د. إشيب ولد أباتي: الغباء الصهيوني.. وجهله السياسي لمتغيرات العصر!

2025-01-25 21:30:10

كل مرة تكشف المواجهات العربية الشجاعة لصد العدوان الصهيوني، وجهه القبيح، وأنه كيان غبي، وجاهل، وإن تتبع غبائه، اظهر دون رتوش، دوغمائية تنطلق من جهله المطلق بغياب الوعي بالتاريخ، ومن نماذجه، ظاهرة سوء ” التكيف ” الاجتماعي  للجاليات اليهودية التي اقتلعت في هجرات مميزة  من المجتمعات الأوروبية التي كانت جزءا منها، وسترجع إليها فرادى، وجامعات طال الزمن، أو قصر، لأنها جزء لا يتجزأ من تلك المجتمعات التي انحدر منها آباؤها، وأجدادهم،، وبذلك امتلك الأبناء حقوقهم في جنسياتهم الوطنية، لا الجنسية “الإسرائيلية”، الدخيلة التي تفتقد شروط الأهلية للمواطنة، وللدولة التي تتأسس على الوطن، الأرض والتاريخ، والوحدة الديمغرافية المتجانسة، لا المركبة، بعامل الاستجلاب تحت تأثير الدعاية، والإغراء الذي ستجف منابعه مع تنامي الصراع العربي، وانجاحه في اجهاض المشروع الاستيطاني للكيان الصهيوني الذي يتمدد في فترات الضعف العربي، فكان رد الفعل عامل وعي عام بالمخاطر التي تواجه الأمة من المحيط الى الخليج، ومن قلب الوطن العربي منطلقا للاحتلال المباشر…!

إن المتتبع للصراع اليهودي في المجتمعات الغربية ، لابد أنه أدرك جيدا، كيف أن اليهود هجروا من عدة دول أوروبية،،،!

فلماذا لم يستفيدوا من تلك التجارب التاريخية في هذا المجال، ولم يستوعبوا عوامل التطور، والتقدم الفكري، والخصوصية الاجتماعية، والحضارية الأوروبية  بما جعلهم لم يندمجوا في مجتمعاتهم، رغم التذاكي على العقل الأوروبي الحضاري بالسعي إلى توظيف الحركة الاستعمارية، فخرجوا من المجتمعات التي ضاقت  ذرعا بهم نظرا لاستنزاف خيراتها من طرف أقلية، لا يميزها إلا  نهمها في الاستغلال، والابتزاز، و النزعة الاستعلائية على أساس معتقدها الأسطوري ..؟!

لقد مول الصهاينة حملة ” نابليون بونابرت” سنة ١٧٩٨ على مصر وفلسطين، وسوريا، ولبنان،، وذلك من أجل أن ي تستعمر فرنسا مصر، ويقيم اليهود مستعمرة في فلسطين خلال القرن التاسع عشر، ولما انهزم الاحتلال الفرنسي شر هزيمة، وحل محله الاحتلال الإنجليزي سنة ١٨٨٢ بالتحالف الانجليزي التركي،،!

ألم يكن ذلك مبررا  لمراجعة اليهود تفكيرهم السياسي نظرا  لفشل إقامة مستعمرة خارج أوروبا في حين نجحت الجاليات البرتغالية، والهولندية، والألمانية  في تكوين مستعمرات في “زنبابوي”، و جنوب افريقيا..

بينما كان الإسبان أكثر ذكاء في دمج جالياتهم في مجتمعات   أمريكا الجنوبية، لأن تلك المجتمعات، كانت لازالت في طور التكوين،، خلافا للمجتمعات التي اكتمل تكوينها نظرا لسندها  الحضاري ثقافيا، واجتماعيا  عبر مئات السنين، واستعصت على الأقليات ذات النزهة الدينية الاستعلائية لليهود الذين كان هدفهم محصورا في النهب المدمر لإقتصادات الدول، الأمر الذي جعله عاملا للتوعية على خطرهم، كما حصل في ألمانيا الهتليرية بعد الحرب العالمية الأولى التي دمر مؤسساتها المالية اليهود أثناء هجرتهم، وتحالفهم مع الإنجليز…

وحدث مثل ذلك في روسيا القيصرية، وروسيا تحت الحكم السوفييتي، ولذلك نقرأ عن الحياة السياسية  لقادة الكيان الصهيوني، أن  بعضهم كان سجينا أثناء  حكم السوفييت، وهرب البعض الٱخر من أوكرانيا، وغيرها من دول أوروبا الشرقية..!

ومن مظاهر غباء العقل السياسي الصهيوني، اختيارهم المصير المأساوي المحتوم الذي ينتظرهم في فلسطين من حملات التطهير العرقي منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وتزامن معه تعاظم الوعي العربي، وانتشار الفكر الثوري، والتطور الصاعد في أنظمة المجتمعات العربية  التي بلغ تعدادها  السكاني (٤٤٠) مليون نسمة..

فكيف للصهاينة ، أن يحلموا بالاستقرار في فلسطين، وقد عرفوا، أن أمتنا العربية، لن يستقر لها قرار قبل التحرر، والاستقلال، والوحدة العربية،، وقد واجهت الاحتلالات المباشرة منذ القرن التاسع عشر، وقضت عليها، كما اخرجت الجاليات الإيطالية من ليبيا، والإنجليزية من مصر، والفرنسية من الجزائر، والمغرب الذي استغل الفرنسيون خيراته  شر استغلال زراعيا، وبشريا، إذ نهبوا خيرات المغرب النافع، وكذلك سياستهم الاستقلالية  في الوجه الشمالي لتونس..!

