المحاظر الشنقيطية ودورها في خدمة التراث الإسلامي / أحمد سيلوم عبد الرزاق

2021-04-30 16:24:00

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

.

فإن المناهج الدراسية العربية في ظل الإسلام قامت على التلقي من أفواه الرجال، وتستمد هذه المناهج أصولها من أخلاقيات الإسلام الذي ربى الناس منذ نزول الوحي على طلب العلم من أهله، والاستزادة منه، والإخلاص في ابتغائه، والصدق في رواية الخبر وإسناده إسنادا كاملا إلى مصدره، ولذلك صارت الرواية الشفهية أساس الحركة العلمية العربية خصوصا أن وسائل التدوين كانت نادرة الوجود.

وقد نشأت أصول هذه الرواية وتطورت بتطور الحركة العلمية، فكانت هذه المرحلة تزداد وتنمو في مجالس العلم وحلقاته التي كانت تحتضنها المساجد قبل وجود المدارس.

وقد تميز التعليم التقليدي في تلك المراحل بظاهرتين بارزتين:

الظاهرة الأولى: شعبيته وديمقراطيته كمؤسسة فقد كانت مراكز التعليم جزءا من مؤسسة المجتمع، ووظيفة جماعية من وظائفه ينتدب لها في كل مجتمع.

أما الظاهرة الثانية: فهي إلزاميته، بمعنى أن تعليم القراءة والكتابة كان مدخلا، بل هو المدخل الوحيد إلى تعليم الدين، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي للتمكن من القيام بالواجبات العينية المفروضة على كل مسلم، وتبعت هذا الإلزام مرونة اقتصادية وإدارية واجتماعية في فرض التعليم فلم تكن هناك عوائق اجتماعية أو إدارية أو دينية دون تلقي التعليم في أي سن، أو في مواصلته في أي وقت ودون مقابل مادي مفروض ودون أي قيد يفضي إلى حرمان طالب العلم، فطلب العلم في حد ذاته قيمة اجتماعية يمجدها المجتمع[1].

ولم يكن نظام المحاظر الشنقيطية بدعا من هذه الحركة العلمية بل كان امتدادا لها رغم الخصائص والمميزات التي تتميز بها هذه المحاظر.

 وقد كانت لهذه المحاظر العلمية أدوار كثيرة قامت بها منذ نشوئها وحتى الآن، وتعززت هذه الأدوار عندما احتيج  إليها ، وذلك عند مجيء المستعمر إلى بلاد شنقيط فقامت هذه المحاظر بجهود جبارة في مقاومته، وتتمثل هذه الجهود أساسا في خدمة التراث الإسلامي من مختلف جوانبه.

كما أن للمحاضر الشنقيطية أدورا أخرى تمثلت في خدمة التراث العربي والإسلامي في موريتانيا بل وفي أنحاء عديدة من غرب افريقيا والعالم الإسلامي.

وقد ظلت هذه المحاضر تنشر المعارف العربية والإسلامية بمختلف فنونها في ربوع الصحراء ومنها في المناطق الإفريقية المجاورة وما تزال المحظرة تضطلع بهذه المهمة في نقاط عديدة من موريتانيا مستقبلة طلابا موريتانيين وغير موريتانيين عربا وأفارقة وأوروبيين في بعض الأحيان يفدون إليها من كل فج رغم قوة المنافسة بينها وبين المدرسة النظامية وشح مواردها وقسوة ظروف التدريس فيها[2].

وسنتحدث في هذا البحث عن المحاظر الشنقيطية ودورها في خدمة التراث الإسلامي وذلك في محورين:

المحور الأول: المحاظر الشنقيطية المفهوم والنشأة

أولا: تعريف المحاظر الشنقيطية ونشأتها

ثانيا: خصائص المحاظر الشنقيطية ومنهج التدريس فيها

المحور الثاني: دور المحاظر الشنقيطية في خدمة التراث الإسلامي

أولا: نشر العلوم الشرعية

ثانيا: المقاومة الثقافية للاستعمار.

المحور الأول: المحاظر الشنقيطية المفهوم والنشأة

أولا: تعريف المحاظر الشنقيطية ونشأتها

 تعريف المحاظر الشنقيطية

تعتبر المحاظر الشنقيطية مؤسسات ذات وظائف متعددة (اجتماعية وثقافية وتربوية)، ولذلك تعددت تعاريف الباحثين لها بسبب تعدد أدوارها.

-عرفها الخليل النحوي بقوله: " فالمحظرة جامعة شعبية، بدوية متنقلة، تلقينية، فردية التعليم، طوعية الممارسة"[3].

