ولد هوغو تشافيز في 28 يوليو/تموز 1954، وعاش طفولة سعيدة في سابانيتا وهي قرية تقع في جنوب فنزويلا. كان والداه مدرسين وعاش مع أشقائه وجدته. اهتم تشافيز طيلة فترة المراهقة بفنون الرسم قبل أن يغرم برياضة كرة القدم الأمريكية.
لم يستطع تشافيز إكمال دراسته في العاصمة الفنزويلية كاراكاس لأسباب مادية، فاختار في السابعة عشر من عمره الالتحاق بالأكاديمية العسكرية ليتخرج منها بعد أربع سنوات برتبة ملازم، متأبطا بندقية وكتابا لتشي غيفارا كما يقول تشافيز نفسه.
ثم التحق تشافيز بجامعة سيمون بوليفار في العاصمة الفنزويلية كاراكاس لنيل إجازة في العلوم السياسية إلا أنه لم يحصل على هذه الشهادة.
نضج وعي هوغو تشافيز السياسي خلال فترة المراهقة بفضل لقاءاته السياسية –شقيقه أسس في 1972 الحركة البوليفارية الثورية- وبفضل قراءاته لكارل ماركس وسيمون بوليفار. وخلال أدائه للخدمة العسكرية، كون تشافيز في 1982 الحركة البوليفارية الثورية 200، ذات التوجه الاشتراكي
شهدت فنزويلا في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي أزمة اقتصادية خانقة. وأدت سياسة التقشف في فبراير/شباط 1989 إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل حاد وإلى خروج مظاهرات في كاراكاس وامتناع عدد كبير من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات المحلية. وحاول هوغو تشافيز في هذا السياق وعلى رأس حزبه القيام بانقلاب في 4 فبراير/شباط 1992 وكان على رئيس فنزويلا آنذاك كارلوس أندريس بيريز إلا أن محاولته باءت بالفشل وسجن على إثرها لمدة سنتين. ودعا من زنزانته إلى انتفاضة جديدة لقيت نفس المصير.
12 عاما من الحكم
في 1994، حصل هوغو تشافيز على عفو رئاسي منحه له الرئيس رافايل كالديرا فور وصوله إلى السلطة. وبعد ثلاث سنوات أسس تشافيز نسخة سياسية من حزبه "الحركة البوليفارية الثورية" سماه حركة الجمهورية الخامسة". ما أعطى هذا الحزب طابعا سياسيا بعد أن كان عسكريا.
وفي 1998 فاز تشافيز في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية بـ56 بالمئة من الأصوات ورفع خلال حملته الرئاسية شعارا يساريا "عدو الأغنياء بطل الفقراء". وكان انتخاب تشافيز بداية لصعود الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية.
ومنذ وصول تشافيز إلى سدة الحكم في بلده، لم يغادرها أبدا. حيث أعيد انتخابه بنسبة تفوق 60 بالمئة من الأصوات عامي 2000 و2006. إلا أنه واجه خطر الإزاحة من الحكم بفعل انقلاب كاد يقصيه من رئاسة البلاد، حين قام رئيس غرفة التجارة بيدرو كارمونا باستغلال الأوضاع الاقتصادية المأساوية في البلاد بعد انهيار أسعار البترول مدفوعا بدعم من خصوم تشافيز للانقلاب على الرئيس. ففي 11 أبريل/نيسان 2002 وخلال مظاهرة للمعارضة تم قمعها وقتل خلالها 15 شخصا، تم اعتقال هوغو تشافيز من قبل عسكريين. كما تم تعيين حكومة جديدة واستلم بيدرو كارمونا مقاليد الحكم لمدة 48 ساعة فقط قام خلالها أنصار شافيز بمساعدة الحرس الجمهوري بالانقلاب عليه وإعادة تشافيز إلى الحكم. وتمكن هوغو تشافيز من النجاة من سيناريو الانقلاب وثبت نفسه في منصب رئيس الجمهورية خلال استفتاء في 15 أغسطس/آب 2004.
منذ بداية حكمه قام تشافيز بثورة ذات توجه اشتراكي وحقق إصلاحات مؤسساتية، وقام بتمرير استفتاء لتغيير الدستور، قبل إعادة انتخابه في يوليو/تموز 2000. وبعد ذلك بست سنوات أعلن تشافيز عن تنظيم استفتاء دستوري لرفع عدد الولايات الرئاسية والنص على الاشتراكية في الدستور وبتعليق حرية الصحافة في حالة الطوارئ. إلا أن هذه القرارات رفضها الفنزويليون بنسبة 50.7 بالمئة.
وفي 2007 كوّن تشافيز حزبا اشتراكيا موحدا يضم كل الهياكل السياسية التي تساند الثورة البوليفارية أطلق عليه "الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا".
معاداة الولايات المتحدة الأمريكية
خلال 12 عاما من الحكم قام هوغو تشافيز بانتهاج سياسة التأميم (مؤسسات الكهرباء والاتصالات وحقول النفط)، وإعادة توزيع الأراضي على المزارعين ووضع برامج اجتماعية خاصة في التعليم (حيث اندثرت الأمية في فنزويلا بحسب اليونسكو) والصحة (شحنات البترول مقابل 20000 طبيب كوبي). إلا أنه خلال صيف 2009 قام تشافيز بإغلاق 34 إذاعة وتلفزيون في فنزويلا.
واستغل تشافيز كل الفرص للتوجه بخطابات إلى الشعب الفنزويلي، وكل أسبوع كان يخاطب الشعب خلال برنامج اسمه "ألو يا رئيس" وأحيانا كان يقوم خلال هذا البرنامج بالرقص والغناء. وصمم تشافيز على الترويج لرؤيته الثورية التي كان يتقاسمها مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو الذي اعتبره "الأب الروحي" كما كان يحرص على ذم السياسية الليبرالية الجديدة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان صرح خلال حكم جورج بوش الابن "دعوا كلاب الإمبراطورية تنبح، فهذه مهمتهم، أما نحن فنقاوم لتحرير شعبنا"
واستغل قائد اليسار في أمريكا اللاتينية الراحل والمناهض للولايات المتحدة كل فرصة للتعبير عن معاداته لحلفاء الولايات المتحدة. وكان قد صرح في 2009 غداة الحرب الإسرائيلية على غزة، بأن إسرائيل قامت بـ"محرقة" في غزة وطالب "بمحاكمة الرئيس الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية وكذلك الرئيس الأمريكي". كما أعلن تشافيز صراحة تقاربه مع أعداء الأعداء، كالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي كان يعتبره بمثابة "الأخ". وفي أغسطس/آب 2011 أدان عمليات الناتو في ليبيا ودعم القائد الليبي السابق معمر القذافي.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي بدأ تشافيز بمصراعة مرض السرطان وخضع لسلسلة من العلاج الكيمياوي في كوبا وتدهورت صحته مؤخرا بعد عودته إلى بلاده حتى وافته المنية الثلاثاء 5 مارس/آذار 2013.
فرانس 24