قال مسعود ولد بلخير رئيس حزب التحالف الشعبي ورئيس الجمعية الوطنية إنه لا يرى مانعا من إجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية فى هذه السنة إذا توفرت الضمانات الكافية لضمان شفافيتها ونزاهتها
.
وأوضح مسعود فى مقاابلة مع موقع الكلمة "أنه إذ وجدت الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات فيمكن أن تجرى، ونرجو من الله أن تجرى في هذه السنة، لكن هذا كله مرتبط بعملية التقييد والإحصاء المقام بها حاليا والتي ينبغي أن تكون شاملة للسكان، وأن يطمئن لها جميع الموريتانيين، إذ يجب أن لا تقول جهة أو ولاية أو شريحة أو قومية بأنها أقصيت من هذه العملية، أو خدعت فيها، كما يجب إنهاؤها بسرعة، ولكن بدقة، لأن السرعة يجب أن لا تكون على حساب إنجاز هذا العمل بشكل جدي"،
وفى رده على سؤال حول إمكانية إجراء الانتخابات فى ظل مقاطعة بعض الأطراف السياسية لها قال ولد بلخير " إنه إذا تمت عملية التقييد بنجاح وتمكنت لجنة الانتخابات من الوسائل الكافية لإجراء الانتخابات فى ظروف شفافة فعندها يكون من لم يشارك في الإنتخابات قاصيا لنفسه، ولا يمكنه أن يحتج بدليل مادي يمنعه من المشاركة، ومن المعروف أن المشاركة في الإنتخابات خيار سياسي، ويوجد من يشارك كما يوجد من يرفض، وهذا موجود في جميع الأماكن، لكن يجب أن لا يحتج غير المشاركين بأسباب مادية، أو إدارية، أو قانونية، تمنعهم من المشاركة، وبهذه المناسبة نتمنى أن يشارك الجميع في الانتخابات إذا وجدت الشروط المطلوبة ، وإذا توفرت الشروط ورفض البعض فهذا حق المواطن فله قبول المشاركة كما أن له حق رفضها"
وهذا نص المقابلة:
الكلمة: أعلنتم مؤخرا عن انطلاق مبادرتكم. كيف تقيمون هذه الإنطلاقة وهل كان هذا هو الوقت المناسب للإعلان عنها؟
الرئيس مسعود: بسم الله الرحمن الرحيم أولا أشكركم على إعطائي هذه الفرصة للحديث في مواضع شتى تهم البلد وسياساته وتوجهاته وما إلى ذلك من القضايا العامة، أما بخصوص المبادرة وحول وقت انطلاقتها ومدى مناسبته، أظن أنها منذ أن تم عرضها كانت تنتظر الوقت المناسب للإعلان عنها حيث تم عرضها على الفرقاء السياسيين وأولهم السيد رئيس الجمهورية وكنا ننتظر ردودا من الأطراف لنعلن عن انطلاقتها بشكل رسمي،
وبعد تسليمها مباشرة أصيب السيد الرئيس مع الأسف بتلك الإصابة التي جعلته يبتعد عن البلد لفترة طويلة وبالتالي فضلت عدم إعلانها في تلك الظروف، وانتظرت عودته إلى البلد سالما معافى، وعندما عاد عودته الأولى التقيت به وحدثته عن المبادرة وأبلغته بأنني كنت أنتظر عودته، لكنه أبلغني بأنه عائد إلى فرنسا لفترة قصيرة، وبالتالي انتظرت عودته الثانية وعندما عاد، التقيته مجددا وتحدثنا عن المبادرة وأدلي بما لديه من الملاحظات، عندها أصريت على إعلانها وكنت أنتظر الوقت المناسب وكذلك انتظرت أن تأتي الطباعة النهائية للوثيقة من الخارج، بالإضافة إلى بعض الترتيبات الأخرى الضرورية، وعندما كانت جاهزة أعلنا عنها،
