العدل في زمن الهناتيت ..../ إكس سيدى محمد

2025-01-13 13:08:33

(لهناتيت) عصابات اللصوص ويعرفون أيضا بـ (لمحاليّينْ) يمارسون الحرابة والسلب والتلصص.

ذات عرض في سوق شعبي في (بلاد باغنه) في أرض مالي، وبعد وفاة الأمير خطري ولد أعمر ولد إعلِ بأيام وقبل أن ينتشر خبر وفاته هاجم هنتاتٌ (كورية) تحمل طبقا على رأسها به تجارة لعرضها في السوق، و(حاصَ) الهنتات الطبق بمافيه. فالتفتت الكورية الى زميلتها وقالت لها: أظن أن خطري لم يعد حيا، وإلا لما تجرأ هذا الهنتات على فعلته هذه !!

في منطقة الحوظ كان ولد عيّاد من عتاة الهناتيت طاح على أحياء الوسرة فاستاق مواشيهم فتعقبه الأمير محمد محمود ولد امحيميد فقتله وافتك منه حيوان القوم فلم يجرؤ بعده هنتات على إبداء صفحة وجهه.

وفي لبراكنه قطع الأمير لبات ول احمياده دابر لهناتيت:

ماخالگ هنتاتْ :: يطرح لوسادَه 

فاحْكامِتْ لبّاتْ ::  ول احميّادَه

وفي لبراكنه وضع اهميمد ولد ببكر حدا لتلصص الهناتيت فحرق رواحلهم وأوقع بهم أشد العقوبة ونكّل بهم، وكانت العدالة "العافية" عنوان عهده:

عافيتك فيها كل حد :: عافيتك ذي كافيتك

يهْمَيمد شفنا كل حد :: عافيتُ من عافيتك

عدلٍ اهميمد فالنّاسْ شاعْ :: علمُ بيهَ حسّادُ

وارگِدْ فيه المَگط گاع :: اتمِونكْ شّطْ ارْگادُ

وفي المثل السائر:

أيام العدل اثنان: يوم القيامة 

ويوم يرى المظلوم "أكنان" خيام أولاد أحمد من دمان فقد أمن ونجا من القوم الظالمين.

ومن قطع دابر الهنتات في إمارة اترارزة قول أحدهم:

گولُ للرسول ؤبكار :: والشيخ ؤسيد احمد لبات

والمختار ؤ ول المختار  :: عن گالو گوم إديبسات

إلّ لحگو حومتْ گنّار ::  وأوهامْ  امحاصر لبّيدات 

عن ول أعمر ول المختار :: اترابُو ما فيها هنتات

من نوادر الهناتيت أنهم انتظموا ذات مسغبة في جيش واحد ضم شذاذ الآفاق من كل حدب وعقدوا لواءهم تحت أمير واحد وكان ذلك أول جيش مقاتل منظم من الهناتيت، فنقبوا في البلاد وجاسوا خلال الديار فسقط العشاء بهم على سرحان، سقط بهم حظهم العاثر على اشراتيت من إدوعيش فأبادوهم عن بكرة أبيهم.

يقول أهل آدرار وكانت لهم مجالدة مع اشراتيت لكنهم استحسنوا صنيعهم بالهناتيت دون أن ينسوا موجدتهم عليهم:

يا ربّ لهناتيتْ :: وكّلناكْ اعليهم

تخليهمْ باشراتيتْ :: و اشراتيتْ اخليهمْ

ويذكر ابن الفراء في "شيم أولاد احمد بن دمان" أن سيد أحمد لبات بن محمد بن أسويد أحمد، افتخر على سيدي بن محمد لحبيب بأن أرض تگانت ذات خصبٍ وثروة مال وصحة أنفس الأدميين وصلاح حراثة، نخلاً وقمحاً وشعيراً، وأن البيت في ليلةٍ واحدة تروح له ملگاطة العلك ممتلئةً وعرش النخلة وتتكليت القمح وتغليت والناقة والبقرة والشاه في حفل في الأعلى من الخريف، والخيل صالحة حتى أن بيت الزّوايا يوجد عنده من الخيل العِتاق ما يقارب العشرين.

