في ربيع سنة 1994 ناقشت بحثا كنت قد أجريته في سياق تخرجي من السلك العالي ( الماجستير) في المدرسة الوطنية للإدارة العمومية بالرباط بإشراف الأستاذ الدكتور محمد التيجاني
وكان موضوع البحث “ عوائق التنمية الإدارية في موريتانيا “
وقد وزعت نسخا من تلك الرسالة على مكتبة الجامعة و المدرسة الوطنية للإدارة في انواكشوط قصد الإفادة ، وكنت أظن بعد مرور أزيد من سبعة و عشرين عاما أن العوائق التي عددتها حينئذ ستزول مع التوجه نحو الديموقراطية والتنمية المحلية التي كانت موضة المرحلة حينها ،و ان
القائمين على الشأن العام سيعودون لرشدهم و سيشركون أهل المعرفة والإختصاص -رغم ابتعادي عن ذلك الحقل -إلا ان حديث فخامة رئيس الجمهورية يوم أمس جعلني أخرج بملاحظتين اثنتين :
الأولى/ ومفادها ان الإدارة والأداء الإداري في الوطن الحبيب يسير في الإتجاه العكسي نحو الحضيض و منذ 1978 الى اليوم_ رغم مآخذي على فترة التأسيس _
ولا أدل على ذلك من تجربة هياكل تهذيب الجماهير في ثمانينات القرن الماضي و التي تم إخراجها في ثوبها الجديد المتمثل في المجالس الجهوية (ابزازيل لغجل)
وحزب الدولة وحضوره اللافت في اختيار التعيينات لا على سبيل الكفاءة وانما على سبيل الحفاظ على سلطة القبيلة والزبونية ضاربا عرض الحائط بمصلحة البلد و مستقبل ابنائه .
و الكثير من الاصلاحات الادارية الفاشلة و التي تم اعتمادها بل التشدق بجدوائيتها “المنقطعة النظير”.
أما الثانية / فمفادها ان القائم على الشأن العام والمسؤول الأول عن البلد يجب عليه ان يدرك ان البلد بحاجة الى مراجعة شاملة تميز الصالح عن الطالح وتجعل الامور في مسارها الصحيح و تزرع في مخيلة المسؤول اي مسؤول فكرةالحوافز والعقاب والكفاءة و التجريد من المهام ، كما ان السيد رئيس الجمهورية يوشك ان يقع في ما وقع فيه المرحوم الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي يرى بعض انه تعامل مع اوضاع البلد من منطلق سابق على زمانه
فرئيس الجمهورية بدوره أعطى كثيرا من الحرية لمن لا يستحقون ذلك ولا يقدرونه فجاءت النتائج عكسية باعترافه هو نفسه ، كما ان عليه ان يعلم ان محاولة إرضاء الجميع غير ممكنة و لا تبنى بها الدول التي تعمرها شعوب متخلفة ما زال ولائها للكيانات الانقسامية البائدة يفوق ولائها للكائن الجامع ( الدولة الوطنية)
فقد آن الأوان للتصرف وفق المصلحة العليا للبلد الذي بدأ يصرخ .
لو كانت في جل معاونيكم الذين زكيتهم واعتمدت عليهم فائدة لجناها من سبقوكم لأنهم نفس الأشخاص في اغلبهم من الذين جربت اخلاقهم و جرب أدائهم وفشلوا ، فهل تنتظر سيدي الرئيس بناء او اصلاحا ممن شهدت له انت وشهد له الجميع بالفشل ؟ حفظ الله البلد واهله