متى تصل بركة الفساد السياسي، و المالي ... الى مجرى تصريف المجاري في البحر، او في الصحاري..؟ إشيب ولد أباتي

2022-10-25 05:59:39

عندما  كتب الزميل" سيدي علي بلعمش" 

وهو صاحب القلم السيال، وكتاباته الرائعة  عنوانا لمقاله" متى تمتلئ بركة فسادنا"؟

وقرأت المقال،  تبادر لذهني ضرورة لفت انتباه الزميل الى ان ظواهر الفساد،  تشكل عالما يشد بعضه بعضا، و اي كتابة غير انشائية  مطالب صاحبها بالبحث عن العوامل المؤدية لنشأة الظواهر، موضوع الدراسة، والنظر، ولعلنا بذلك نعرف "المسببات"، ونشخص بالعلاج مخاطر ظواهر الفساد، والعلاقة السببية بينها، وهذا يفترض عدم جدوى البحث في  جزئية من واقع عام مصاب ب"فيروسات" الفساد المستشري، الأمر الذي يؤدي ضرورة إلى البحث عن الجذور، ثم مواجهة شجرة الفساد عامة، لا البحث عن الساقط  من نتوئها، قشورها التي تساقط من حين لآخر، كالرؤساء، ورموز النخبة الفاسدة، والنظام القبلي الذي هو ، كالحية الرقطاء التي لاتموت روحها، ونظام الإمارات المحنط من جديد  لبعثه من الاجداث، والعقلية المتخلفة، والمجتمع الفئوي، وسياسة المحاصصة اللونية.. وهذه كلها ممن، وما  يستحيل أن يموت ويندثر،  ولكن لماذا لا تموت؟

لأن أياد آثمة، و ظلالا وارفة  تحيطها بالرعاية، من الفروع،  الى الاغصان الورقاء الميالة - يا وجعا من المفرق إلى الاخماص -  على وطني الغارق في برك الفساد الآسنة بين اليابسة، والبحر،  فاستحال، كالميت  بالكاد الذي تجب الاستماتة لإنقاذه بالحالات الاستعجالية بعيدا عن لغة تدغدغ العواطف من قبيل الاسترجاع من الذاكرة: (.. كنقص القادرين على التمام) ، اي قادر،  انما النقص، والنقيصة، والانتقاص في متوالياتها الاشتقاقية،  ومولدات معانيها التي، لا تكذب، كما يفعل بعضنا تفاؤلا،، ، بما هو مخالف لواقع الحال، والا، فان تلك التفؤلية  تنقص من مصداقيتنا، وتحولنا بالتالي إلى مروجي الدعاية في زمن النثر  المتناثر،  والعهر الساسي البواح، و ما يرمز اليه من التفكك الاجتماعي لجسم اجتماعي عام منحل الاوصال من مفاصله حين افتقد المصداقية، والوطنية الغيرية،  واستحداث الانظمة الحداثية التي تجدد دورات الحياة في المجتمع، وافراده،  وثقافته..

غير أن واقعنا الوطني،  ينساب في متاهات التفكك  المضاعف الذي عمق  الإحاطة بواقع البؤس ، لذلك، نسألباستغراب، هل هناك داع  للدعاية الموسمية..؟!

فالنقص، وعدم القدرة، وغياب الأقل، فالأقل ، بدلا من الممكن،  احرى التمام، إلا لتأكيد العجز، وتداعي مظاهر  النقص من كل صوب ، وحدب ...!

ولعل الأمر يحيل ضرورة الى الكتابة النثرية الجافة، ان لم تكن الوقحة لتعرية التدجيل ، ومظاهره الكالحة.. كما، هي جزء من واقع البؤس المجتمعي الذي ينخر في قوى المجتمع..

  ولا مكان للخطاب الانتظامي، والإيحائي،  الشاعري.. بل  الواجب الوطني يقتضي مخاطبة العقول، بالمعقول من  الحلول، لا التماس القدرة  من العاجزين عن  خدش  "سديمية" الواقع الراكد بما لا يخالف "فصيلته"،  في محاكاته " للحقن " من  نخبة الفساد  بجراثيم إضافية من مفسدي العشرية..

والا،  فإنه استرجاع لواقع " الكوميديا السوداء " البائسة تلك،  لأن منطق "الطبابة " لواقع سياسي ما، لا يبرر ببؤسه، او بمعالجته، بتغطية مطالب الواقع المجتمعي، وخصاصته الصاعدة بالمهرجانات في مظاهرها الزائفية، ولا  بالتمنيات المحبطة في الروحانيات الشعرية في زمن أقبح من استدرار المشاعر..

