دعا الكويتيون الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بعد إنتهاء ولايته لزيارتهم بعد أن وضعت حرب الخليج الثانية أوزارها بعامين , فلبَّى بوش نداءهم وكان سبب إشخاصهم إليه هو تكريمه في ما وصفوه بذكرى تحرير الكويت ,
.فما كان من المخابرات العراقية إلا أن تأهبت للإنتقام من بوش المتهم بأنه إرتكب جرائم حرب في نفوس العراقيين وفرض الحصار الإقتصادي الظالم عليهم وأنهى فترته الرئاسية وسيحلُّ على الكويت ضيفُ شرفٍ غير ذي وزن ثقيل كحاله عندما كان رئيساً , إذ بات الآن في متناول أيديهم ولا يُحاجز بينهم وبينه سوى حُراسٌ قليلون ليسوا بحصنٍ منيع فيما لو أعدت خطة محكمة لإستهدافه
توغلت في العُمق شبكة تابعة للمخابرات العراقية بعد أن جاوزت الحدود الكويتية خلسة من الشمال وكان أعضاء الشبكة ثمانية أشخاص معهم سيارتان إحداهما جيب تويوتا والأخرى جيمس و 80 كيلوجراماً من المتفجرات على شكل عجينة ليتم تشكيلها واستخدامها بطريقة يسيرة و20 كيلو جراماً من متفجرات أخرى , وقد خططوا لتفجير موكب الرئيس الأمريكي أثناء حفل الإستقبال في مطار الكويت الدولي بسيارة جيب مفخخة يقتحم بها الموكب فدائي مخابرات إسمه والي الغزالي , وقد خططت الشبكة المخابراتية في حال فشلها في إيصال السيارة بالقرب من طريق مرور الموكب أن يقوم فدائي المخابرات نفسه بربط حزام ناسف حول جسمه لتفجيره وسط الزحام بعملية إنتحارية تم تدريبه عليها لتنفيذها إذا إقتضت الضرورة ذلك , وقبضت السلطة الكويتية على أعضاء الشبكة التي أرادت إغتيال الرئيس بوش الأب أثناء زيارته للكويت في 15 إبريل 1993 وتم القبض على شخص آخر كان متوارياً قادت التحقيقات رجال المباحث الكويتية للوصول إليه , وذكر المحققون الأميركيون أن المتفجرات التي أُدخلت إلى الكويت هي ذاتها التي تستخدمها أجهزة الإستخبارات العراقية
صرَّح المتهم والي الغزالي أنه حاول إغتيال بوش إنتقاماً للعراقيين ولعائلته التي قتل منها 16 نفساً أثناء القصف الجوي الأميركي ولتسببه في معاناة ملايين العراقيين بالحصار الإقتصادي المفروض على العراق
أمر الرئيس الأمريكي كلينتون بشن هجوم بصواريخ كروز عابرة للقارات إستهدفت مقر المخابرات العراقية في حي المنصور ببغداد وفندق الرشيد ببغداد المنقوش على أرضية المدخل إليه رسمة لصورة بوش تدوسها أحذية الداخلين والخارجين نزلاء كانوا أو زواراً أو ساكنين
من هناك أضمر بوش الإبن في نفسه نية الإنتقام فيما لو فاز في إنتخابات الرئاسة الأمريكية التي سيرشح نفسه فيها في المستقبل القريب , ولقد كان , إذ ترشح بوش الإبن وفاز وبات رئيساً للولايات المتحدة , وأظهر نيته للسفير بندر بن سلطان بأنه سيغزو العراق للإطاحة بصدام حسين الذي “حاول قتل والدي” !
كان بوش يكذب على العالم عندما زعم أن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل وأنه سيستخدمها ضد جيرانه وأن صدام على علاقة بأسامة بن لادن وأنه يدعم تنظيم القاعدة ويدعم “الإرهاب” , كل ذلك لأنه لا يجرؤ على أن يفصح عن الحقيقة وهي أن قرار الحرب بالنسبة إليه شخصي وعائلي ولأنه لا يستطيع أن يُصرِّح بأن جيوش التحالف ستغزو بلداً وتدمره وتمزقه تمزيقاً وتقتل الألوف من أهله على قضية أُغلقت ومرَّ عليها من الزمان عشرُ سنين ولم تحدث في أرض الولايات المتحدة وحوكم فيها المتهمون وليس فيها دم أو ضحية أمريكية من الأساس !