وعرفها محمد امين محمدو فقال: "نقصد بالتعليم الأصلي أو المحظري ذلك النمط من التعليم التي يتم في مدارس أهلية طوعية قرآنية أو فقهية"[4].

وعرفها لكرتوا بقوله: "جامعة شعبية تستقبل كل من يرد عليها، من جميع المستويات الثقافية، والفئات العمرية والجنسية والاجتماعية".

هذه أهم تعريفات المحاظر التي وقفنا عليها، ويمكننا أن نسطر الملاحظات التالية:

 - أن تعريف كل من الخليل النحوي ومحمد امين محمدو يتفقان في نقطة أساسية وهي طوعية الممارسة.

- أن محمد امين محمدو اعتبر في تعريفه أن المحاظر قد تكون فقهية أو قرآنية، ولا ندري لماذا اقتصر على هذين النوعين مع أن هناك محاظرَ مختصة في اللغة وعلومها، وأصول الفقه وغير ذلك.

- أن تعريف لكرتوا غير جامع لاقتصاره على بعض الأمور دون بعض.

- أن تعريف الخليل النحوي هو الأقرب إلى معنى المحاظر الشنقيطية مع أنه من الصعب على من لم ير المحاظر أن يتصورها، ذلك أن البداوة تقترن في الذهن بالغباوة والجهل كما قال محمد المختار ولد اباه[5].

 نشأة المحاظر الشنقيطية

إن استيعابنا للدور الذي يمكن أن يضطلع به التعليم المحظري في نشر المعرفة داخل البلاد يتطلب النظر إلى ظروف نشأته، والمراحل التي مر بها، وهذا ما سنتحدث عنه في هذه النقطة.

يعتقد بعض الدارسين أن النشأة الفعلية للمحاظر بصحراء الملثمين تعود إلى ظهور الدعوة المرابطية بها، إذ كان العلم حضريا في عهد المرابطين وقرونا من بعدهم كما يقول الخليل النحوي الذي اختار لهذه المرحلة عنوانا له دلالته هو "الحواضر مهد المحاظر"، ذلك أن حواضر مثل أوداغست وتنيكي وولاته وتيشيت ووادان وشنقيط كانت مراكز علمية مكينة احتضنت المؤسسات المحظرية الأولى في هذه البلاد.

أما مرحلة البادية إذا كانت المحظرة قد نشأت في الحواضر، فإنها سرعان ما أصبحت مؤسسة تربوية بدوية من حيث الأساس، إذ انتشرت من المدن إلى الأرياف مغطية المجال الشنقيطي الفسيح من ضفاف المحيط الأطلسي إلى أزواد، ومن نهر السنغال إلى الحدود الجزائرية والمغربية[6].

وهكذا عرفت لأول مرة في التاريخ على ما يُعتقد أولُ  بادية تتعاطى الثقافة العالمة درسا وتأليفا، إذ احتضنت هذه البادية "مجموعة البداة الوحيدة التي تملك تقاليد ثقافية مكتوبة بينما يعيش الآخرون ـــ أهل البوادي الأخرى ـــ عالة على أهل المدن"[7].

فهذه الخصوصية التي ميزت البوادي الشنقيطية تحدث عنها كثير من الدارسين من هؤلاء الرحالة الفرنسي كامي دولس حيث يقول: "إن البيضان يتخذون من خيامهم أكادميات حقيقية"، ويضيف هذا الرحالة الذي زار المنطقة سنة 1887م "إن جميع هؤلاء البداة تقريبا يتقنون كتابة العربية، مضيفا أن المعرفة والذكاء اللذين يميزان هؤلاء البدو يبلغان درجة من التطور تُعد مفارقة لما يطبع المسلمين المقيمين بإفريقيا الشمالية[8].

فالمحظرة الشنقيطية فندت النظرية القائلة[9] بأن البادية ليست بيئة صالحة للإنتاج  الفكري فكانت هذه المحاظر رمزا للازدهار العلمي في تلك الربوع.

ثانيا: خصائص المحاظر الشنقيطية ومنهج التدريس فيها

  خصائص المحاظر الشنقيطية

تعتبر المحظرة مؤسسة من مؤسسات التربية والتعليم العربية الإسلامية، وتشترك مع هذه المؤسسات في كثير من الأمور كالصبغة التقليدية وكذلك طبيعة المناهج إلا أن المحظرة تتميز بأمور يمكن إجمالها في النقاط التالية:

الحرية، فالطالب المحظري يتمتع بحرية اختيار:

المحظرة التي ينتسب إليها.