وأعتقد أن الوقت مناسب لها لأن المصالحة والوفاق بين الأطراف المتباعدة في المشهد السياسية، متى ما حصل سيكون مرحبا به ويعتبر كذلك الوقت مواتيا له، لا سيما أنه زيادة إلى مشاكلنا الداخلية، يعتبر الوضع الخارجي على حدودنا متأزما، إذ أن ما يحدث في جمهورية مالي المجاورة، يفرض علينا تحصين جبهتنا الداخلية، لأنه يبين بوضوح هشاشة دولنا مع الأسف وعدم الوعي والغلو في المواقف المتخذة فيها، والتي كثيرا ما تجر البلدان إلى المسائل التي لا تحمد عقباها، وقلنا بأن الوقت مواتيا فعلا للإعلان عن المبادرة رسميا وهو ماحصل بالطريقة التي شاهد الجميع، أما عن تقييمنا لها وكذلك الأطراف التي التقينا بها كان تقييما إيجابيا، حيث كانت الإنطلاقة ناجحة مائة في المائة على جميع الأصعدة، ناجحة من حيث الكم والحشد البشري الذي حضرها لله الحمد، من جميع الموريتانيين بمختلف شرائحهم ومكوناتهم وفئاتهم فقد لبوا نداءنا لـ "موريتانيا أولا" وأعلنوا تضامنهم مع المبادرة وتأييدهم لها،
وهي ناجحة أيضا من حيث اهتمام الأطراف المعنية لاسيما الأغلبية والمعارضة، خاصة الشق الذي فضل عدم المشاركة في الحوار الذي جرى مؤخرا، فقد حضر جميع قادة منسقية المعارضة ممثلين في الرؤساء والأمر نفسه ينطبق على الأغلبية، كما حضرها السلك الدبلوماسي المعتمد في بلادنا بكثرة وكان زخم الإنطلاقة قويا لله الحمد بحيث أن أفواها عدة قالت بأن قصر المؤتمرات لم يشهد حشدا من هذا القبيل في التظاهرات التي تحدث فيه عادة، ونحمد الله على هذا وهو أيضا مشجع لنا على المضي إلى الأمام في هذه المبادرة، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أنها تمتلك الأهمية التي نريد لها، ويتمثل ذلك في أن الناس تفضل التصالح والتوافق بين مكونات الطيف السياسي، وقد ملت التباعد والتناحر والتنافر والتباغض والشحناء بين مكونات المشهد السياسي وتفضل وجها جديدا من سياسييها يكون مخالفا للوجه الذي عهدوه ونرجو أن يكون هذا الزخم والحشد والتوجه دافعا للشركاء السياسيين المعنيين، المتباعدين أساسا إلى إعادة النظرفي مواقفهم لكي يحصل بيهم لقاء هدفه مصلحة موريتانيا وما يفيدها وأملنا كبير، والجواب هو نعم متفائلين والوقت كان مواتيا للإعلان عن المبادرة
الكلمة: ترى أحزاب المنسقية أن المبادرة تعني وجود أزمة سياسية في حين تنكر الأغلبية وجود أزمة من هذا القبيل، كيف ترون هذين الرأيين؟، وماهو تقييمكم لوضعية البلد السياسية؟
الرئيس مسعود: أعتقد أن التحاليل والتقييمات للأوضاع مهما كانت تختلف باختلاف أصحاب هذه المواقف، فإذا قال النطام بأنه لا توجد أزمة سياسية فهو يتحدث انطلاقا من منظوره كنظام، وإذا قالت منسقية المعارضة بأن هنالك أزمة فهي تنطلق من منظورها أيضا، أما وجهة نظري فقد نشرت مبادرة من صفحات عدة وتطرقت فيها لشتى المواضيع السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، والأمنية، والعسكرية، والإدارية،