فأجابه الأمير سيدي بن محمد لحبيب بكلمةٍ واحدة وهيّ: أن تگانت ليست فيها (بيكة بنت اغمريت)، وهيّ عجوز من أهل (محم عبدي) عند بوزبرة يوضع عندها ما في البلد من أنواعِ المطعومات والخنط والفضة وليس معها هناك إلا الكلاب والأدياك ولم تشتك قط من أحد أخذ عندها شيئاً مما هوّ مودع عندها، كا يقول ابن الفراء.

ويذكر أن سيد أحمد لبات أقر له بالنصر، لأن"أرضهم أرض قطاع الطرق وأرض يقتل الرجل على لباسه وتسلب جميع أمواله، حتى أن الفرس إذا كانت مقترنة بحديد مع صاحبتها تقطع يد أحد الفرسين ليتيسر الذّهاب بها."

وحين التقى الأمير اعل ولد محمد لحبيب أمير اترارزه مع الأمير أحمد ولد امحمد ولد أحمد ولد عيدة الأمير العادل أمير آدرار  في مؤتمر التصالح بين الإمارتين الذي احتضنته قبيلة أولا بسباع بجنوب تيرس في أكتوبر 1884 وهو المؤتمر المعروف بـ (حصرة الغوج ٧٠كلم تقريبا من من بير أم اگرين)، حيث وقع الأميران على اتفاقية سلام وضعت حدا للتقاتل بين الإمارتين.

في نهاية المؤتمر (الحصرة) أوصى الأمير ولد عيدة الأميرَ اعلِ قائلا : "أوصيك بالمسلمين خيرا فإنك في أرض أنت وحدك من لا يظلم فيها أما أنا ففي أرض أنا وحدي من يظلم فيها" 

وفي كلام الأمير العادل أحمد حضٌ على إقامة العدل وقمع الهناتيت فهو يعلم عدل أهل محمد لحبيب لكنه يعلم أن الخطر الذي يتربص بالمسلمين وأموالهم يكمن في شذاذ الآفاق من الهناتيت.

 وقد بسط إعل الأمن في أرجاء إمارته ونشر العدل فلا يستطيع "هنتات " أخذ شاة لأحد ولاركوب جمل له وضرب مغرما على كل من أحدث شجارا أو فتنة في إمارته، حيث جعل على الضارب والمضروب مائة، فصار المتنازعان ربما بصق أحدهما على وجه الآخر دون أن يستطيع بسط يده إليه خوفا من العقوبة.

أما الأمير أحمد ولد امحمد ولد أحمد ولد عيده فقد سارت بخبر عدله الركبان ومن بسطه للعدل أنه كان يوقر الحمار من اللحم الحنيذ في زمن جذاذ النخل حين يشتد القرم إلى اللحم فلا يتعرض له أحد

في زمن الأمير  أحمد ولد امحمد اشتكى أهل آدرار وأهل تگانت من ثلاثة نفر من أبناء عمومة الأمير يقطعون الطريق بين الهضبتين فطلب من عسسه تحديد مكان قطاع الطرق ومحاصرتهم وإعلامه بالأمر وبعد تحديد مكانهم توجه إليهم الأمير بنفسه وعندما رأوه تلقوه مسلمين أنفسهم فلم يزد على أن أطلق عليهم النار بنفسه فأرداهم قتلى فورا.

 و ذات مرة فقدت امرأة (تسبيحا) أثيرا عندها فبحثوا عنه فلم يجدوه فتعجبوا ثم شاء الله أن عُثر عليه في جحر فأر فقال محمد عبد الرحمن ولد المبارك ولد يمين:

ويْشِي يالفار انتَ جنيت :: تمش تـگبظ تسبيح الحَدْ

فاترابْ أحمد واتشكْ اتليتْ :: عنك تسلك من باس أحمد

ومما مدحه به ولد المبارك ولد يمين قوله:

مِنْ عَافِيتْ أحْمَلّ امْحَمَّدْ :: وِلْ أحْمدْ مَا يَگْبَظْ لِغـْـيَارْ

حَدْ الْ حَدْ ولا يَعْطِ حَدْ :: الْ حَدْ اتْـلَ مَاهِ لَخْـبَارْ...

الأمن أساس العمران

 

كامل الود

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122