الشيخ الذي سيدرس عنده.

المادة والمتن اللذين يرغب في دراستهما.

الفترة الزمنية الملائمة لدراستة.

وتسمح هذه المساحة الواسعة من الحرية بمستوى من تحقيق الذات يجعل جل الطلاب يتعاطفون تعاطفا وجدانيا مع محيطهم المحظري.

كونها جامعة: فهي تقدم للطالب معارف موسوعية في مختلف فنون المعرفة الموروثة.

كونها شعبية: فهي تستقبل كل من يرد عليها من جميع المستويات الثقافية، والفئات العمرية.

المحظرة جامعة بدوية متنقلة: ولعل تلك أبرز سماتها، وحين نقول إنها بدوية فإننا لا ننكر ما كان للحواضر من إشعاع ثقافي، وقد احتضنت المحاظر في بادئ أمرها ومنها انطلقت، ولكننا نرمي إلى إبراز حقيقة تاريخية، هي أن المحاظر ازدهرت وانتشرت وتبلورت شخصيتها في رحاب البادية لا في المدن.

وقد افتخر المختار ولد بونا بهذه الميزة، فقال:

ونحن ركب من الأشراف منتظم
          

قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة
 

أجلُ ذا العصر قدرا دون أدنانا
 

بها نبين دين الله تبيانا
 

تعتمد المحظرة نظام التعليم الفردي، في طرفي العملية التربوية: الأستاذ والطالب.

من الطرف الأول يدير حلقات الدراسة وجلساتها في العادة شخص  واحد هو "المرابط" أو "الطالب" شيخ المحظرة، وهو عادة رجل ذو بسطة في العلم مختص في بعض المعارف (الدينية واللغوية خاصة) أو موسوعي متبحر، شهد الناس علمه وعاينوا فضله فأقبلوا عليه يتعلمون منه، وإلى هذا الشيخ تنسب المحظرة فتعرف به أو بأسرته, وقد يكون للمحظرة عدة أساتذة، وذلك شأن محاظر بيوتات العلم الكبيرة إذا أقام رجالها في حي واحد.

أما الطرف الثاني: فالقاعدة العامة أن يكون لكل طالب درس خاص به لكن المحظرة توفر ميزات التعلم الجماعي وذلك في حالتين:

ــ الحالة الأولى: جماعية الحلقة الدراسية، فالدروس تقدم في حلقات مفتوحة يحضرها من شاء من الطلبة وغيرهم.

ــ أما الحالة الثانية: فهي التعليم الزمري أو نظام "الدولة" بلغة المحظرة، وهو دراسة جماعية، يشترك فيها جماعة من الطلبة متقاربي المستويات يقع اختيارهم على متن واحد يدرسونه معا.

تقوم المحظرة على أساس من التطوع والمبادرة الحرة في الدراسة والتدريس معا[10].

ثانيا: منهج الدراسة في المحاظر

تقوم أصول مناهج الدراسة في المحاظر على التلقي من أفواه الرجال لا من بطون الكتب، ولذلك يحذرون من اعتماد الطالب على الكتب دون قراءتها على الشيوخ لئلا يضل عن سواء السبيل أو يفهم قولا على غير مراد قائله.

وكانوا دائما ما ينشدون قول أبي حيان الأندلسي:

يظن الغمر أن الكتب تهدي
 

وما يدرى الجهول بأن فيها
 

إذا رمت العلوم بغير شيخ
 

وتلتبس الأمور عليك حتى
 

أخا فهم لإدراك العلوم
 

غوامض حيرت عقل الفهيم
 

ضللت عن الصراط المستقيم
 

تصير أضل من "توما الحكيم"
 

هذا ويبدأ في المحاظر الشنقيطية أولا بحفظ القرآن الكريم، ثم بعد ذلك بتعلم ما يتعين تعلمه من أحكام الصلاة والطهارة وغير ذلك، ثم بعد ذلك يتوجه الطالب إلى تعلم اللغة العربية من نحو وصرف وعروض... وكذلك يقوم بحفظ الأشعار: المعلقات السبع أو العشر ، وديوان الشعراء الستة الجاهليين، ثم بعد ذلك يتوسع في باقي العلم.

