أسدل الستار قبل ايام علي الجلسات الوطنية للتربية والتكوين التي وعد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بإقامتها قبل ان يعاجله الانقلاب ليتركها معلقة ومن ثم يأتي الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليجعل من اقامتها جزءا من برنامجه الانتخابي
.
وليوفر لها كل الوسائل المادية واللوجستيكية الضرورية مسندا للجنة كونها لهذا الغرض مهمة الاشراف والتسيير لمختلف مراحل هذه العملية .
ومع ان هذه اللجنة قد أعطيت من الوسائل والوقت ما يكفي لانجاز هذه المهمة فان خلاصة عملها كان في النهاية جزءا لا يتجزأ من الواقع الذي اعلنت الحرب عليه باعتباره واقعا مزريا ومترديا كما لم تستطع الخروج قيد انملة عن تشخيص وتصور وقراءة واستشراف من اعتبرتهم --- وفي كل الخطابات الافتتاحية لرئيس اللجنة وللوزير الاول ولوزير الدولة للتهذيب --- المسؤولين عن كل الاخطاء المتراكمة والأزمات المتتالية التي تأتي المنتديات من اجل التفكير في حل معضلها وتدشين تحول يمكن ان يدفع في اتجاه تجاوزها ذلك ان الحرس القديم كان مدعوا كله ليحمل وحده مسؤولية الاخطاء وليطلب منه ثانيا ان يبتكر في الدهاليز والورشات الحلول وكآن اللجنة تدين بالمبدا القائل ليس بالامكان احسن مما كان،
فهي وان حملتهم مسؤولية الفشل الا انها عاجزة عن إيجاد البديل كما انها لاتملك لاالقدرة ولا الشجاعة ولاحتي الوقت ولا الاهتمام لذلك اذ ان لديها اهدافا اخري غير تربوية تريد تحقيقها بمناسبة انعقاد هذه الجلسات فلا تريد ان تضيع الوقت في امر لايشكل اولوية بالنسبة لها حتي ولو كان اصل ومنشا هذه الجلسات لذلك لم تفعل غير التلفيق والترقيع او علي الاصح التبني وادعاء اعمال الغير ممن تعتبرهم — زورا — المسؤولين عن الفشل والاخطاء وذلك من باب شرب الخمر وتسميتها بغير اسمها فقد طلبت من الرموز اعداد العمل وبصمت عليه باعتباره عملها دون ان تخشي رقيبا او تكذيبا من احد فهي تستخف بالسلطة السياسية الغائبة وتري ان راس السلطة التنفيذية لا يعرف شيئا عن القطاع وليس لديه ادني تصور عن ما يلزم القيام به بدليل تركه الحبل علي الغار ب لها تجرب نطاستها في مجال اغلب اعضائها لا يعرفون عنه غير الاسم ولولا هذا التعيين المفروض قسريا لما فكروا فيه ذلك انه يستحيل عقلا ان يتحول شخص ما بضاعته في العلم مزجاة لخبير ومفكر لمجرد ان قرارا سياسيا فوقيا عينه عالما ومفكرا.
ويستثني من هذا طبعا بعض اعضاء اللجنة المبرزين والمشهود لهم بالكفاءة والحصافة الفكرية كالدكتور بلال ولد حمزة والخبير التربوي الداه ولد ديديا والدكتور احمد ولد الراظي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي كان عرضه حول الامية والتعليم الاصلي فريدا في مجاله وسد فراغا ملحوظا في عرض محمد المختار ولدسيدينا الذي اشار فقط الي هذا المجال ولم يعمقه مركزا علي المجالات الاخري وكانه كان يعي تماما ان لهذا المجال متخصصين سيشبعونه درسا فركز علي المجالا ت الاخري التي لن يجد فيها المشاركون علي ما يبدو الا ما سيقدمه لهم .
و حتى لا نبقي نناور حول الموضوع نجمل في العجالة التالية ابرز الاختلالا ت التي طبعت عمل الجلسات وافرغتها من محتواها اوقللت من النتائج التي كانت منتظرة منها .
