جاء عمر بن أبي ربيعة المخزومي إلى ابن عباس وقال: متعني الله بك، إن نفسي تاقت إلى قول الشعر ونازعتني إليه، وقد قلت شيئا أحببت أن تسمعه وتستره علي، فقال: أنشدني، فأنشده مطلع قصيدته:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر....
فقال له: أنت شاعر، يا ابن أخي.
وأنشد عمر هذه القصيدة طلحة بن عبيد الله وهو راكب، فوقف ومازال شانقا ناقته حتى كتبت له.
وكان جرير إذا أنشد شعر عمر قال: هذا شعر تهامي إذا أنجد وجد البرد، حتى اٌنشد قوله:
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت.....
فقال: مازال هذا القرشي يهذي بالشعر حتى قال الشعر.
قال الرشيد للأصمعي أنشدني أحسن ماقيل في رجل قد لوَّحه السفر؛ فأنشده قول عمر بن أبي ربيعة:
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت
فيضحى وأما بالعشي فيخصر
أخا سفر جوَّاب أرض تقاذفت
به فلوات فهو أشعث أغبر،
فقال الرشيد: أنا والله ذلك الرجل.
وكان هذا بعد قدومه من بلاد الروم.
وكان بين عائشة بنت طلحة وبين زوجها عمر بن عبيد الله بن معمر كلام ليلة، فقالت: إن ابن أبي ربيعة لجاهلٌ بليلتي هذه حيث يقول:
ووالٍ كفاها كلَّ شيئ يهمها
فليست لشيئ آخر الليل تسهر.
واستعرض يزيد بن معاوية جيش الحَرَّة، فمر به رجل ومعه ترس رديء، فقال له: ويحك ترس عمر بن أبي ربيعة كان أحسن من ترسك، يقصد قوله:
فكان مِجني دون ما كنت أتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر.
وسمع أبوالحارث المغَني أحدهم ينشدقول عمر:
أشارت بمدراها وقالت لأختها
أهذا المغيري الذي كان يذكر،
فقال: امرأتُه طالق إن كانت أشارت إليه بمدراها إلالتفقأ بها عينه.
وأنشد بعضهم بحضرة سعيد بن المسيب قول عمر بن ربيعة:
وغاب قميْر كنت أرجو غيوبه
وروَّح رعيان ونوَّم سمَّر،
فقال سعيد ماله قاتله الله! لقد صغَّر ما عظم الله!، يقصد قوله تعالى: *والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم.*
وأنشد أحدهم قول عمر:
سائلا الربع بالبُلِيِّ وقولا
هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلُّوك إذا أنت محفو
ف بهم آهل أراك جميلا
قال ساروا فأمعنوا واستقلوا
وبرغمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مقاما
وأحبوا دماثة وسهولا،
فقال جرير: إن هذا الذي كنا ندور حوله فأخطأناه وأصابه هذا القرشي.
قلت: وهذا من أحسن ماقيل في بكاء الربوع والأحبة.
منقول من صفحة *ولد خادّيل* على الفيسبوك.