قضية الفساد الإداري والمالي والأخلاقي في موريتانيا أصبحت حديث الساعة عند العامة والخاصة على حد سواء. ومن يريد أن يطلع على ذلك فما عليه إلا أن يركب في إحدى سيارت النقل المتوجهة إلى الأحياء الشعبية في ضواحي انواكشوط ،وسيجد الخبر اليقين..
ففي حديث عفوي حول القضايا الوطنية جمعني مع ركاب في إحدى تلك السيارات، دار نقاش واسع تم التطرق فيه إلى الأسعار وأنها في تصاعد مطرد يغذيه جشع التجار الذين لايتورعون من استيراد مواد غذائية وأدوية مزورة..
كما تطرق إلى أن الثروات الوطنية تنهبها عصابة من اللصوص المتحكمة في مفاصل الدولة، وتتهيأ الآن لنهب الغاز المنتظر اخراجه سنة 2023 كما تم التطرق إلى أن الخدمات التعليمية والصحيةوخدمات المياه والكهرباء في ترد مستمر يلفه كثير من الحيف والظلم. واتفق الجميع على أن الحياة في موريتانيا تزداد صعوبة يوما بعد يوم بسبب عوامل ذاتية مزمنة وفي مقدمتها :
- غياب الأمانة والضمير المهني عند المسؤولين عن الشأن العام ، وتفشي التزوير و الرشوة في مختلف مجالات الحياة..
فأنت لاتجد حقك إلا بالرشوة ولا يرفع عنك الظلم إلا بالرشوة.. فبالرشوة تم تحييد النخب الوطنية المثقفة التي كانت تصدع بالحق، فاستقالت من مسؤولياتها!
وبالرشوة تم تكميم المعارضة وبالرشوة تحصل على مشروع (صوري) أوصفقة بعشرات الملايين لا تكلفك سوى فاتورة (مزورة ) تفيد بأنك صاحب مشروع يقدم خدمات للدولة لكن لا تنس نصيب المسؤولين المتمالئين معك في نهب المال العام ، وبالرشوة تمنح الجنسية للأجانب بغض النظر عن انتماءاتهم، وبالرشوة تزور لك الشهادة والرقم الوطني و "ريم rim " ، وقد تزور أنت نفسك فتصبح موظفا ساميا في الدولة لايملك أي كفاءة...!
وبالرشوة تخرج من السجن بريئا مهما كانت جريمتك...!
فالرشوة تبيح لك في موريتانيا كل شيء .
وقبل أن يتفرق الركاب حذر بعضهم من التداوي في موريتانيا لأن الفحوص مغشوشة والدواء مزور والأطباء في شغل عن الرحمة بالمرضى و أخطاؤهم مهلكة.
فعلى من يريد العلاج أن يذهب إلى السينغال لأنه سيجد هناك دولة ونظاما وأعمالا خالية من الغش والتزوير والخيانة والظلم؟!
وفي ختام الرحلة ودعت الركاب مهموما وأنا أردد : إنها الفضيحة أن يصبح السينغال أحسن منا في موريتانيا (بلادشنقيط) نظاما، وأقوم سلوكا، وأكثر أمانة وحرصا على خدمة مجتمعه وحماية مصالح شعبه.
أحمدو سالم بن المصطفى أستاذ متقاعد.