لقد كانت الايام كلها باستثناء العرض الذي قدمه الدكتور احمد ولد الراظي قراءة مشوهة ومشوشة لدراسة اعدها الخبير محمد المختار ولد سيدينا واسغرق عرضه لها كل اليوم الاول باستثناء الوقت الذي خصص للافتتاح الرسمي ورغم ان هذه الدراسة جادة واصيلة وتنفتح علي تجارب الدول المتقدمة في شبه المنطقة وفي العالم كما تستند لكم كبير من المعطيات الاحصائية والدراسات الجادة التي انجزتها هيئات تربوية وثقافية دولية كا ليونسكو الا انها عمل فردي لشخص علي حصافته وخبرته الطويلة في الميدان وتمكنه من مختلف جوانب الموضوع لا يمكن ان يستعاض به عن كل هذا التشاور الذي قال رئيس اللجنة انه تم علي المستوي القاعدي والجهوي والمركزي الا اذا كان ذلك التشاور— وكما هو الواقع فعلا — تزية وقت وانشغال بكل شيء غير التفكير والدراسة واقتراح التوصيات فلم يكن أمام مؤطريه ومسيريه غير تبني دراسة ولد سيدينا هذا التبني الذي سيستمر كما سنري إلي ما بعد الجلسات الوطنية حيث شكل أيضا مخرجا جاهزا للمشاركين في تلك الجلسات فقاموا بتحريفها وتحويرها ايضا علي نحو مخل وقدموها – زورا وتزويرا وتحريفا — علي انها عملهم ويكفي للتدليل علي هذا عقد مقارنة بسيطة بين تلك التوصيات والدراسة لندرك حجم التلفيق والتزوير والاستهتار الذي طبع عمل المشاركين وأطرته وأجازته وبصمت عليه رئاسة اللجنة دون ان تقدر مستوي الضرر والخطورة التي يمثلها خداع امة بأسرها واستخدام الثقة التي حظيت بها لتسويق الأكاذيب والأباطيل .
لم يكن للمشاركين في تلك الجلسات الوطنية والورشات التي سبقتها الوقت ولا الخبرة اللازمة لإضافة شيء جديد ومفيد كما أن أفكارهم كانت محصورة ومنحصرة في جملة من المطالب والامتيازات الصغيرة المرتبطة بالوظيفة وهو ما جعلهم يعجزون عن استنتاج آراء وصياغة خلاصات تجد مكانها في التاطير الذي كتبه الخبير ولد سيدينا في مكتبه وضمن تصور لايستند الا الي رؤيته الخاصة وهوما اعطاه هذا التناغم والانسجام الذي شهد به كل المشاركين ومكنه من السيطرة عليهم فكانت كل نقاشاتهم سعيا لاستكناه جوانبه والبحث عن مضامينه ومراميه والدوران داخل عباءته .
وعليه فان هذه الدراسة التي تم تبنيها ليست وليدة تشاور المشاركين ولا حصيلة عملهم كما ان الخبير ولد سيدينا الذي انجزها جزء من الحرس القديم اذ كان رئيسا لقطاع البحث والتكوين المستمر في المعهد التربوي ومديرا عاما للتعليم الثانوي نهاية العشرية الأخيرة من القرن الماضي قبل ان يقيله الرئيس معاوية ربما لانه كان يقود جناحا للإصلاح داخل الوزارة علي نحو لا يرضي توجهات النظام في تلك الفترة ومع ان هذا الانتماء الذي هو في مستوي المجاورة لا يقدح في دراسته ولا في علمه وخبرته المشهود بها دوليا بحكم اعتماده خبيرا تربويا من طرف اليونسكو وهيئات تربوية وعلمية دولية عديدة الا انه لا يتماشي مع ما أعلنه رئيس اللجنة من تحميل جيله من المدراء والمسؤولين كل الأخطاء والاخفاقات التي يتردي فيها النظام التربوي و التي تاتي المنتديات لاصلاحها وتجاوزها من خلال تدشين قطيعة ستتم ويا للمفارقة بواسطة خبرة وتوجه وتاطير من اعتبروا – زورا – مسؤولين مباشرين عن تكرسها وانتاجها ممارسة للفساد ووقوفا أمام الإصلاح عجبي.....