وكل ما يعني حياة المواطنين تطرقت له وهذا كله من وجهة نظري يحتاج إلى تحسينات جذرية وعميقة من أجل أن تتولد ألفة وطنية واجتماعية ويشعر جميع المواطنون بوجود قاسم مشترك هو الجمهورية الإسلامية الموريتانية، لديها سلطة وحكومة مهتمة بهموم جميع مواطنيها ، ليحس كل مواطن أنه يمتلك الحق في هذه الجمهورية وفي خيراتها سواء كانت اقتصادية أو ثقافية او علمية او توظيفية أو إدارية بحيث يكون الجميع متساويا في الفرص وبالتالي يحصل الإطمئنان لدى الجميع أن من ظلم سيرفع عنه الظلم، وأن الظالم يدرأ عن ظلمه، هذا هو ما يخلق المواطن، وينمي فكر المواطنة وهو ما يدعم الوطن ويمنحه قيمة ويجعل الجميع يموت من أجله، ونحن مع الأسف ينقصنا تشييده وبناؤه، وقد تطرقت له من مختلف أبوابه وبينت بوضوح أن الوضعية ليست على الحالة التي يتمناها جميع الموريتانيين،
أما عن ما إذا كان هذا يشكل أزمة تمنع الشركاء السياسيين من الجلوس على طاولة واحدة يناقشوا من خلالها المشاكل ويسعون إلى إيجاد التحسينات اللازمة أم لا هذا سؤال مطروح، أنا بالنسبة لي كلما كانت الظروف غير طبيعية أو سيئة كلما كان لزاما على السياسيين اللقاء والبحث عن الحلول الضرورية للمشاكل المطروحة، الذين يقولون بأنه لا توجد أزمة يسمينها بما شاء وحسب توجهاته،أما أنا فأ قول إنه توجد أزمة في المواطنة والإدارة ومفهومها وأزمة في التسيير وأزمة لمفهوم الدولة وأزمة لدى السياسيين بحيث لا يستطيعون للأسف معرفة حقوقهم وواجباتهم بالنسبة للأزمة عامة وشاملة على كافة الأصعدة، ولا يمكن نكرانها لأن الحال لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، ويحق للمواطنين التعبير عن ذلك،
لكن ما لا أفهمه هو إقرار البعض بوجود أزمة كبيرة، ورغم هذا الإقرار لا يجنح إلى الحوار والتفاوض والحديث، مع أصحاب السلطة، هذا ما لم أستطع فهمه، فإذا كانت توجد أزمة اقتصادية، وأخرى سياسية، أو أخلاقية، أو اجتماعية، توجد كذلك أزمة السياسيين الموريتانيين والسؤال المشروع هو هل هم على المستوى المطلوب أم لا؟ ولا أقلل هنا من قدر ومكانة أي منهم ولا من شأنه لكن نداء لم الشمل الذي أطلقناه "موريتانيا أولا" يدعوا إلى توحيد ورص الصفوف، وأن نتناسى مشاكلنا الضيقة وخصوماتنا من أجل أن نتعاون على تشييد وطن نفخر جميعا بانتمائنا له وندافع عنه، ونجعل مصالحه فوق مصالحنا الشخصية الآنية، وهذا هو ما أود قوله هنا.
الكلمة: هل تعتبرون الإنتخابات هي أفضل وسيلة لحل الأزمة الراهنة وما هي الشروط الواجب توفرها قبل إجراء الإنتخابات؟
