المقاومة الوطنية في ذكرى الاستقلال: فعل، ووعي متنام.. يوحدان الأزمنة الثلاثة.. إشيب ولد أباتي

2021-11-17 11:18:50

أرسل الزملاء لي من وكالة نواذيبو شريطا من مجموعة "فيديوهات"، ينوون نشرها تباعا " بمناسبة الذكرى الواحدة والستين( 61) لعيد الاستقلال الوطني، ولعلهم  سيقدمون نماذج  من المعارك الوطنية التي خاضها رجال المقاومة الذين ضحوا بدمائهم في سبيل هذا اليوم الأغر" وفي الشريط  الذي شاهدته البارحة مشاهد  حية لواحدة من محاكم الظلم الفرنسي لأحد  قادة المقاومة الذين خلدهم التاريخ ..

  نعم،،  لذكرى الاستقلال الوطني المجيدة، ولا لتقييم المنجز من التحرير الذي حصل غداة الاستقال، لأن من الإنصاف تقدير القائمين عليه من قادة الوطن الذين علينا ان نتذكرهم، ونشيد بتاريخهم، وفاء لما قدموه من تضحياتهم النضالية التي ستبقى رصيدا لنضال حركة الاستقلال والتحرير المستمرتين،، بينما مطالب الاستقلال المتجددة، تقع على أجيال المجتمع  مسئولية التقصير في عدم الاستجابة اليها،، ومن اللازم نيل السيادة، والاستقلال، والتعبير عن الشخصية الحضارية، والهوية الوطنية  في اللغة العربية، والثقافة، وإحقاق العدالة الاجتماعية لأبناء الوطن، واستبعاد النفوذ الفرنسي، والتعامل بندية معه، بحساسية مرهفة، تستظهر المعاني الثأرية لشهداء المقاومة الذين جادوا بدمائهم الزكية في المواجهة التي سجلوا بها هذا التاريخ الناصع  للوطن والمجتمع الموريتاني في حاضره ومستقبله،، وهي مقاومة تعد واجهة مشرفة، وتاريخا ناصعا يضاف لتاريخ حركات المقاومة العربية العامة  ضد الاحتلال الغربي الهمجي..

 إن احياء ذكرى الاستقلال في كل سنة، ينعش نفوس الموريتانيين بآمال كبيرة، ويحيي ذاكرتهم الحية، بقدر ما يجددون العرفان لاسماءالابطال، ويتدارسون قصصهم البطولية، وافتداءهم للوطن بتضحياتهم الغالية التي  ستبقى بقيمها مرجعا للوعي المتنامي الذي تطوره الاجيال تلو الأخرى، حتى يكتمل مشروع الاستقلال الوطني

الاستقلال الوطني، لاستخلاص الدروس من محطات التاريخ  مهما كانت متقطعة الاوصال، لكنها في كل الاحوال، بقيت منارات وضاءة  منذ بدايتها، ولن تنطفئ في وعينا، مالم يضع مجتمعنا  حدا للوجود الفرنسي، ويخرجه من وعينا الثقافي، والنفوذ السياسي، والاقتصادي، وذلك بتحرير الوعي الوطني لدى الاجيال الموريتانية من الاستلاب الثقافي الرديء، لأن تحرير الوعي السياسي، والثقافي، يمثل خيارا وطنيا عاما، أكثر من كونه وعي النخب المثقفة، والسياسية، وهو ما يجعلنا مطالبين بإحياء مناسبات الاستقلال الوطني، والاشادة  بتاريخ حركة المقاومة ضد المحتل، وكذلك  السعي الجاد لكتابة تاريخنا الذي لم نستلم حتى الآن مصادره الملهمة من فرنسا خلال حقبة الاحتلال المباشر، ولازالت  تخفي صفحاته المشرقة، ونضالات  رموزه، وأماكن استشهادهم  داخل الوطن، وفي المنافي، وضرورة استعادة رفاتهم،، فعلى فرنسا الاستجابة لمطالبنا المحقة التي تشكل ارثا وطنيا لا تنازل عنه، ولا مهادنة  حتى يتم استرجاعه، وهو من المطالب المحقة التي تلقى الاجماع الوطني، لأن تاريخ المقاومة طيلة  قرن من الزمان، يشكل حلقة مفقودة  في تربية الاجيال الموريتانية، وتغييبها يخدش الذاكرة الوطنية ، ويستدعي المغالطات في فهم التاريخ الوطني خلال حقبة الاحتلال، ويؤدي ذلك الى تطميس الوعي واستلابه، وتحييده خارج  مجالات انتمائه الوطني، والقومي..

ولعل ذكرى عيد الاستقلال من المناسبات التي نحتفي بها، ونستعيد  فيها تفاصيل المحطات الفاصلة التي مر بها الكفاح المشرف الذي كتب بالدماء الطاهرة لمن استشهدوا في سبيل الله، والوطن  دفاعا عن العقيدة، والأرض، والنفس، وذلك صدا للغزاة الفرنسيين..

