يتميز المسلمون و العرب بما تمكن تسميته "عقدة رحم الله الحجاج " ،ذلك أنه لكثرة ما شهد تاريخنا من تسلط و استبداد في الحكم و ظلم وقهر و استباحة دم و عِرض في علائق الافراد بحكامها و الجماعات فيما بينها و مع غيرها ،أصبحنا نترحم على كل مستبد أو متسلط أو ـ حتى ـ عادل ، يأتي بعد آخر ،لأن الذاكرة الجمعية للأمة مشحونة بقاموس مُهوِل من الفتن و المحن .
.
لا تكاد تجد بين ضفاف تاريخنا المعتمة بصيص عدل أو حرية يسمح باستشراف مستقبل أو استشراق بارقة أمل يركن إليه الناس .
ولأن الذاكرة العربية الإسلامية تشبعتْ بالنماذج الفاسدة حتى أصيبتْ الأمة بالخرف وآفة النسيان فلا تتذكر من ماضيها إلا محاسن الموتى المختلقة لنسيان مساوئهم.
لقد أوْرَثَنا المتأولة والرواة و المتفيقهون المأجورون للحاكم ،بتوالدهم السلالي المتسلسل المتواصل،منظومةً من "التحريف" و "التخويف" و "التخريف"و "التجذيف" لم يستطع المصلحون و الثوار أن يرخوا سيطرة قبضتها الإكليركية على الدهماء عقلا و نقلا ،حتى يوم الناس هذا.
و هذا الفكر باتساقه لغةً و ممارسةً؛ لا يستطيع الباحث المتفنن المتقن أن يجد فيه على ضخامته تعبير"الحرية" و لا مدلولها إلا في نعت "طبقي" أو وصف ل"كرائم الخيل"؛ خلافا لما وَرَّثونا من " الخضوع"و "الخنوع" و "الهجوع"و"الانحناء" و "الركوع"الذي تفنَّنَّا فيه حتى ملأ الأمثلة اللهجية و الفصيحة،وأدلها علينا ذاكرةً و فاعليةً هي قولهم :
(رحم الله الحجاج ما أعدله!!)
ولكننا، ولأول مرة،ودون أي تردد،قد وصلنا إلى العتبة البيضاء متجاوزين حجر الأساس، في عملية بناء وطن
أنهكته محطات الإنتظار ..
ولأننا نعرف الطابور الخامس بملامحه الكليلة وأحاديثه الكاذبة،فلن يتوقف قطار النماء و لن تحبط طلائع البناء، وسيبقى الطامحون ملتزمين ببرنامج ربان السفينة الاخ القائد
الذي نعرفه منذ ثلاثين حولا مضت،صادقا،صلبا، أمينا متواضعا عف اليد واللسان، عنيتُ فخامة محمد بن الشيخ محمد أحمد بن الشيخ الغزواني.
______-
ملحوظة:
هذه الخاتمة قد يأخذها علي "بعضنا".. ولكنها حقيقة كتمانها في وقتها خيانة...