لماذا ترفض السلطات الترخيص للأحزاب وهي تتشبث بالديمقراطية؟!!/إشيب ولد أباتي

2022-12-21 16:51:44

ألم تكن المفارقة في رفض السلطات الإدارية، الترخيص لقوة من الحراك السياسي،  مع حماية نظام الحكم الحالي  للديموقراطية ؟!

فلتبق حيث  تكون  في إطار قوى الحراك السياسي الذي يراد له أن يبقى فاشلا إلى هذا المستوى،  سواء أكنت من الموالين للنظام السياسي، أو من المعارضين له، لكن هل تستطيع أن يكون عندك وعيا وطنيا، أو قوميا، ولو فضلت الأول على الأخير، و الانعزال في جزيرة " الواقواق " الوطنية التي لا تحدها اليابسة، خلافا لباقي  مناطق وطننا من شرقيه، وشماليه، كجزء من  الوطن العربي الكبير ، حيث تفرض الجغرافيا  عليك  الانتماء القومي...؟

ثم قل لي من فضلك ، بم تفسر الأدعاء بتبني مقولات الديموقراطية الغربية بعد استرادها الى جانب عجزها عن الاستيلاد في أي تجربة سياسية عندنا على  الرغم من  الحمل الكاذب  منذ تسعينيات القرن الماضي، وليس في تسعة اشهر، او ثلاث سنوات، فحسب، وتاكيدا لذلك اللااعلان من  السلطات الإدارية  الحالية عن رفض مانع لممارسة الحقوق  الديمقراطية بقضها، أو قضيضها، وكان عدم الإعلان،  ليس إلا  رفضا مستنكرا من طرفنا، بينما تصوغ الجهات المعنية  لنفسها، أن تتبني من قيم الديموقراطية  مفاهيمها، كقوالب مفرغة من كل مضامينها وفق مقياس  من " المنطق" غير القابل للقياس، أو الاستناج، أو الاستدلال، من " ماصدقات"  عدم اعطائها ترخيصا، كدليل على الرفض، علما انها تعطي من تشاء  رخصها، وترفض اعطاءها  لمن، يمكن ان يفعل - بتضعيف العين، وكسره - الحراك السياسي من القوى الوطنية القومية؟!

 لكن،  ألا يفرض  ذلك التساؤل  عن حدود مراعاتها لمسطرة الدستور الذي يخول لمختلف اتجاهات القوى السياسية  حقوقها السياسية  الشرعية في تكوين حزب سياسي من أجل الدفاع عن الحقوق المدنية للمواطنين، ووحدة البلاد المهددة، والتماسك الاجتماعي المهلهل بالفئوية، والقبلية، والجهوية، ورموز الانظمة السابقة من الاعيان، وذراريهم..  

وقد غاب عن الحهات المانعة بصمتها الذي يستمد وحشته المخيفة  من صمت القبور، أن الاحزاب القومية من منطلقاتها الفكرية، الدفاع عن  نظام الجمهورية، ومؤازرته، باعتباره رمزا للتحديث، وأداته المعطلة

 للأسف في بلادنا، وفي باقي اقطار الوطن العربي...؟!

......

وهل "البرد أقل قسوة من السؤال الأصعب"؟

 نعم، كان هذا السؤال للراحل "غسان كنفاني" في حوار  ذاتي لبطل قصته التي ظهر فيها صراع القيم الثقافية والاجتماعية، كنظافة اليد،  وإن كان من تبعاتها، استدامة التجويع للفلسطيني في مخيمات اللجوء.. وبين الاستدراج المستهجن في سلم السقوط الأخلاقي ...

وكان  السؤال  للمقارنة بين ما هو أصعب من غضب الطبيعة، الجوع مع البرد القارس، او في يوم جاف، وحار، ونضيف اليها من عندنا، احتقار المواطن، ودونيته - في وطنه المفدى -  التي اضحت من محددات الهوية الوطنية في مجتمعاتنا العربية و عناوين هوياتية لأنظمتنا السياسية التي حولها الغرب اللعين  إلى حضانات ل "وكلائه"  القيمين  على الثروات الطبيعية  كجبال الحديد، النحاس، الذهب، الزنك، الأورنيوم،  الفسفات،  ومخازن الطاقة: الغاز،  والبترول،، لذلك لو احترقت  المجتمعات العربية، لكان ذلك من كوارث الطبيعة، ولكن الأقسى، والأسوأ،  أن تكون  من سوء" التدبير"، وهو، كجرعات" السم" الزعاف الذي تقننه النخب التي صارت، كالسجاد الأحمر المنشور لأقدام أحفاد الغزاة، وهم يصولون، ويجولون في الوطن العربي، ويستقبلون لانتزاع  الاعتراف بتاريخ الاحتلال، باعتباره واجبا اخلاقيا، وانسانيا،  وسواء أكان زمنه في  الماضى، أم  في  الحاضر،  وحتى في المستقبل المنظور ..!