 ومن يريد التأقلم من كتابنا  مع بيئة الطالب الوطنية، كوسيط، فليستخدم  لغة البؤساء، والمعذبين، والجوعانين، والمحرومين، والمنفيين اختياريا..  وذلك من أجل أن أن يستجاب قبل ان يتنفض الجميع،  لانهم لن يموتوا اذلاء ، حبيسي الخوف الصريح، او المتخفي بهذا  الاستعطاف في الخطاب السياسي للمفسدين من نخبنا الفاسدة، او تفضيل بعضها على بعض في الدرجات، لا في النوع..!

 ان المجتمع في حالة يرثى لها، كالميت سريريا، ورويدا رويدا، و"من البلية ما يضحك" حين  ينضاف من "الجوارح" رهط،  والتوقع منه خيرا ، وهو  كالتعلق بالأوهام، وتعلق الغريق بالقشة، اللاشيء في حين، أن المجتمع ، هو المسؤول عن انقاذ نفسه،  ولو انه اضحى ، كالميت على آبار الثروات المعطنة التي تروح عليها، وتغدو" الشلل" تلو الأخرى بمن اكثرها فسادا، وافسادا منذ ٦٢ عاما.

وهنا لن اطرح السؤال للإعجاز،  وتعجيز القراء، لأن ليس هذا زمن المعجزات، ولا القدرات العقلية الفائقة على استكناه الظواهر، حتى " "الكوسمولوجية"، بعد تعدد المحطات الفضائية،  والصواريخ الذاهبة، والقادمة من شتى الكواكب،، احرى الظواهر الاجتماعية الصارخة ببؤس حياة الفرد، والمجتمع، وغياب الدولة، وعدم الاعتراف بذلك،  بطلب التحيين،  لتزداد رداءة انظمتنا الاجتماعية  المتهالكة..

لذلك  فلنصارح"نحن الكتاب"  انفسنا قبل قرائنا بالإجابة على التساؤلات التالية:

 فمن، يصلح فساد ماذا؟  وهل النظام القائم منذ نشاته على قواعد اللا أسأس بنائية، وهو في حالة احتضار ، و وعي ضئيل  بلا جدوى، كانسان" ابن سينا" الطائر قبل هبوطه صريعا..؟ وهل هو  قابل للاصلاح، والترقيع، والرتق  بعد ان خرج من فوهة بطنه، كل  الوطن، واستحال إلى برك الفساد، والافساد، والجميع عاجز عن تدشين ، حتى شبكة تحت الشوارع لتصريف الماء غير الصحي، لتنقية الهوى  في شوارع المدائن؟!

و من يقدر على  محاسبة  المفسدين علما ان الجميع، يأكل بعضه بعضا كمخلوقات البحر، ذلك أن مفسدي نظمنا السياسية العتيدة ، كالحيتان تأكل الاسماك، والاسماك تأكل بيضها، وغيره..!

 لأننا ، قد حكمتنا الدونية، والعجز الحاصل، و مرده، تلك "التبعية" التي لا تتغير مع تغير الوجوه.. التي بصم الجميع  عليها من نخب الفساد، ورموزه...؟!

  ومن ينظر اليه باعتباره مجرما، يذهب إلى "ماما " فرنسا، فترد له الاعتبار، لأنها تعهدت له ، ولغيره بالمودة، مقابل  الطاعة العمياء بكل ابعادها  الذليلة،..؟

 ومن ذا  الذي لم يكن خادما طائعا لفرنسا المجرمة باحتلالها، او غير من المعادلة ،ومظاهر التبعية؟!

ولا يستغربن أحد، ان ينقلب الميزان اللاقسط في أيام الانتخابات المنتظرة..

وقد يصبح من رفضت  فرنسا له، المامورية الثالثة، رئيسا بوعودها غير المنقوضة، ولعل هذا،  هو السر في الذهاب إلى فرنسا الرسمية - وليس الرأي الوطني الموريتاني - من مدينة "بوردو" وما ترمز  له أديرتها المحافظة، وذلك للتذكير  بعدم جواز الطلاق ... احرى مع الرؤساء، الذين حكمت بهم فرنسا منذ "الاستعمار الجديد " باعلان الاستقلالات  تحت الحماية الفرنسية..

 وهنا لعب الفكر "الوظيفي" -  لدى مؤسسه "دوركايم" وهو ابن تلك المدينة وفيلسوفها الاجتماعي - دورا توجيهيا في وضع قواعد "وظيفية" لخدمة  فرنسا من طرف الرؤساء الافارقة، وغيرهم.