ومنظرو السياسة في الكيان الصهيوني في زمن الانبطاح العربي،  تجاوزوا حدود الغباء  في طروحاتهم لحدود ” اسرائيل” الكبرى من النيل إلى الفرات، فصارت حدود وطنهم المزعوم من المحيط إلى الخليج، يعني ، أن الصراع مع الجاليات اليهودية في الكيان الصهيوني الغاصب،  تجاوز توظيف الصراع بين الأنظمة الرجعية، و الأنظمة التحررية، كما أقنعوا بذلك  من قبل  الانظمة الغبية المذكورة في  الوطن العربي.. بينما هو الٱن صراع وجود مع الأمة العربية وجها لوجه،” فإما نحن، وإما نحن” ،، فلا إمكانية،  لاستعادة الجاليات اليهودية، حتى إلى لأقطار العربية التي هجرت منها، لأنها  ربطت وجودها بكيان معادي للأمة العربية، ويهدد تكويناتها الأجتماعية، والثقافية، والحضارية القائمة  عبر آلاف السنين..!

وليبق الصهاينة يمتطون ظهر كل موجة امبريالية ليتقووا بها على احتلال فلسطين، لكن الضمير الجمعي في الأمم الأوروبية صحا من تخدير الدعاية الصهيونية، وغير مستساغ التواصل مع الصهاينة السابق  مع فرنسا النابوليونية، ولا  مع  ألمانيا الهتليرية، ولا مع  انجليزا البالفورية، ولا مع أمريكا كما عبر عن عقلها التحرري للشبيبة المناهضة للاحتلال الصهيوني، إن رصيد تلك الدعاية المغرضة مداره  القوالب الجوفاء  لأمريكا الديمقراطية، والجمهورية…

ومن مظاهر الغباء القاتل للصهيونية في فلسطين، أسلوبهم البشع في الصراع الذي يرجع عليهم منذ طوفان الأقصى  بردة فعل رافضة لاحيائهم لمجازر النازية الصهيونية التي استأنفهوها قبل بهمجية المذابح على أيدي المنظمات الإرهابية:”الهاغانا، وشتيرن، والأرغون”، ولا يختلف عنهم في شيء مجازر الإبادة على أيدي مجرمي العدوان الصهيوني في٢٠٢٤- ٢٠٢٥م بذات  الإبادة، والمقابر الجماعية في غزة، وجنين، وجنوب لبنان، قياسا بفتكم  بوحدة المجتمع الفلسطيني  في” دير ياسين ” وخمسمائة قرية، ومدينة  فلسطينية…!

فماذا يدل على هذا غير الغباء، والجهل الصهيوني الذي يحفر قبورهم بأيديهم، وقد كذبوا على أنفسهم بما كانوا يمنون به أنفسهم  في أنهم ” سيعملون على استلاب وعي الأجيال الناشئة العربية  في فلسطين، برفاهية الديمقرتطية خلال فترة وجيزة،  يكون الكبار ماتوا، والصغار نسوا المٱسي بالنعيم المقيم، والمساواة  في أرض اللبن والعسل”.

بينما واقع الحال،  أنهم ، يسجنون الأشبال، والأمهات، والبنات، والجدات، والأبناء، وحتى الأحفاد في سجن واحد، وهذا يؤكد فشلهم،  وساديتهم التي جلبت العداوة  من كل فئات المجتمع الفلسطيني ، وجميع اجياله، والأمة العربية في جميع اقطارها القريب من فلسطين، والبعيد عنها على حد سواء، ولم يبق نظام حكم في أي قطر عربي تابع للغرب، إلا، وأعلن رغما عنه ولاءه، و تصهينه الإجباري،، إن التصهين العربي، لم يبق يموه – كما السابق –  داخل المحافل الماسونية، ولا يستجلب بالعطاءات المالية الشهرية التي، تستميل بها المخابرات الأمريكية، والغربية صاحب القرار السياسي العربي  في هذا القطر العربي، أو ذاك، وهذا لعمري يضيق الخناق على الكيان المحتل، ويكشف قواه التي طالما تستر عليها بعيدا  الأنظار في أداء خدماتها، كتسجيل المحادثات  السابقة الخاصة بالصراع العربي الصهيوني في المؤتمرات العربية…!

لقد احترقت أوراق الامبريالية، والنظم التابعة، والكيان الصهيوني، وأظهرت الصهيونية تخلفها السياسي في عقلها التآمري، والتدميري حاضرا، وعجز عن التحكم في غريزته الوحشية  في فهم عوامل الوعي السياسي، ولو في إطار التظاهر بالاندماج في المجتمعات العربية عبر الاتفاقات الإسلامية، كاتفاق “أوسلو” المشئوم في فلسطين، أو اتفاق كامب ديفيد ، والابراهامية  التي عللها البعض باستقبال  الجاليات اليهودية من أصول عربية، وعناية أصحاب هذا المنطق المتخاذل، أن تلك الهجرات، كانت  تأثير الدعاية والتهديد  “الموسادي”,كالحالات التي حصلت في مصر، والعراق، وإيران بعد نكسة حزيران ٦٧، أو بالصفقات الاجرامية كما حصل في معظم أقطار المغرب العربي، واثيوبيا.

 

 

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122