الرئيس مسعود: أقول إن إشراك جميع الفرقاء في الإنتخابات المنتظرة هو أمر ضروري لنجاحها ولتقبل الناس للنتائج التي ستتمخض عنها، لأن الإنتخابات تعني إعطاء الفرصة لكل مواطن بالغ ليقول رأيه في السياسات المتبعة في البلد، وليختار من يمثله بشكل نزيه، ولكي تكون نزيهة وحرة ويحترمها الجميع يجب على الساسة وأصحاب السلطة، أن يسعوا إلى توفير ما يجعل الجميع يشارك وذلك بإعطاء الضمانات اللازمة لذلك، حتى لا يقول أحد أنه تم إقصاؤه عن قصد أو من غير قصد، وبالتالي يكن لدى الجميع الظروف التي تمنحهم المشاركة، لأن الإنتخابات هي التي تمنح طيفا سياسيا معينا شرعية القيادة لفترة معينة، أو تجعله يتقاعس إلى أجل آخر، هذا ما أود الإشارة إليه،
إذا من شروط الإنتخابات حل جميع النزاعات السياسية، وبالتالي تبقى الكلمة للناخب ويكون جميع الناخبين مشاركين وتوفر لهم ظروف مرضية، إذا عرضت على الجميع قبلها، لا سيما الرأي الخارجي والحيادي، حينها يمكن القول أن من لم يشارك، لا يمكنه الحديث عن عدم ملاءمة الظروف لإجراء انتخابات نزيهة، كما لا يمكنه الحديث عن إقصائه، لأن الظروف كانت مواتية ومرضية وتسمح للجميع بالمشاركة،
ومن طبيعة الإنتخابات أنها أحيانا تشارك فيها نسبا كبيرة وفي أحايين أخرى تكون نسب المشاركة قليلة، وبالنسبة لنا نفضل ضمان الظروف المواتية لكي يستطيع الجميع المشاركة في الإنتخابات وبالتالي يكن الجميع مطمئنا للنتائج المتمخضة عنها ولديه القناعة أنها نتائج حقيقية غير مزورة وهذا هو دور اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات التي أنشئت مؤخرا، والتي تم إنشاؤها بناء على نتائج الحوار الأخير، ونتمنى أن تفهم المسؤوليات الملقاة على عاتقها وتقوم بعملها على أكمل وجه، لكي يتسنى للجميع المشاركة في الإنتخابات،
ومن المهم أيضا إيجاد أرضية مناسبة يتبنى من خلالها الشركاء مواقف جديدة مغايرة لما عليه الحال الآن، وهدفي من المبادرة هو إيجاد هذه الأرضية المشتركة بين الفرقاء السياسيين، بدل تمسك كل طرف بمواقفه وتوجهاته الحالية، التي لا تليق بنا وبمصلحة بلدنا، بل تقف عثرة في تقدمه وتطوره وكذلك تمنع من إجراء انتخابات شفافة ونزيهة بمشاركة الجميع، وبالتالي فإنني أتمنى أن يلتقي أطياف المشهد السياسي ويناقشوا المشاكل ويقترحوا لها الحلول المناسبة والوسيلة الأنجع لحل المشاكل هي الانتخابات من دون شك.
الكلمة:هل تتصورن إمكانية إجراء الانتخابات في العام الحالي، وهل تعتقدون أنها يمكن أن تجرى دون مشاركة المنسقية؟
الرئيس مسعود: كما قلت لكم الانتخابات إذا وجدت الظروف المناسبة لإجرائها يمكن أن تجرى، ونرجو من الله أن تجرى في هذه السنة، لكن هذا كله مرتبط بعملية التقييد أو الإحصاء المقام بها والتي ينبغي أن تكون شاملة للسكان، ويطمئن لها جميع الموريتانيين، إذ يجب أن لا تقول جهة أو ولاية أو شريحة أو قومية بأنها أقصيت من هذه العملية، أو خدعت فيها، كما يجب إنهاؤها بسرعة، ولكن بدقة، لأن السرعة يجب أن لا تكون على حساب إنجاز هذا العمل بشكل جدي،