لذلك  ليست  زيارة الرئيس السابق اعتباطية،  ولا  كذلك اختياره لبوردو من مدن الجنوب الفرنسي ، بدلا من  " تولوز " ذات الوعي" البروتستانتي"  التغييري في التاريخ الفرنسي قبل مراحله الامبريالية...

......

ولولا أن "المعادل الموضوعي" للحكم في بلادنا،  محكوم باللاتوازن، وبالتالي انسرابه عن مجال الواقعية الموضوعية،  لرأيت ايها الزميل، والكاتب المبدع،،  التجاوب، ولو نسبيا مع لجنة الاصلاح التربوي، وتعريب البنية التعليمية،، ثم لرأيت  تحديدا مغايرا  للهوية  لبلد مستقل قبل نصف قرن  بلغته في المحافل الدولية، لا برطانة الرؤساء الناطقين  باسم  الثقافة الفرنسية، وقد اختزلوا  بذلك  أزمنة، مراحل الاستقلال،.. حين ارجعوا بلادهم ومجتمعاتها الى قبل ذلك  ستين( ٦٠) عاما بذلك  التراكض، والتراص في المؤتمرات  الفرنكفونية، حيث دغم الحكم، والمجتمع، والهوية، والواقع الجغرافي في المغرب العربي -  بمفاهيم لغة المستعمر، وثقافته الاتباعية...!

.....

فلنعلم جميعا، أن مهزلة ظهور الخصم الكبير، محكومة بعدم الخروج على متلازمة "استكهولم" في الدفاع عن المجرم من طرف السجناء، كما يجددها رؤساء  المجموعة (G5) لدول الساحل، ولكن لم لا يتساءل الكاتب الوطني:

  عما هي علاقة موريتانيا بهذه المجموعة  دون أن يكون للسنغال،  كذلك هذا الارتباط المفروض على نظام الحكم في بلادنا؟ وماذا يخبؤ لها في زمن الانتماء السياسي الاتباعي المخصوص لمجتمعات التفكك بالحروب الأهلية،  والتدخل الامبريالي لانقاذها رميا للرماد في العيون الجاحظة لحكامها، ونخبها السياسية من الببغاوات..؟!

والاغرب في الأمر في اعلامنا هو، لماذا لا يجد القارئ في المواقع الافتراضية الحرة، أي اعتراض على سياسة فرنسا، ولا التعريض  باحتلالها  الامبريالي، وآثاره على بلادنا منذ القرن التاسع عشر، والى يوم الناس -  ولانكون متشائمين، لو قلنا الى يوم الدين - ؟

وما الذي تغير من ثوابت الحكم عن تلك التي تأسس عليها، وهو الحكم الذي قام على أساس" الحماية" الفرنسية، بمعنى" الحكم الذاتي"، وجاءت حرب الصحراء، لتكشف المستور من عورات الحكم، وتعطي المعنى الواضح للحماية، وهو أن فرنسا،  لم، ولن  تدافع بطيرانها، او جنودها  عن بلادنا  بالمجان، والا ما  قدمت فاتورة  تلك الحرب،، ومن ثم اضطر نظام الحكم، ليطلب من  يدفعها  عنه، كالسعوديين من ريع ثرواتها على أساس الدفاع  المشترك عن بلاد  العرب، او المسلمين، وليتضح من حينها،  أن فرنسا حكومة، وجيشا، وباتفاقاتها السابقة، واللاحقة، ونظام الحماية كلها،  لا تعدو  ان تكون مجرد " مرتزقة" حرب، تجري خارج فرنسا، ولكن من اجلها..؟!

ولعلي، لا احتاج الى أن أشير  للقارئ الكريم، والكاتب الموقر،  اللذين ينظران في الأفق البعيد  لبلادنا  إلى الفجر الكاذب - في الأقاويل التمويهية - الذي يسبق الصادق، وانبلاج صباح الاستقلال الوطني الذي، سيضع حدا للفساد، والمفسدين،  وليسمع الكل الواقع، يتحدث عن نفسه، وقد تتفجر طبلة آذانهم،  لا بخزعبلات  "شهر زاد" بعد استمتاع "شهر يار"  بالكلام المباح، بل بغير  المباح... وتلك هي الواقعية، وذلك هو الصدق مع النفس، ومع القارئ الكريم، والمواطن الفقير،  ومع المجتمع، كما يفرضه الواجب الوطني..

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122