فى رثاء العلامة محمد الحسن بن أحمدُّ السالم

2021-03-31 20:14:00
 
  عَلَى مِثْلِ فَقْدِ الشَّيْخِ تُجْرَى السَّوَافِحُ == وَتُطْوَى عَلَى جَمْرِ الْعِضَاهِ الْجَوَانِحُ
 
فَلَا عَارَ إِنْ تَجْرِ الدُّمُوعُ لَهُ دَمًا == وَإِنْ أَنْكَأَتْ تِلْكَ الْقُرُوحَ الْقَرَائِحُ
 
إِمَامِ الْهُدَى (حَدِّنَّ) لَا غَبَّهُ جَدًى === مِنَ الْخَيْرِ يَسْقِي الْقَبْرَ غَادٍ وَرَائِحُ
 
لَقَدْ زُعْزِعَ الْإِسْلَامُ وَالْعِلْمُ بَعْدَهُ == وَهُدَّتْ جِبَالٌ مِنْ هُدًى وَأَبَاطِحُ
 
فَفِي صَدْرِ ذَاكَ الشَّيْخِ لَا انْفَكَّ رَاضِيًا == خَوَاتِمُ مِنْ عِلْمِ الْهُدَى وَفَوَاتِحُ
 
هُوَ الْعِلْمُ أَسْمَى مَا تَسَامَى بِهِ امْرُؤٌ == إِذَا بِالدُّنَا يَوْمًا تَسَامَى جَحَاجِحُ
 
فَحَامِلُهُ إِرْثَ النُّبُوءَةِ حَامِلٌ == وَتَجْرٌ بِهِ إِرْثُ النُّبُوءَةِ رَابِحُ
 
فَعِشْرِينَ حَوْلاً أَوْ تَزِيدُ أَقَامَ فِي == بِلَادٍ بِهَا عِطْرُ النُّبُوَّةِ فَائِحُ
 
لَقَدْ عَرَفَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ عُلُومَهُ == وَفِي طَيْبَةٍ مِنْهُ اسْتُطِيبَتْ مَنَائِحُ
 
وَفِي مَكَّةٍ أَمِّ الْقُرَى وَبِطَيْبَةٍ == لَهُ مَكْرُمَاتٌ فِي الْمَعَالِي دَوَالِحُ
 
بِطَيْبَةِ طَهَ قَدْ أَنَاخَ مُهَاجِرًا == يَبُثُّ الْهُدَى لَا تَطَّبِيهِ الْمَصَالِحُ
 
إِلَى أَنْ أَتَاهُ الْمَوْتُ لَمْ يَثْنِ عَزْمَهُ == مُخِيفٌ وَلَمْ يُثْنِ الْعَزِيمَةَ كَاشِحُ
 
عَشِيَّةَ آوَاهُ الْبَقِيعُ بِلَهْفَةٍ == وَوَارَتْهُ مِنْ أَرْضِ الْبَقِيعِ الصَّفَائِحُ
 
لَقَدْ نَهَلَتْ مِنْ عَذْبِ بَحْرِ عُلُومِهِ == طَوَائِفُ مِنْ شَتَّى الدُّنَا وَشَرَائِحُ
 
يُدَرِّسُ عِلْمَ الدِّيْنِ كُلًّا مُنَاصِحًا == إِذَا كَلَّ ذُو عِلْمٍ وَقَصَّرَ نَاصِحُ
 
فَفِي الْفِقْهِ فَقْهِ الْأَصْبَحِي صُبْحُهُ انْجَلَى == لاإِذَا عَزَّ مَشْهُورٌ وَلَمْ يُدْرَ رَاجِحُ
 
فَمَا قَالَهُ سُحْنُونُ أَوْ أَشْهَبُ الرِّضَى == وَغَيْرُهُمَا إِنْ سِيلَ (حَدِّنَّ) وَاضِحُ
 
وَحَاصِلُ مَا أَمْلَى النُّحَاةُ مُوَضَّحٌ == لَدَيْهِ وَمَا أَمْلَى مُحَشٍّ وَشَارِحُ
 
طَرِيْقَتُهُ فِي الدَّرْسِ فُضْلَى لِمِثْلِهِ == تُزَمُّ لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ النَّوَاضِحُ
 
فَمَا مَاتَ مَنْ قّدْ وَرَّثَ الْعِلْمَ بَعْدَهُ == وَأَضْحَتْ بِهِ خِصْبًا رُسُومٌ صَحَاصِحُ
 
فَجَازَاهُ رَبُّ الْعَرْشِ خَيْرَ جَزَائِهِ == وَحَفَّتْهُ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ الْمَرَابِحُ
 