وإذا ما تم هذا على الوجه الصحيح سنتمكن من معرفة عدد السكان الحقيقي، وبما أن اللائحة الإنتخابية ستستخرج من هذا الاحصاء وبعد قيام الإدارة بعملها، يكون هنالك تقييم شامل لما أقيم ومعرفة ما إذا كان مرضيا عنه أم لا، من أجل أن نتجاوز الخلاف حول هذا الإشكال، حينها نكون أنجزنا عملا جيدا ذا قيمة ولديه المصداقية، ومرضيا من الجميع،
هذا ما يجب أن يقع وهو شيء أساسي وضروري جدا وتوجد أسئلة حول الإحصاء وإمكانية تقييمه خلال هذه السنة، نتمنى أن يتحقق هذا، ونرجوا ذلك، ولا شك أنه بإمكاننا أن نقوم بذلك عبر تكوين الطواقم بالإضافة إلى أننا نمتلك تجربة في هذا المجال وما دام الإحصاء مضبوطا حسب نظام آلي رقمي فهنالك أطر في هذا المجال وبإمكانهم التحقق من مصداقية العملية ومدى مطابقتها للمعايير المعمول بها، وإذا تم توفير هذا للمواطنين بحيث تم تقييدهم جميعا في اللائحة الانتخابات، وأمكن للجميع الإطلاع على صحة هذه اللوائح من عدمه، وكذلك تم توفير المكاتب الإنتخابية على عموم التراب الوطني ليستطيع كل مواطن الإدلاء بصوته بأقل تعب، ولا يوجد تمييز في هذا الجانب بل يكون الجميع متساوون دون إقصاء أو تمييز، وتكون المراقبة الداخلية والخارجية مقبولة، و ممثلوا الأحزاب متواجدون في المكاتب، ويكون الضمان موجودا بأن الإدارة غير متحكمة ولا مسيطرة على الانتخابات ، ويتضح أن اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات قائمة بدورها كما ينبغي، ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات،
ويجب على الإدارة والدولة ضمان هذه الظروف وتوفيرها للناس، إذا وجدت مثل هذه ظروف ، من لم يشارك في الإنتخابات يكون قاصيا لنفسه، ولا يمكنه أن يحتج بدليل مادي يمنعه من المشاركة، ومن المعروف أن المشاركة في الإنتخابات خيار سياسي، ويوجد من يشارك كما يوجد من يرفض المشاركة، وهذا موجود في جميع الأماكن، لكن يجب أن لا يحتج غير المشاركين بأسباب مادية، أو إدارية، أو قانونية، تمنعهم من المشاركة، وبهذه المناسبة نتمنى أن يشارك الجميع في الانتخابات إذا وجدت الشروط المطلوبة ، وإذا توفرت الشروط ورفض البعض فهذا حق المواطن فله قبول المشاركة كما أن له حق رفضها.
الكلمة: لا شك أن من شروط الانتخابات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وكذلك وجود حالة مدنية جاهزة، هل تعتبرون حكومة وحدة وطنية شرط ثالث وضروي لإجراء الإنتخابات؟
الرئيس مسعود: لا، أنا بكل صدق ونزاهة لا أقول بأنه توجد أي فرضية مهما كانت تستطيع أن تفرض على حكم قائم ومنتخب بأن يشرك الآخرين معه، لكنني قلت دون أن يكون ذلك واجبا، أوضرورة، بأن مصلحة الوطن تتطلب من أصحاب البصيرة، لا سيما أن المسؤولية الكبيرة تقع أساسا على من يقود البلد حاليا، بأنه توجد بعض الظروف إذا كانت معاشة لا مانع، من إشراك بقية الأطراف دون أن يكون ذلك ضروريا وواجبا، لأن الشخص يمنح من ماله وكذلك ينفق على ضيفه خوفا من أن يتم النيل من عرضه، أحرى السلطة، التي يجب أن تكون لصالح الجميع، صحيح أنه بالإمكان أن يتولاها طيف سياسي لفترة، لكن لا يعني ذلك أن عليه التفرد بها، وهذا من المسائل التي صنفت في المبادرة ومن المآخذ الكبيرة على السلطة أنها تسير البلد بشكل انفرادي ولا تنظر إلى أحقية البقية في المشاركة في هذا التسيير،
