ربّما كنتم تتصوّرون أنّه مستبدّ أو متسلّط عادي، وربّما كنتم تعتقدون بأنّه قابل للعلاج والتّقويم...أمّا الآن، وقد تكشّفتْ أمامكم بعضُ أسْراره، هل عرفتم من هو؟ هل عرفتم حقيقته؟ هويّته؟ هوايته؟؟؟ قلتم إنّه مستبدّ، وهذا صحيح؛ لكنّ المستبدّين ليْسوا ملّة واحدة، وليْسوا جميعا مثل بعضهم ...
.وللوقوف على ذلك، يُمكنكم الرّجوع إلى كتابٍ شهير لأريك كارلتون بعنوان: "وجوه الاستبداد". و قد فرّق فيه بين عدّة أنماط من المستبدّين، من بينها المستبد النّهاب الذي يستنزف الثّروات دون كلل أو ملل أو خجل، والمستبد الطّائفي الذي يحكم بسياسة فرّق تسد، و المستبد المافْيَوي الذي يُطلق حاشيّته لجمع المال بشتّى الطّرق المُمْكنة، والمستبد الأُسَري الذي يُجمّد منافع السّلطة في نسْله أو دائرة ذويه المقرّبين بلا سند من قانون أو تقليد أو قبول من النّاس، و المستبد الشّعبوي الذي يرفع شعارات غوْغائيّة لا تُسْمن و لا تُغْني من جوع، و المستبد الثّوري المزيّف الذي يُوهم شعبه بأنّه يقود ثورة تاريخيّة, و المستبد المتعالم الذي يدّعي أنّ لديه أفكارا عظيمة, و المستبد الديماغوجي الذي يصوّر نفسه و كأنّه واحد من العامّة, والمستبد المغرور الذي يظنّ أنّ الهواء الذي يتنفّسه النّاس هو إحدى أعطياته للشعب, والمستبد الغبي الذي لا يتّعظ ممّن سبقه و يرى أنّه يختلف عن غيره و أنّ له خصوصيّة فريدة "... – أريك كارلتون، و بتصرّف –
أمّا هو... فلا يمكن وضعه تحت واحدة من هذه الفئات, لأنّه يجمعها كلّها في شخصه الغريب. فهو مستبدّ نهّاب... يديرالبلاد بلا رؤيةٍ, و يسيّرها بلا حساب...يهْدر أموالا طائلة ولا تـُعْطي ثمارا... يقود ويحْمي عصابة تهريب وتدْليس ومغامرات... يعْتقد أنّه فيلسوف, صاحب نظريّة جديدة... وهو أيضا غوغائي في هيئته وطريقة كلامه و سلامه و كافّة تصرّفاته...منغلق على ذاته, وهي ذات حصْريّة, طاردة, ونافيّة للآخر...يرْفُضُ الحرّية كنظام وثقافة وممارسة و قيمة, ويخْتزلها في صندوق الاقتراع-حسب هواه- ليسْتَوْلي من خلاله على السلطة و يسْتمدّ منه التّسلط والجور بالطّريقة التي تروق له و لحلْقته الصّغيرة من المقرّبين... وِفْقَ مبادئ سيّاسية أعْلنَها ذات يومٍ أحد السّلاطين المتجبّرين بقوله : مَنْ عارَضَنَا عذّبْناهُ... ومن وَالانا احْتَقَرْناهُ...والسّعيدُ من لا يَرَانا و لا نراهُ...
ولسان حاله يردّد بأعْلى صوتٍ "أنا السببْ" ، "أنا السببْ" على نحو ما جاء في قصيدة الشاعر أحمد مطر:
" نعم أنا....أنا السّببْ.
في كلّ ما جرى لكم أيّها العربْ.
وكلّ من قال لكم, غيْر الذي أقوله
فقد كذبْ
فمن لأرضكم سلبْ...؟
ومن لمالكم نهبْ...؟
ومن سوايَ مثْلما اغتصبْتُكم قد اغتَصبْ؟
أقولها
صريحة
بكلّ مـا أوتِيتُ منْ
وَقَاحةٍ و جُرْأةٍ
وقلّةٍ في الذّوْق والأدبْ
أنا الذي أخذتُ منكم كلّ ما هبّ و دبْ
ولا أخافُ أحدا
ألسْتُ رغْم أنْفكُمْ
أنا الزّعيم المُنْتَخبْ.
أنا رئيس دولة
من دوّل الاخْوَة العربْ "...