يحدد علماء الاجتماع اتجاه التغيير الاجتماعي، والسياسي، بمؤشرات، التنمية، والتطور سواء ، أكان التغيير عموديا، أو أفقيا، وإما بمؤشر التدمير المصاحب للتغيير، ومن مظاهر الأخير التدمير للبنية التحتية للقوات العربية السورية التي استولى عليها ثوار تركيا بقيادة " الجولاني"، ولم يحموا قواعد القوات العسكرية، وعتادها بعد أن استولوا عليها من تدمير الكيان الصهيوني..!
ولهذا، فإن هذا التغيير في أوالياته يعد ارتداديا، بافتقاد الجمهورية العربية السورية لقواتها العسكرية للدفاع عن نفسها أمام العدو الصهيوني الذي احتل كذلك كلا من جبل الشيخ، والقنيطرة..!
وهل يحتاج أحد بعد الآن إلى معرفة المؤشرات الدالة على اتجاه التغيير الذي يحصل الآن في سورية، بل التساؤل عن مآل الوحدتين : الديموغرافية، والجغرافية؟
وهل هناك أوجه الشبه للمقارنة بين التغيير السياسي الذي حصل في سورية بقيادة "حسني الزعيم" في أواخر اربعينيات في ٣٠ مارس ١٩٤٩ الى غاية ١٤ اغسطس من نفس السنة، وكان انقلابا امريكيا، بامتياز نظرا لنفوذ الأخيرة على قائد الانقلاب ..!
وبين هذا الانقلاب الذي حرص اعلامه الدعائي على التأكيد بأنه "ثورة اسلامية"؟
ولكن، هل الثورة الإسلامية، يمكن أن تسمح بها امريكا، والناتو، وتركيا، والكيان الصهيوني، أحرى أن تقودها جماعت تابعة لها؟!
ومثلما استبعد الدارسون الثورة عن الانقلاب الذي قام به "حسني الزعيم"، فإنهم، كذلك يستبعدون أن يكون الذي يجري الآن في سورية، (ثورة اسلامية ) نظرا لتأثير النفوذ الأجنبي الغلاب، والمتعدد الاتجاهات، والتأثير على محمد الجولاني/ او محمد الشرع الذي سيطر على دمشق في اليوم ال ٨ ديسمبر ٢٠٢٤.
وهل النفوذ الأمريكي بالأمس في انقلاب الاربعينات، يعيد نفسه اليوم في سورية ، وإن اختلف " الجولاني" بتجربته في المدرسة الأمريكية في سجنها الداعشي بالعراق،،، ولو أنه، يتقاطع مع حسني الزعيم الذي تدرب عسكريا في تركيا، بينما محمد الجولاني تحالف مع كل من القيادة التركية، وأسند من القوات العسكرية التركية..
وكلا من حسني الزعيم ومحمد الجولاني كان مشاركا في الوسائل لإنجاز انقلابه، وكذلك في الغايات تحت مظلة التبعية للأجنبي، ومن المتوقع شبه المحتم أن يحصل مع الأخير " التطبيع" مع الكيان الصهيوني، علاوة على إنقاذ الكيان من هزيمته التي يرسف فيها منذ طوفان الأقصى..!
ويعزز هذا التوقع المخيف، استحضار المجرم" النتن ياهو" لدور الكيان في احتضان مجاهدي (الثورة) السورية في مشافيه، وانجاب ثوار تركيا في مستوطناته، - والأخيرة معلومة غابت عن الإعلام العربي، والغربي حتى زودهما بها المجرم النتن ياهو، ولم يكذبه قادة ثوار تركيا في سورية المتركية..؟!
والغريب أن الإحباط العربي العام من ثوار تركيا، جاء من جهة كان يفترض أنها تؤيدهم، ففي صوتية للدكتور عبد الله النفيسي، وهو من هو؟ هو المنظر الأستراتيجي، الذي طالب ثوار - في صوتية على اليوتوب - الاسلاميين في سورية بالعدول عن الرؤية الكلية في التغيير نظرا لاستغراق هذا النوع من التفكير في أحلام اليقظة، وفي مقابل ذلك استكثر عليهم، أن يحققوا بعضا من التغيير الجزئي..!
والسؤال الذي يطرح في إطار البحث عن الإجابة عليه، هو: هل هذه الواقعية السياسية راجعة للمرجعية في الرؤية الإصلاحية الجزئية التي كانت - ولازالت - النظرية" الإخوانية " للغيير، أو أنها محاولة لإقناع جمهور الإخوان إلى استحالة التغيير على يد مجموعات لا يجمعها وطن واحد، ولا غاية تتقاطع فيها اهداف مع السوريين، والأمة العربية، لأنهم هم مجموعات مسلحة،تتلقى رواتب مغرية، و تضم : ثوارا تابعين للقواعد الامريكية، و الخوذات البيضاء التابعة لبريطانيا، و الناتو، وآخرين تابعين لتركيا، وفي فترات القتال قبل سنوات احتضنهم الصهاينة،،؟!
إن إحلال هذا التشاؤم للنفيسي، محل التفاؤل يعبر عن الكثير من المسكوت عليه ربما عن حقائق لم يكن هذا المنظر الإسلامي الكبير، والقيادي الإخواني صريحا مع جمهوره - هذه المرة - في التوجيه، والتنظير، واكتفى بتقديم النصح لإقصاء الرؤية المستغرقة في أحلام اليقظة..لكن التحذير من الإحباط، وتقبل الإسلاميين خيبات الأمل، يقضي - يا دكتور النفيسي - على مقولات عديدة ، كالربيع العربي، وما تبقى من امتداداته التي حرص" أردوغان" على إنجازها دون أن يتمكن من ذلك في كل من مصر، وليبيا، وتونس، والمغرب، والسودان، والصومال، ودول الساحل الإفريقي بعد انتصار الانقلابات في كل من جمهورية مالي، وبركينا فاسو، والنيجر..
