كنت إلي وقت قريب من المشككين في استهداف رجل الأعمال "محمد ولد بعماتو" من قبل السلطات ومحاولة إقحامها أجهزة الدولة في تصفية الحسابات الشخصية لرئيس الجمهورية مع ابن عمه بهذه الطريقة الوقحة والمكشوفة.
.وذلك لكوني ممن يتبنون النظرية الأرسطية في مجال الدولة القائمة على أن الرئيس بمثابة الأب في الأسرة يرعى مصالح الجميع ،ويسهر عليها دون تمييز ،وهذا دوره الطبيعي ، ومن غير المقبول أن يكون له ند من مواطنيه.
لكن شكوكي تلك سرعان ما تبددت أمام عمليات التغريم المجحفة التي مارستها إدارة الضرائب ضد المؤسسات التابعة ل"ولد بوعماتو" وما رافقها من سحب للودائع الحكومية في مصرفه ،واحتجاز لمبالغة مالية كانت مخصصة لتسيير هيئته الخيرية من طرف البنك المركزي، و أخيرا وربما ليس أخيرا محاولة إقحام المسؤول الأول في مجموعته في قضية "موريتانى ارويز "التي لا علاقة له بها بل و إيداعه السجن.
إجراءات مستغربة حطمت النظرية الأرسطية على صرخة الواقع المقيت، أو على الأقل جعلت الموريتانيين يدركون أن بلدهم قد يكون استثناء من القاعدة ، وان رئيسهم ليس أباهم الشرعي فربما يكون ارتبط بأمهم بمعاشرة حرة أو عن طريق زواج عرفي فأجبرهم على الانصياع لأوامره واجتناب نواهيه بالقوة.
فهل يعي القائمون على الدولة اليوم إنهم يحملون معاول هدمها بأيديهم؟ فالدول تساس بالعقل والحكمة بعيدا عن العواطف وتصفية الحسابات الضيقة ،وهي تستقيم على الكفر دون أن تستمر مع الظلم .
ناهيك عن ما قد ينجر عن هذه التصرفات الرعنى من طرد للاستثمارات ،وتخويف لرؤوس الأموال الجبانة أصلا،حيث يعيش اغلب رجال الأعمال الموريتانيين وحتى الموالين منهم للنظام حالة من الهستريا والخوف يغذيها أن ماضي "ولد بعماتو" المشرف مع "عزيز" لم يشفع له حيث كان اقرب مقربيه وداعميه في وقت كان في أمس الحاجة إلي الدعم والمساندة لتقبل انقلابه على الشرعية المرفوض محليا ودوليا ،غير أن إرادة "ولد بعماتو" الفلاذية استطاعت اختراق الصف الدولي المناهض للانقلاب ،وخاصة من خلال فرنسا التي ابدت معارضة شديدة له ،والسينغال التي يرتبط "بعماتو "مع رئيسها بعلا قات خاصة مما أفضى إلي اتفاق داكار وقاد في النهاية إلي انتخابات توافقية .
و في الجبهة الداخلية واصل" بعماتو "-الذي تنازل عن كل شيء حتى كبرياءه- العمل ليل نهار لإنجاح مرشحه، وهو ما تحقق في انتخابات 2009 المثيرة للجدل، والتي مازال الرجل يحتفظ بأخطر أسرارها وألغازها مما يعنى انه لا احد في مأمن من الاستهداف ما دام القانون مغيبا ،والقضاء أداة طيعة في يد رئيس الجمهورية لتصفية خصومه السياسيين ،والاجتماعيين ،وحتى الشخصيين، وفي هذا الإطار كان اعتقال الوزير الأول السابق "يحي ولد احمد الوقف"،و اعتقالات رجال الأعمال المقربين من الرئيس الأسبق" معاوية ولد الطايع "،و اعتقال المدير السابق لصناديق القرض والادخار "احمد ولد خطري"،والمفوض السابق لحقوق الإنسان "محمد الأمين ولد الداده "،واليوم "ولد الدباغ "، والقائمة قد تطول..