نسوق ذلك لنُبيِّن مدى إستهتار الجانب الأمريكي بأرواح الناس وخاصة إن كانوا من العرب والمسلمين بحيث تتحرك أساطيلهم وطائراتهم وتتساقط صواريخهم وقذائفهم لتمزق أجساد المدنيين الأبرياء لتصفية حسابات مع فردٍ واحد , أكان ذلك الفرد رئيساً أو قائداً لحزبٍ أو جماعةٍ أو تنظيم , ثم من الذي سيحاكم الرئيس الأمريكي نفسه على جرائم الحرب التي إرتكبتها قواته في العراق ؟
إن كان غزو العراق قد تم بتهمة إقدام النظام السابق على الشروع في قتل مواطن أمريكي خارج أرضه , فماذا عن جرائم قتل ألوف العراقيين في أرضهم ؟
في مثل هذا اليوم قبل 12 عاماً كانت ساعة الصفر لتلك الحرب , وكان الرئيس الراحل صدام حسين قد تزوج في عام 2001 موظفة حكومية إسمها إيمان مُلاَّ حويش وهي إبنة عبد التواب مُلا حويش الذي كان نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للصناعة والتصنيع العسكري وإستسلم للقوات الأمريكية في مايو عام 2003 , ولاشك أنه من أقارب يحيى طه حويش الذي كان قائداً للقوة البحرية وعصام الملا حويش الذي كان محافظاً للبنك المركزي
وقد كانت “إيمان” سبباً لنجاته من موت محقق بعد مخاصمة مع زوجته الأولى “ساجدة” في منتصف ليلة 20 مارس 2003 وهو يوم إنطلاق الضربات العسكرية بماأسمته الإدارة الأمريكية (الهدف الفرصة) الذي عجّل ببدء الحرب قبل الموعد المحدد بأسبوع حيث كانت المخابرات الأمريكية قد زرعت عميلاً لها في الدائرة الضيقة المحيطة بصدام ومن خطوط الحماية في القصر الرئاسي , وقام هذا المصدر بتزويد الإستخبارات الأمريكية بمعلومة مهمة في تلك الليلة , وهي أن الرئيس سيغادر في تلك الليلة مقر إقامته متوجّهاً إلى مجموعة فيلات سكنية شمال بغداد لتأمين زوجاته وبناته ثم يتوجه إلى ملجأ مُحصَّن قريب من هذا المجمع السكني , وبناءاً على هذه المعلومة قرر الرئيس الأمريكي إستهداف صدام عاجلاً في تلك الليلة ,
ولكن أمراً قد حدث في المجمع السكني , وهو أن السيدة ساجدة رفضت السكن في الفيلا المجاورة لفيلا السيدة إيمان فحدثت مشادة كلامية وارتفعت أصوات الزوجتين وسط صمت حراس ومرافقي الرئيس أمام مسألة عائلية لا يمكنهم التدخل فيها , فحاول سكرتير صدام عبد حمود التكريتي أن يحل المشكلة لكن ساجدة كانت مصرة على أن تغادر إيمان إلى فيلا أخرى بعيداً عن فيلتها , فتوصل عبد حمود التكريتي وعدي وقصي إلى حلٍ وسط لهذا الخلاف , وهو أن تبقى ساجدة في الفيلا المجاورة لمقر زوجها بينما تقيم إيمان في الفيلا الواقعة على الجانب الآخر ليصبح صدام بينهما , وبهذا إنتهت المشكلة وانصرفت كل زوجة إلى المقر الذي إنتهى الإتفاق إليه , وقد إستغرق فض هذه الخلاف النسائي أكثر من ساعتين ,
ولم يتدخل فيه صدام بل كان متفرجاً من بعيد وأوكل سكرتيره ونجليه لحل ذلك الخلاف , وكان عميل الإستخبارات الأمريكية في الموقع المحدد مع مرافقين آخرين وصلوا إلى الملجأ القريب من المجمع السكني قبل الرئيس وسكرتيره , لكن الرئيس تأخر لأكثر من ساعتين بسبب (عركة) ساجدة وإيمان التي وقعت بعد منتصف الليل واستمرت إلى قبيل الفجر, وكان العميل عاجزاً عن معاودة الإتصال عبر هاتف الأقمار الصناعية ليخبر الوكالة بتأخر وصول صدام إلى الموقع المحدد , فظن الأمريكيون أن الهدف في الموقع المحدد , ولعدم إتصال العميل مجدداً فسّر الأمريكيون الأمر بأنه لا جديد وأن كل شيء على ما يرام , لذلك لم تتغيَّر الخطة ,
وبينما كان العميل يحاول مجدداً الإتصال ليخبرهم أن الرئيس قد تأخر ولم يحضر إلى الموقع سارع الأمريكيون ببدء القصف بغارة جوية على الملجأ وقتل في الغارة جميع من سبقوا الرئيس بمن فيهم العميل نفسه , وكانت تلك بداية الحرب التي أوصلت العراق إلى ما وصل إليه