسيم السودان، وليس انتهاء بـ»الربيع العربي»، الذى نشط فى ثوراته ونظر لها كما هو الحال في ليبيا وسوريا ومصر.
وانشغلت جميع وسائل الإعلام التونسية بزيارة ليفي، حيث قالت صحيفة «الشروق» المحلية ان ليفي تلقى دعوة شخصية من الرئيس منصف المرزوقي، مشيرة إلى ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (حزب المرزوقي) سيتكفل بجميع مصاريف إقامته وجولته داخل البلاد. كما ربطت بين زيارته التي قالت إنها تأتي في إطار إثارة الفتنة وإفشال الانتخابات الرئاسية، وبث شريط حول اغتيال القيادي المعارض شكري بلعيد على قناة الجزيرة القطرية.فيما أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا أكدت فيه «ان ما تمّ ترويجه عن دعوة رئيس الجمهورية للسيد برنار ليفي لزيارة تونس لا أساس له من الصحة»، مشيرة إلى ان برنامج المرزوقي لا يتضمن أي لقاء مع الشخصية المذكورة. كما نفى حزب الأمين العام لحزب المؤتمر عماد الدائمي أي علاقة له بالزيارة، مشيرا إلى انه سيرفع دعوة قضائية ضد صحيفة «الشروق» التي اتهمها بالمشاركة بـ»الحرب القذرة ضد المرزوقي والمؤتمر (…) واللعب بالأمن القومي لتونس».
وسارع البعض إلى اتهام أطراف سياسية معينة كـ «نداء تونس» وحركة النهضة بدعوة ليفي إلى تونس، غير ان الحزبين أصدرا بدورهما بلاغين ينفيان أي علاقة لهما بزيارة الكاتب الفرنسي، مؤكدين ان ما تم نشره لا يتعدى الإشاعات المغرضة ومحاولة تشويه صورة الحزبين.
وأشارت الباحثة رجاء بن سلامة في صفحتها على فيسبوك إلى تصريحات منسوبة للصحافي الفرنسي المعروف نيكولا بو صاحب كتاب «حاكمة قرطاج» نشرها موقع «موند أفريك»، ويشير فيها إلى ان بعض رجل الأعمال التونسيين كشفيق جراية نظموا زيارة لليفي إلى تونس، مشيرا إلى ان ليفي التقى أيضا بعض الشخصيات الليبية كرئيس حزب «الوطن» الليبي عبد الحكيم بلحاج أبرز رموز تنظيم الإخوان المسلمين.
غير ان جراية أكد في تصريحات صحافية ان وجوده في الفندق نفسه الذي نزل فيه ليفي في منطقة «قمّرت» (الضاحية الشمالية للعاصمة) هو من قبيل الصدفة، مشيرا إلى انه لا يجيد أساسا الحديث باللغة الفرنسية للقاء ليفي والتنسيق معه بشأن زيارته إلى تونس.
وقدمت بعض وسائل الإعلام عدة فرضيات حول أسباب زيارة ليفي إلى تونس، أبرزها نشر الفوضى في تونس والجزائر والسعي لتقسيم ليبيا، في إشارة إلى «تورطه» في الصراعات التي تشهدها ليبيا وسوريا وبعض دول المنطقة علما بأنه هو ملهم الثورة الليبية وهو أيضا من أقنع الرئيس ساركوزى بالتدخل العسكري فى ليبيا.
وأشارت الباحثة ألفة يوسف إلى وجهين «إيجابيين» لزيارة برنار ليفي إلى تونس، الأول هو انكشاف «المؤامرة» الخارجية على بلدان العرب، والثاني هو كشف «الخونة» في الداخل، مشيرة إلى انه لا خوف على شعب تونس الذي تفطّن لما يحاك ضده في المستقبل.