ولهذا كان انجاح المعارضة السورية بهذا المستوى من الانقلاب الدموي، واحتلال المدن السورية واحدة بعد الأخرى من أجل تغيير حكم مدني، لرئيس منتخب لمرات عديدة، لن ينظر إليه، إلا كضرورة "أردوغانية"، وذلك لإيجاد حديقة خلفية له في سورية، كانت هدفا أسمى - منذ ٢٠١١ - في الاعلام العربي في قناة الجزيرة المتساوق معه، علاوة على دور مخابرات تركيا في استجلاب المرتزقة، والتدخل العسكري في شمال سورية، واخيرا رعاية تركيا للعديد من فصائل المعارضة في الشمال السوري ، والتنسيق مع، وبين التنظيمات الإسلامية الإرهابية المفرخة من تنظيم القاعدة ..!
إن النظرة اللاتفاؤلية لعبد الله النفيسي، لم يكن الهدف منها الحد من التطبيل والدعاية لما أسماه ب" نجاح الثورة الإسلامية في سورية لاسقاط نظام بشار الأسد"، وطالما، بشر بانتصارها كل الاسلاميين، جمهورا، وكتابا " كمحمد المختار الشنقيطي" الذي تنبأ في تغريداته المتكررة للتغيير في سورية صراحة، او ضمنا، ورأى في اللتغيير فيها مق.مة لما سيحصل في مصر حسب تطلعاته..
ولكن ما الفرق هذا تنبؤ، وبين ما تناقل الإعلام الدولي من هذه المخططات قبل هذه "المؤامرة" الكبرى في التحالف المذكور في الشمال السوري،؟
ذلك أن أحد العمداء في الجيش السوري الحر المعارض، صرح مؤخرا للإعلام بأنهم في المعارضة السورية، اجتمعوا مع الأوروبيين، والأمريكيين في إحدى الدول الأوروبية، وخططوا للتغيير في سورية منذ عدة شهور..؟
وأما توقيت هذا المخطط على أيدي ابناء سورية، وغيرهم من المرتزقة القوقازيين، واليغوريين،، فإنه صدر على لسان قادة الكيان الصهيوني غداة إعلان توقيف العدوان الوحشي على لبنان، وبعد هزيمة الآلة العسكرية الصهيونية أمام مقاومي حزب الله في " النصر الإلهي" الذي تحقق بالصمود الاسطوري طيلة شهرين دمرت فيه القوة العسكرية الصهيونية عددا، وعتادا على حدود الجنوب اللبناني.. !!
والسؤال المتعلق بتغريدات محمد المختار الشنقيطي عن التغيير المصري المتوقع، فهل هو من المعلومات التي عزاها لجهة لم يصرح باسمها - ولعلها معروفة ضنيا نظرا لارتباطه بكل من تركيا، وقطر، وباعتباره واحدا من التنظيم الدولي - في الغريدة الثانية في اكتوبر، أو أنها من الحدوس العمياء إذا لم يعتمد فيها على المعلومات - الحسية - وعوض عنها بالتحليل الموجه بالتفاؤل، والتمني بعودة حكم الإسلاميين لجمهورية مصر العربية مرة أخرى..!
ولعل هذا التوقع من سابع المستحيلات، لا لشيء، إلا لأن التغيير الجاري في سورية مسنود بالتدمير، والاحتلال الصهيونيين رغم هذا التطبيل، والدعاية البائسة ؟!
بينما لا يوجد في مصر معارضة عسكرية في الداخل مسنودة من قطر، أوتركيا، وأن الصهاينة والأمريكان، والأخيرين وجدا في نظام السيسي القائم خير حليف عسكري، ساعدهما على تدمير غزة ..!
ولأن الرأي العام العربي، والإسلامي لجماهير الأمتين، يتطلع للتغيير الذي أصبح مطلبا تحرريا عالميا، ومشروعا عربيا مشتركا للكتاب، والدارسبن العرب، وغيرهم منذ " طوفان الأقصى"، على أساس، ما سيحصل من تغيير في فلسطين هو هزيمة للكيان الصهيوني، وإذا استعصى تحقيقه على أيدي المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن، والعراق، فقد يكون بديله ارتداد زلزالي ستارك فيه مختلف اطياف القوى الوطنية وذلك لاسقاط الأنظمة العربية التي شاركت العدو الصهيوني في النكبة الثانية لو حصلت في نهاية طوفان الأقصى ومعاركه التي لازالت قائمة..
ولذلك فإن التغيير في الحالة الأخيرة، سيكون ردة فعل على غرار الانقلابات، والثورات الوطنية، والقومية التي حصلت في سورية، ومصر، والعراق، وغيرها في شطري الوطن العربي خلال خمسينيات، وستينيات القرن الماضي، ولن يكون التغيير المنظور، بأقل من تلك الثورات الوطنية، والقومية العربية ، وهذا توقع يستند الى معطيات أهمها:
الرفض العام لما يجري من تحديات داخلية، وخارجية، وخاصة ما يجري في مدائن فلسطين،، وأن أمتنا لن تقبل قواها الحية المدنية، والعسكرية هذا الخضوع المهين، والإذلالي الذي شاركت فيه الأيادي الآثمة لأنظمة العمالة، والتبعية، والاحتلال التركي، والصهيوني، والامبريالي الأمريكي، والأطلسي،،
وما ذلك على الله بعزيز..