واعطاء تاريخهم الاجرامي في بلادنا قداسة الأفضلية في التبعية،  كما في  سياساتهم الامبريالية،  المشرعنة بالصيغ اللاحضارية التي تبرر  بها  الإبادات الجماعية،،  لكن من يعطي هذه المشروعية لمن يفرضها من ابناء العلوج، ك" مكرون"، و" بايدن"، و"النتن ياه"  على حكامنا الميامين في قصور العظمة، والجلالة، وغيرها من  "الصفات" الالهية  باعتبارها ،"عين الذات الالهية" عند بعض  العلماء في علم الكلام في فكرنا الاسلامي..

بينما نخبنا السياسية الفاسدة  توظف الصفات، والاسماء  الالهية  لتعتاش منها، قبل  ان تزف جماعة، وافرادا  إلى  قمامة النسيان، كالمناديل بعد أن تتسخ  بعرق أرنبة أنف أحد من  قادة انظمتنا السياسية التي ترفع الأعلام الوطنية، ويغنى النشيد ، وتدق الطبول  في كل مدينة، وقرية  لدى استطلاع فخامته ، و جلالته لنسبة  الأصوات التي يحتاجها من مجتمعه الهلامي، لنجاحه على خصمه  في الانتخابات التالية...!

 وأقسى من غضب الطبيعة، أن تبحث لعاصمة عربية عن هويتها القومية، باستعارة أسماء  رمزية، تخفق نبضات القلوب  بحبها في الوعي العام، على الرغم من أنه  على حافة التشيؤ مع الطبيعة..!

لذلك يبس حلق أخي القومي، وتطاول ليله  من أجل التجاوب معه في الخطوة التي تداعب" الوعي"  العاجز عن اثبات الهوية القومية،  إلا بثلاث  لوحات  في شوارع  عاصمتنا، كتب على كل منها:  جمال عبد الناصر، والقدس المحتلة،  والشهيد صدام حسين..!

 

لقد عزت  القومية العربية في هذا الزمن العربي الرديء، كما عزت  القيادات القومية، حتى صرنا نبحث  عنها  في اندية" الفيفا" خلال دوراتها  الرياضية  عبر  التلاعب  بالأكر  بين الأقدام...!

قد  يتساءل البعض - وهو محق -  ما الفرق بين مسميات الشوارع  لتحديد  هويتنا القومية، وبين الآثار السياحية في قرطبة، وقصر الحمراء، و حائط  " الميريا"، كأول صرح بناه العرب في الأندلس، وكذلك جامع" باريس" الاسلامي  بشعائر أهله،  واللاديني - اللائكي -   في تفاعله مع محيطه السياسي الفرنسي..؟!

 

ولعل هذه القناعة في الرفض  للتكيف  مع القوالب المفرغة من مضامينها، ينسجم مع الموقف الرافض لتزييف الوعي، والتعلق  بالديموقراطية دون مضمونها حين يستبدل بالحرمان من الحقوق، فتبقى ك"الثمرة" الخاوية، وهذا هو الوعي الأنحرافي الذي، يشكل الرؤية الضبابية  لفهم الواقع السياسي، كما هو في تحديده لقيم الواقع السياسي الذي استجبنا لمظاهره الخادعة، لكنه رفضنا، واقصانا من تجربته السياسية..

 لذلك  حري بنا أن نسأل انفسنا،  لم التعلق بتجربة سياسية، كهذه، واعطائها ما لا تستحق حين نبحث  عن سياق الاندماج فيها بكل ما عليها ...؟!

 

قيل "لجورج  برنارد شو"، في مسرحية" السلاح والإنسان"، لماذا رفضت القيم العليا لمجتمعك؟

فقال: أنا لم أرفض القيم العليا لمجتمعي،  بل أرفض تزييفها، واحلال محلها  ما يشوهها من مفاهيم "رومانسية " شابت الفكر، والقيم  منذ العصر" الفيكتوري".

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122