في أسفاري كنت حين ألتقي ليبيا يبكي على عهد القذافي، وعندما أجد تونسيا يبكي على عهد بن علي وعندما أجد عراقيا يبكي على عهد صدام وعندما أجد اليمني يبكي على عهد الوحدة وعلي والمصري يبكي على عهد مبارك...
تذكروها، سيبكي السوريون كثيرا على عهد الأسد ويبكي اللبنانيون كثيرا على عهد السيد..
ليس معنى هذا أن هؤلاء ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، وليس معناه أنه لا يجب تغييرهم والتخلص منهم، بل لأن الطريقة التي أسقطوا بها مشبوهة والبديل أسوأ بكثير.
شخصيا لا أناصر ولا أعارض بمعيارية وذاتية، ولا من منطلق أيديولوجي فحسب، قد أشترك مع أحدهم في تبني مدرسة فكرية لكن أختلف معه وأعارضه، أختلف مع ناصر في حرب اليمن وأختلف مع صدام في حرب الكويت وأختلف مع القذافي في الكثير وأختلف مع الأسد في أكثر..
ناصرت حماس وليست قومية أبتهج لما تقدمه إيران وهي فارسية، أنبهر بالسيد وهو شيعي وأنا سني..
ولا أنخدع بتمثبليات آتاتورك أردوغان المسمومة ولا تغريني حرية الجزيرة العميلة ولا حكام العقوق في قطر..
أنا قومي عربي أومن بأن تطبيق الشريعة هو الحل وأن العرب بالمفهوم الحضاري خير أمة، منهم الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والمهاجرون والأنصار والفاتحون وكبار الأئمة والتابعون وتابعوهم بإحسان إلى يوم الدين.
وجربت أن ركوب الدين لتحقيق أغراض سياسية كما عند الإسلاموية "إژبي" سيضر ولن ينفع وتجربتهم في مصر والسودان والمغرب والأردن وتركيا وتونس خير شاهد، وفي موريتانيا شاركوا في حكومة واحدة مطبعة ولم يخرجوا يومها خرجة واحدة مطالبة بقطع العلاقات مع العدو..
نحن اليوم لم نعد في عهد أيديولوجيا ناصر وعفلق، تطور الفكر وتغيرت الأولويات وتكسرت الحدود بين المدارس أخذا وعطاء، فلم تعد هناك ناصرية ولا بعثية بالمعنى المدرسي كما كانت، الفكر كائن حي يتطور ويتأقلم وإلا مات واندثر.
المنصف والمتتبع للتاريخ يدرك أن سوريا هي من صنعت حزب الله الذي حرر لبنان وشكل في وقت ما رقما صعبا في طريق حل القضية لولا المؤامرة عليه.
المنصف المتتبع للتاريخ يدرك أن سوريا هي من مول ودرب وسلح واحتضن حماس والجهاد وغيرهما من الحركات الفلسطينية، التي لولا المؤامرة من العملاء لكانت حررت القدس من زمان.
المنصف يعلم أن سوريا كانت ترفض التطبيع وأنها لم تقبل بما قبلت به مصر: الجولان مقابل التطبيع، وأنها لو قبلت به لكان الأسد ملكا إن أحب فهو بدكتاتوريته يبقى أحسن من الملوك والأمراء المرضي عنهم بالتطبيع.
المنصف يعلم أن سوريا كانت تنتج ما تحتاج من الضروريات من مأكل وملبس ودواء، والتعليم والصحة والماء والكهرباء بالمجان.
وأنها كانت مستقلة في قراراتها عن عواصم القرار قبل الصيف العربي الذي ألجأها للارتماء في أحضان ما مجبرة مكرهة.
وأنها كانت تدرس بالعربية وتحتضن العرب كسوريين وأن مواقفها من القضية مشرفة.
وقبل الصيف العربي لا تجد سوريا لاجئا ولا متسولا وكانت من أرخص بلاد الدنيا عيشة وأمنا واستقرارا.
من أجل هذا أرادوا تخريبها وخربوها فاستنكرنا لا رغبة في الأسد ولا تقديسا له، ولا قومية ولاهم يحزنون.. تماما كما نستنكر ما يحدث في لبنان لحزب الله وما يحدث في غزة واليمن والسودان.. مع الحق..
نحن مع التغيير.. مع تغيير الدكتاتوريات والإمارات والمملكات والرئاسات وحتى الحدود.. لكن بطرق أفضل.. بطرق واعية وطنية مدروسة.. تغيير يسقط السلطة ولا يسقط الدولة.. تغيير بأدوات وطنية لا دخل فيها للخارج..
بينما التغيير بشذاذ العالم مهلكة.. التغيير على ظهر الدبابة التركية والغطاء الصهيوأمريكي والتغطية القطرية والشعارات التكفيرية التفجيرية، بلاء مستطير..
سقط الأسد فماذا بعد..
الأسلحة السورية دمرت والمطارات، وجبل الشيخ احتل، ولا أحد استنكر، وقنوات الفتنة الجزيرة والعبرية واسكاي انيوز لم تغط عن ذلك خبرا، ونسيت غزة الجائعة المدمرة والشغل الشاغل فبركة الصور عن السجون وتصوير سجون الحركات الإرهابية على أنها للنظام واستخدام لقطات هوليودية على أنها لسجون سورية وأصبح السجناء عند المتطرفين سجناء عند النظام..
يا جماعة الإسلامويين ويا غوغاء فيس أغلب القوميين لعلمكم مع هذه الفوضى التي تسمونها ثورة، ويعتقدون أنكم دوما تختطفون الثورات وهي منكم براء.. وهو ما حول الربيع العربي لصيف عميل جاف فاشل..
يا منتشون...
الدبابات الإسرائيلية بعد يومين من ثورتكم على بعد 25 كلم من دمشق، فما أنتم فاعلون؟!
والسلام.