يعتبر القرار الذي اتخذته وزارة التعليم بإعادة بعض الاعتبار لمادة التربية الإسلامية من بين نقاط مضيئة قليلة جدا في أفق هذه الوزارة المعتم على الدوام، ذلك أن هناك حقيقة أثبتتها تجارب الوجود البشري وحتمت على كل مجتمع يسعى أهله للفعل والبقاء أن يضعها في مقدمات حساباته وهي أن التربية والتعليم حراس مجتمعهما وحاضن وجوده المرادف لهويته، رغم أن الأخيرة لا ترد إلا بالترادف للمعنى الذي يطلق على اسم الوجود الكلي لكل أمة وشعب. وهوية الشعب الموريتاني حددها موروث جمعي تاريخي طويل الامتداد في الزمان والمكان اساسه الدين واللغة، لذا كانت التربية الإسلامية وما تفرع عنها من علوم من أهم ركائز الاستمرار الفاعل المجتمع الموريتاني الذي لم يشتهر بشيئ إيجابي قدر اشتهاره باحتضان ونشر العلم والمعرفة.
إننا في حزب الصواب نعتبر رفع ضارب هذه المادة وزيادة وقتها وتعميمها على مراحل اساسية من مراحل التعليم خطوة جبارة في سبيل عودة الروح إلينا كجماعة من حقها أن تعرف من هي وما ذا تريد أن تكون عليه، بعد أن أنهكت مناهج تعليمها خيارات تجتمع مراميها القريبة والبعيدة على الإغواء الثقافي والحضاري واختطاف هوية شعب ووضعها رهينة لهوية ثقافية أساسها اللغوي يتلاشى عالميا وتتقلص يوما بعد يوم مساحات تأثيره حتى في عقر داره.
إن هذا القرار ينبغي أن تتجسد حمايته في إعادة الروح للغات البلد الوطنية وفي مقدمتها اللغة التي حملت هذه المادة وما تفرع عنها من علوم أكثر من أربعة عشر قرنا. وتتجسد حمايته أيضا بإعادة الروح لاحترام دستور البلاد وإنصاف أهلها بإعادة الاعتبار للغاتهم الوطنية تعليما وتكوينا، خصوصا أننا نعيش الأيام الأولى من شهر نحتفل فيه باستقلال لن يكون له من معنى إذا لم يكن استقلالا من نقيض كولونيالي كان أساس تجسيد بغية في فرض لغته وما تحمله تلك اللغة.
نواكشوط، 02 نوفمبر 2014
القيادة السياسية