وهذا لا ينبغي لأن الحكم للجميع ويكون أساسا لمصلحة المجتمع، ولا يمكن أن تقوم سلطة لصالح جزء وضد جزء آخر، لأن هذا لا يولد إلا تصفية الحسابات، وكل سلطة أتت تحاول احتكار الحكم والإنفراد بالبلد وتقص الآخرين، وهذا لا يليق، لاشك أنه يوجد ما هو من خصوصيات الدولة والنظام السياسي القائم، وأحزاب الأغلبيات تخوض فيه وتسير، وتنير، كتعيين السياسيين وزراء وما إلى ذلك، إلا أن الإدارة يجب أن تكون جامعة للناس كافة، ونشاهد أيضا في بعض الأحايين حتى الحكومات يتم توسيعها لتضم المعارضة، ليكون ذلك سببا في جلب الخير والسكينة والإستقرار والسلم الأهلي للبلد، والوطن أقدم من الجميع، ولا يمكن العناد عليه، لأنه ليس مسألة شخصية،
وإذا ما حصل عليه العناد، فقد يشكل ذلك خطرا حقيقيا، ولا أنظر إلى الحكومة الموسعة كواجب، لكنني أرى انطلاقا من تحاليل الشخصية وقد أشرت في المبادرة إلى ذلك أن حكومة وحدة وطنية تعبر عن مدى صدق جميع الأطراف وحسن نواياهم، فرئيس الجمهورية رغم كونه منتخبا ومعترفا به، ولا يوجد تشكيك في صلاحياته، إلا أنه من أجل الوطن والوفاق والوئام الوطني والسلم الأهلي فضل من تلقاء نفسه إشراك المعارضة في الحكومة لفترة معينة، وقد حددت فترة هذه الحكومة، والهدف منها هو لم شمل الموريتانين، وجرهم إلى المشاركة في أول انتخابات ستكون من وجهة نظري شاملة ونزيهة بمعنى الكلمة، ومتطلبات المعارضة متوفرة فيها، بمعنى أن وزارة الداخلية لم تعد مشرفة بشكل مباشر على الإنتخابات بدءا بتحضيرها و إجرائها وحتى إعلانها، وإنما هنالك لجنة وطنية تتولى الإشاف على هذه الإنتخابات من ألفها إلى يائها،
وبهذا يبرهن رئيس الجمهورية للجميع على حسن نيته من خلال إشراك الجميع في حكومة وحدة وطنية، ليقول للجميع أن مصلحة الوطن هي ما يسعى إليه، وأن هدفه هو لم شمل المواطنين جميعا، وهي أيضا فرصة للمعارضة لأن المعارضة لا تعني مناصبة العداء لمن هو في السلطة، وتعود إلى اعترافها بالنطام فالإعتراف بالأنظمة ليس ثوبا يمكن للشخص ارتداؤه متى شاء ونزعه في الوقت الذي يختار، وأتمنى أن يعود الجميع إلى الصواب ويكون هدفهم الأول هو خدمة موريتانيا قبل أي شيء آخر، والهدف مما نقوم به هو جعل الجميع يجتمع ويتفق على ما فيه مصلحة هذا الوطن، وبقرار من هذا القبيل يبرهن الرئيس على أهليته ومقدرته على إدارة البلد وقيادته، وهو أيضا قد يكون فرصة للمعارضة للرجوع إلى الصواب تبرهن من خلالها على مقدرتها على التراجع عن الأخطاء إذا كانت هنالك أخطاء وتساهم بذلك في سكينة البلد وتقوية وحدته الداخلية، وتترك الإدعاءات التي لا أجد لها مبررا، وبذلك نسعى جميعا إلى مايقدم البلد ويطوره وينمي ديمقراطيتنا.
