رحم الله المناضل الزايد ولد الخطاط .
من الإشراقات في حياته وكلها إشراقات حبه الجارف لكل أبناء وطنه وأمته لم يفرق بيننا وبين أي من معارفه أي كانوا لا في البذل ولا النصح ولا المعروف .
في أيام أحداث 1989 الأليمة لا أعادها الله ظل يرابط في المستشفى متطوعا من الثامنة صباحا وحتى العاشرة ليلا للمساهمة في علاج الضحايارغم مرضه المزمن الذي يعاني منه ويحتاج للراحة .
وفي اليوم الأول تواجدت معه إحدي زميلاته وهي من أهلنا في الضفة وعندما تأخر الوقت وأرادو الذهاب بدت قلقة من الذهاب وحيدة لأن الأحداث ذات طابع عنصري وهي تقطن في مقاطعة السبخة حيث أوج تلك الأحداث وبشجاعته النادرة وجرأته قرر الذهاب معها لحمايتها وعندما دخلت المنزل وبلمحة ذكية قام بالبحث عن قطعة فحم وكتب بها على حائط المنزل " هنا منزل ضابط في الأمن الوطني" كان يريد أن تخاف الغوغاء من إقتحام المنزل إذا ما رأت الكتابة وفعلا حمى زميلته وعائلتها في تلك المحنة وهو الشاب الشاحب النحيل بفعل المرض لكن شجاعته كانت تحوله دائما إلى أسد صهور فهو أول من تصل إليه هروات الشرطة في المظاهرات كما أعتاد الولوج للمعتقلات السياسية في حكومتي هيداله وولد الطايع بسبب مواقفه.
كان آخر مرة أعتقل فيها قبل رحيله بسنة أيام إعتقالات الإسلاميين وعندما وقف أمام المفتش دامس وبعض من افراد الشرطة وطلبو منه توقيع وثيقة يلتزم فيها بعد الوقوف على المنابر وتوعية الجماهير مرة أخرى رد عليهم رحمه الله بآخر رد يتوقعونه نظر إلى أفراد الشرطة وقال أتعرفون ما يقوله الناس عن كل واحد منكم أمام أهليكم في كل جماعه "ورخست بفلان الشرطي الفاسد المرتشي " أتعرفون كيف وصلتم إلى هذه المرحلة إنها معاملة الحكومة لكم بقسوة وقذارة جوعتكم وركعتكم حتى أصبح جهازكم أسوء جهاز في الدولة مرتع الرذيلة والفساد لا أعرف كيف سمحتم لأنفسكم بالوصول إلى القاع هكذا أمامكم خياران أن تطالبو الدولة بتحسين ظروفكم ومكافحة الفساد في قطاعكم وتشاركوا في المطالب الإجتماعية لكل مواطنيكم أو تتقدموا باستقلات جماعية فلا بارك الله في عمل ينزع بصاحبه إلى الفساد والرذيلة .
بهت المفتش دامس وجن جنونه وقال هذه أول مرة أسمع فيها من يجرأ على مثل هذا الكلام في المعتقل .
عندما خرج إلينا بعد شهور من الإعتقال كنت أمازحه :الزايد أكنت تريد إنشاء خلية للضباط الأحرار في جهاز الشرطة ؟ فيبتسم ويقول : ليتني أستطيع .
بنفس الروح التى تطوع بها فى المستشفى أيام تلك الأحداث تطوع أيام إنقلاب صالح ولد حنن وهي التي دفعته لمحاولة الذهاب إلى العراق أيام الإحتلال للتطوع في المستشفيات هناك .
رحمات ربي تترى عليه .
#ذكرى_رحيل_الزايد_ولد_الخطاط