وَلَا زَالَ لِلْأَجْيَالِ ذِكْرًا وَقُدْوَةً == وَدَامَ لَهُ ذِكْرٌ لَدَى الْكُلِّ صَالِحُ
 
وَأَبْقَى الْبَنِينَ الْغُرَّ سَادَةَ مَعْشَرٍ == إِذَا دَهَتِ النَّاسَ الْخُطُوبُ الْكَوَالِحُ
 
وَقُلْتُ اقْتِبَاسًا مِنْ رِثَاءِ ابْنِ مُسْلِمٍ == وَإِنِّيَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ عَمْرٍو لَمَاتِحُ
 
(مَضَى ابْنُ سَعِيدٍ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَشْرِقٌ == وَلَا مَغْرِبٌ إِلَّا لَهُ فِيْهِ مَادِحُ)
 
(لَئِنْ حَسُنَتْ فِيهِ الْمَرَاثِي وَذِكْرُهَا == لَقَدْ حَسُنَتْ مِنْ قَبْلُ فِيْهِ الْمَدَائِحُ)
 
وَصَلَّى عَلَى طَهَ وَسَلَّمَ رَبُّنَا == مَعَ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ مَا لَاحَ لَائِحُ
 
القاضى محمد يحظيه بن المختار بن الحسن

-------------------------------------------------------

السيرة الذاتية للفقيد:

الشيخ العلامة محمد الحسن بن أحمد سالم بن الولي الحسني الشنقيطي سليل أسرة علم وورع، ولد سنة 1924م ببلدة (تنجغماجك) بجيم معقودة، وهي قرية بولاية "اترازه" في الجانب الغربي من دولة موريتانيا، وتعريب تلك البلدة: "المالكية".

☜ تعلم الحروف ومبادئ القراءة على والدته خديجة بنت شعبان- رحمها الله، وبعد ذلك ألحقه والده بالشيخ أحمد بن عبد الودود الملقب "بك" بكاف معقودة، فحفظ عليه القرآن كاملاً وأتقن حفظه، وكان ذلك قبل البلوغ بسنين.
☜ثم عاد لينهل من علم والده أحمد سالم رحمه الله، فبدأ بـ "قرة الأبصار" في السيرة النبوية وكتاب الغزوات والتوحيد، وظل يتدرج في التحصيل على والده، فقرأ عليه عبيد ربه" (نظم الآجرومية).و"العبادات من مختصر خليل" كما أخذ عنه "بانت سعاد" و "الشنفرية" و "المقصور والممدود لابن مالك" و "ديوان الشعر الجاهلي" و "ديوان غيلان" و"لامية الأفعال".
☜ ثم بعثه والده لطلب العلم في محضرة في قرية أخرى ليتغرب عن الأهل والمشاغل فيتفرغ لطلب العلم، وقد اختير له الشيخ أحمد بن محمد فال الحسني –رحمه الله تعالى-ليكون شيخه الثاني –بعد والده- فدرس عليه "ألفية ابن مالك مع طرة ابن بونا" وأعاد عليه دراسة "لامية الأفعال"، ثم درس عليه مختصر خليل في الفقه المالكي وغير ذلك من المتون، وبعد أن توفي والده جلس للتدريس في مكانه، ومنذ ذلك الوقت تصدر الشيخ محمد الحسن - رحمه الله- للتدريس وظل يبث العلم متنقلاً بين القرى حتى عام 1402 (هــ) انتقل إلى العاصمة انواكشوط، واستقر في محضرة "العون"؛ يدرس فيها الطلاب احتسابًا، مكث في تلك المحضرة حوالي خمس عشرة سنة، ثم انتقل إلى الديار المقدسة بالمملكة العربية السعودية، فنزل بمكة المكرمة سنة 1416 هـ وأقام بها 16 عامًا، وكان يقضي جل وقته في بث العلم لطلابه، يدرس في المسجد الحرام وفي بيته، فتوافد عليه الطلاب من مختلف الجنسيات والأقطار، واستفاد منه خلق كثيرون تختلف مستوياتهم: من مبتدئين إلى منتهين 
بقي بمكة على ذلك حتى انتقل سنة 1432 (هــ) إلى المدينة المنورة ليجاور بها، فالتحق به جم غفير من الطلبة الحريصين على الأخذ عنه مشافهة.
 
وتعرض لحادث دخل إثره المستشفى ووافته المنية فجر الاثنين ١٤٤٢/٨/٨
 
غفر الله لنا وله وجبر الله كسرنا وأخلفنا خيرا 
 
إنا لله وإنا إليه راجعون
المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122