الكلمة: توجد في البلد أزمة سياسية، هل هنالك أيضا أزمة اقتصادية وماهو تقييمكم للأوضاع المعيشية للمواطنين ولتسيير الحكومة في هذا الجانب؟
الرئيس مسعود: سأعود بك أيضا إلى المبادرة، التي شرحت فيها تصوري لواقع البلد وكما قلت لك لست راضيا عن الأوضاع الإقتصادية للبلد وذلك لأسباب وضحتها في المبادرة ويتجلى ذلك في شعورنا جميعا أن الثروة الهائلة التي يقال بأن بلدنا يمتلكها سواء كانت في الصيد أو المناجم أو البترول، المستفيدون منها قلائل والمواطنون غير متساوين في التوزيع أو الإشراك وهذا الجانب يشهد غموضا كبيرا، وماهو معلوم أن المواطنين غير متساوين وقد أشرت إلى أن هنالك غبن كبير في المجال الإقتصادي، فلو نظرنا إلى الثراء والأثرياء في البلد يمكن حصر ولاياتهم، بل بالإمكان حصر أسرهم أما بقية الموريتانيين، فلا يجدون نتيجة لثروات بلدهم الكبيرة،
وبالنسبة لي يجب تغيير هذا الوضع وعلى السلطة أن تفهم جيدا أن هنالك غبن كبير وأن الموريتانيين متعطشين إلى أن يتم إشراكهم جميعا بحيث يمكنهم الإستفادة من سمكهم وحديدهم وذهبهم الذي يجري الحديث عن نهبه بشكل كبير، ويجب أن يظهر هذا على رواتب المواطنين بزيادتها، وتنظيم ضمان اجتماعي لائق يستطيع حمايتهم بعد سن الشيخوخة ، ويجب أن ينعكس على تعليم الأبناء وتحسين البنية التحتية، وخلق نهضة في جميع المجالات في الطرق والمواصلات والمشارع المدرة للدخل و يكون لدى الجميع وسائل العيش الملائمة الجيدة لأن إمكانيات البلد من النقود التي قيل بأنها كبيرة يجب أن توزع أو تستثمر في مشاريع، فكنز النقود لا يعبر عن حجمها والأفضل أن يتم استثمارها وتوزيعها من أجل أن يساعد ذلك في حركية السوق المحلية، وهو الشيء الذي من شأنه أن ينعكس على حياة المواطنين بالاحسن، والحالة الإقتصادية الراهنة للبلد لست راضيا عنها،
والحال نفسه ينطبق بالنسبة لي على الحالة الإجتماعية، فالتعليم متدني إلى أقصى درجة بل يمكن القول بأنه لم يعد لديه أهمية وقد قلت في المبادرة أن المجتمع لم يعد يعطي أهمية للتعليم لأن الشعور السائد أن المتعلم إذا تحصل على أكبر شهادة لا يضمن ذلك له العمل كما لا يضمن له راتبا يغنيه عن الفقر، ولا يضمن له إمكانية تعليم أبنائه ولا الحصول على سكن لائق، في حين يمكن لشخص جاهل لم يتعلم إذا كان لديه وساطة أن يحصل ويجبي أموالا كثيرة، في حين يحرم المتعلم الذي قضى عشرات الأعوام في الدراسة، مما جعل الجميع يبتعد عن الدراسة والتعليم وهذا خطير جدا، والحالة الصحية متردية جدا حيث شاهدنا أخيرا آبار ملوثة ومسممة يتزاحم عليها المواطنون طلبا للشفاء،
إذا الحالة الصحية متردية والتعليم متدني والبطالة منتشرة والأجور ضعيفة جدا، والأسعار مرتفة وفي تصاعد دائم، والحقيقة أن المواطنين في ورطة، مع العلم أن الوضع يمكن تحسينه، وتوجد أيضا شرائح كبيرة مهمشة والحقيقة أن التهميش بدأ يعم جميع الناس، لأن الجميع أصبحوا غير متعلمين، ومرضى، لكن توجد مجموعات نشأت تحت وطأة التهميش والفقر، وهذا غير بعيد عن المثل الذي سمعت البعض يقول بأنه كانت هنالك سيدة جميلة وتقدم بها العمر وفقدت جمالها فرآها شخص قبيح أصلا فقال "ال اكبر احشم" في إشارة منه إلى أنها أصبحت قبيحة فردت عليه "ول اخلك حشمان" في إشارة منها إلى أنه ولد قبيحا، إذا يوجد من لم يعرف التعليم في يوم من أيامه ولم يعرف الحال الحسن، ولم يعرف الصحة الجيدة ولا السكن الراقي...
وهذه شرائح عريضة في البلد هذا هو حالها وبدلا من تخفيف وطئة معاناتها تزداد هذه المعاناة، لأن البؤس ينتشر وبدأ يمس بعض الذين حظوا بهذا من قبل أو ببعض منه، ولا شك أن الإرتفاع المذهل للأسعار والزيادات المسجلة في هذا المجال تعد من أكبر المشاكل التي تواجه المواطن البسيط الذي لا يتوفر على قوت يومه وكذلك تثقل كاهل أصحاب الأجور �