أجل، إنها الذكرى التي تعبر عن حضورنا في التاريخ الحديث الذي طرقنا ابوابه  بقيادة حركة الاستقلال، ونضال المقاومة من أجل التحرير الذي خاضت في سبيله معارك الشرف منذ ان  قطع الغزاة "نهر صنهاجة" الى بلادنا، فتم التصدي لهم  بمختلف العتاد  رغم تباين مستويات الردع، والاعداد للمواجهة  بين العدو، وهو يمتلك كل شيء للمعارك، وبين مجتمعنا المعتدى عليه،  وهو اعزل من السلاح، لكن  إرادته  الرافضة للخضوع، والاحتلال ، كبد ت المحتل خسائر جسيمة،، وهي الارادة الوطنية  التي عبر عنها أبناء الوطن وقادة المجتمع، ورجال دينه من مختلف اعراقه، وشرائحه، وفئاته القبلية ..

 إن كتابة تاريخ الحركة الوطنية الموريتانية  قبل الاستقلال، تعد من المطالب الملحة، لأن تاريخ النضال  الوطني، يعبر بحق عن روح مجتمعنا، وانتمائه  لتاريخه المقاوم على مر العصور، وحضوره الأصيل بصفحاته المشرقة في التاريخ العام لأمتنا العربية العظيمة التي واجهت  الهجمة الاستعمارية

منذ بداية القرن التاسع عشر، ولا زالت تخوض معارك التحرير بعد اجتياز محطات الاستقلال الوطني السابق،، ولا زالت  الجبهات مشتعلة  لصد الهجمة الامبريالية  الأكثر توحشا منذ بداية الالفية الثالثة، فقد تعاظمت موجات التحدي حين ضعفت الأمة نظرا لافتقادها لقادتها الوطنيين، والقوميين المؤهلين لمواجهة المشروع الاحتلالي الصهيو ـ غربي، وفي مقدمة الاعداء التاريخيين  فرنسا المجرمة بجيوشها التي تم اجلاؤهم على إثر الضربات الموجعة  من طرف المقاومات العربية خلال عصر الثورات العربية التي انتزعت للأمة  الاستقلال الوطني في كل قطر من اقطارها، حتى التي لم تظهر فيها حركات المقاومة، فقد خرج الاستعمار منها استباقا، ودهاء معا، حتى يعود الكرة، كما حصل بعد انتكاسات لمشاريع الاستقلالات الوطنية العربية..

 ولذلك شهد الوعي الوطني ـ خلال الاحتلال الجديد ـ تراجعا رغم  ما تحقق من مظاهر الاستقلال، وتنامي الحركات الثقافية،والتعليم في الوطن العربي لكن كان بالمقابل ، لكن ازداد النفوذ الطاغي، والسلبي لقوى الوعي السياسي الموجه برؤى  معادية لمشروع الاستقلال الوطني، وهي قوى شكلتها الحركات التي  رفعت الشعارات لا اكثر، وشاركت في إجهاض مشاريع الاستقلال الوطني، والتحررالقومي،  و تآمرت مع أنظمة التبعية، للمشروع الامبريالي، والاتجاهات الأرتدادية، فخذلت المجتمعات العربية، كشأن الحكام الذين نصبهم الاستعمار وكلاء، وعجزوا عن  مطالب الفرد، والاسرة، ومجتمعات القرى، والمدن المتساوية بالكاد في تفاقم المشاكل الحياتية، كالماء، والكهرباء، والطبابة، والقوت اليومي، الأمر الذي خلق وعيا مشروطا، لا يتجاوز في حدوده العليا، المطالب الاستهلاكية، ولذلك،  فهو وعي متشيؤ، وتجزيئي لانعدام  قدرته على الربط  بين مطالب المجتمع في السيطرة على ثروات البلاد، وتحريرها من حيتان الفساد، وتوظيفها استجابة للحقوق المدنية، وكذلك لعدم الربط  بين الهوية الوطنية ، والقيم الثقافية القومية التي تستحضر الشخصية الحضارية المؤهلة لمواجهة  تحديات العصر في معظم المجتمعات العربية، والولاءات الضيقة  القبلية، والجهوية، والشرائحية، والعرقية، والمصالح الشخصية..

 والأكثر من ذلك تحديا للوطن، والمجتمع، وكل ما ترمز له  قيم الاستقلال الوطني في ذكراه الواحدة والستين،،  تلك الحشرجة الصوتية المترددة في الصوتيات للطابور الخامس ممثلا في" أبالسة" الافرنكفونية، و تشبثهم  باللغة الفرنسية، كجسر للتواصل مع المحتل، ومن يدافع عن المشروع الاستعماري، ورموزه من أدوات" التطبيع" مع الكيان الصهيوني في العهد المعاوي،،

فهل هؤلاء، يملكون الحجة للدفاع  بالبراهين الاستدلالية،، خلا بلغة المصالح المشتركة، وهي لغة " أكلوني البراغيث" ؟!

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122