اللجنة كانت ايضا احادية فلم تشمل ممثلين عن قطاعات اخري معنية بالعملية التربوية ويمكن ان تساهم في اثراء نقاشاتها لو حضرت كما غاب عنها السياسيون وهولاء لهم دور محوري في ما يتعلق بتكييف الاهداف مع التوجهات الاستراتيجية والاعتبارات القومية والحضارية للامة هذا فضلا عن تغييب الاسرة المحظرية وتجاهل رموزها وكل الفاعلين فيها وان كان هذا التغييب قد خفف منه حضور شخصية علمية إسلامية معروفة هي الدكتور احمد ولد الراظي .
لقد كان اغلب المشاركين من المعلمين والاساتذة الصغار والمفتشين وهولاء خبرتهم لاتتعدي في الغالب الاطار الضيق للمادة التي يتخصصون فيها احاديا الامر الذي يجعلهم بالضرورة عاجزين عن تكوين رؤية شمولية هي ما يلزم ان يحققه هذا النوع من الجلسات .
ارتادت هيئة التسيير في اللجنة مجالات غير مسبوقة من التقشف والتقتير لدرجة الذهاب لما بعد البخل فقد طففت الفطور وقدمت مشاريبه القليلة غير مبردة حتي لايستسيغها المشاركون ومن ثم يسهل اعادتها الي الحانوت الذي اخذت منه كما ان الغداء الذي وعد المشركون به لم يقدم في الخيام المعدة لذلك لينصرف اغلب من حضروا بعد ان يئسوا من مجيئه ولايبقي منهم الا بعض المحظوظين ممن اوعز اليهم اصدقاؤهم من المطلعين علي خبايا الامور من ان ثمة شيئا ما مخفيا في ركن قصي وخفي من أركان مركز التكوين والتبادل عن بعد المجاور لقصرالمؤتمرات حيث عقدت الجلسات فاتجهوا اليه لكنهم لم يهنؤوا بالأكل نظرا الي ان السيارة التي جاءت بالغداء كانت ترابط قريبا منهم وتتاهب لجمع الصحون خصوصا تلك التي لم تنزع اغطيتها وهوما سيمكن اللجنة من استرداد ثمن الاطباق خصوصا وانها تطبق المبدا القائل ندفع ثمن ما نستهلك فقط بعد ان نراوغ ونساوم ونتلكا ونمانع .
مخصصات المشاركين شملها التطفيف ايضا حيث لم يعطو بعد الطوابير الطويلة غير دريهمات لاتغطي تكاليف النقل احري ما فوق ذلك كما حرم المتعاونون من حقوقهم بدعاوي باطلة من قبيل انهم لم يستفو اجراءات تتجدد كلما استوفوها وتعاد من جديد تسويفا وتعقيدا حتي يملوا فيتركوها كما لم يجد الاعلام مخصصات التغطية واعتبر رئيس اللجنة انهم يقومون بعملهم الذي لايجوز بحسبه ان يجدوا عليه اية تعويضات وكأن كل المنكوبين الذين رمي بهم حظهم التعيس علي طريق المنتديات عليهم ان يحترقوا حتي يستأثر هو وحاشيته بالمخصصات التي ليست علي ما يبدو لانجاز هذا العمل وانما لاغراض اخري .
وهكذا فان المنتديات لم تتمخض الا عن عمل فردي لشخص من النظام القديم الذي حمل كل الاوزار وهو ما يعد علي الاقل من وجهة نظر لجنة المنتديات تكريسا للرؤية القديمة ضمن ارتكاسة تتنكب الاصلاح وتبحر في الجهة المعاكسة له تماما.
عبد الفتاح ولد باب كاتب صحفي