أما طريقة الدراسة، فيبدأ الطالب أولا بكتابة الدرس الذي يريد أن يدرس في لوح خشبي، ثم يقرؤه على الشيخ حتى يجيزه بالرواية حتى لا يحفظه بالغلط، ثم يقوم الطالب بحفظ هذا الدرس، ثم يأتي الطالب فيشرح له الشيخ الدرس شرحا وافيا، ثم بعد ذلك يذهب الطالب مع الطلاب للمذاكرة والمراجعة، ثم بعد هذا ينبغي للطالب أن يأتي للشيخ فيمتحنه في الدرس الذي حفظ، هذه هي الطرق التي يسلكونها في التعليم، وقد نظمها الشيخ بن متالي فقال:

كَتْبٌ إجازة وحفظ الرسم
 

ومن يقدم رتبةً عن المحل
 

قراءةٌ تدريسٌ أخذُ العلم
 

من ذي المراتب المرامَ لم ينل
 

ويستحبون لطالب العلم أن لا يخلط بين فنين في آن واحد، وفي ذلك يقول الناظم:

وفي ترادف العلوم المنع جا
 

 إن توءمان استبقا لم يخرجا
 

المحور الثاني: دور المحاظر في خدمة التراث الإسلامي

قامت المحاظر الشنقيطية بأدوار مختلفة في خدمة التراث الإسلامي، وسنركز في هذا المبحث على مسألتين كانتا أبرز تجليات خدمة المحاظر للتراث الإسلامي.

أولا:  نشر العلوم الشرعية

تعد الوظيفة الأساسية لهذه المحاظر هي نشر العلوم والأخلاق الإسلامية ولذلك صرف شيوخ المحاظر هممهم للعلم ونشره في تلك الربوع، وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف قاموا باستجلاب المتون من بلاد الإسلام المختلفة، وعني الطلاب بدراستها، والعلماء بالتعليق عليها واختصارها، ومحاذاتها بمصنفات منثورة، أو منظومة.

ومن هذه المتون التي عني العلماء بها:

ـــ العقائد:

-أم البراهين للسنوسي (صغرى الصغرى)، شرحها الطالب أحمد بن أحمد راره التنواجيوي ت1210 ه، وعقدها بالنظم:  الحاج الحسن بن آغبدي ت1123 ه، وحميده بن انجبنان التندغي، وشرح نظمه: المختار السالم بن عبد الله ت1362ه

- الصغرى للسنوسي، شرحها: الطالب بن محمد الطالب بوبكر الصديق البرتلي 1219ه، وعمر بن عبدم الديماني ت1333ه وآخرون.

- الوسطى للسنوسي أيضا، شرحها: محمد بن أحمد العاقل الديماني ت 1281ه

- الكبرى للسنوسي أيضا، شرحها: أحمد بن العاقل الديماني ت1244ه.

- إضاءة الدجنة في عقيدة السنة للمقري، شرحها: محمد بن المختار بن الأعمش1107ه، والنابغة الغلاوي ت1245ه وعبد الله بن الحاج حماه الله الغلاوي ت1209ه، وعبد القادر بن محمد بن محمد سالم المجلسي سمى شرحه:  توضيح مذهب أهل السنة.

وسيلة السعادة للمختار بن بونا الجكني ت1220ه، وشرحها كثير من العلماء.

2 ــ القرآن وعلومه:

لم يقتصر طلاب المحاظر في دراسة القرآن على الحفظ والأداء بل تناولوا بالدراسة رسم المصحف وضبطه، والتجويد، والكلمات المتشابهة والقراءات والتفسير والناسخ والمنسوخ.

ومن أشهر المتون المدرسة في المحاظر:

نظم الدرر اللوامع لعلي بن محمد بن الحسين الرباطي ت1073 ه المعروف بابن بري، وقد شرحه جماعة منهم: عبد الله  بن الحاج حماه الله الغلاوي ت1209 ه ، ومحمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي ت1323 ه

القصيدة اللامية المسماة بالشاطبية لأبي القاسم الشاطبي ت590 ه، شرحها أحمد بن محمد الحاجي ت1251 ه.

المحتوى الجامع في رسم الصحابة وضبط التابع للطالب عبد الله الجكني، وقد شرحه: الشيخ محمد العاقب بن مايابى الجكني ت 1312 ه، والشيخ محمد تقي الله بن ماء العنين القلقمي ت1320ه

تحفة الوليد في أحكام التجويد لأحمد بن محمد الحاجي ت 1251 ه.

المأمول في القراءات لعبد الودود بن حميه الأبيري ت1397ه

ومن مفسري القرآن العظيم:

الذهب الإبريز في تفسير الكتاب الله العزيز لمحمد اليدالي الديماني ت1166ه.

نظم تفسير ابن جزي للشيخ محمد المامي الشمشوي ت1282ه

ري الظمآن في تفسير القرآن للشيح محمدو بن حنبل الحسني ت1300 ه.

الريان في تفسير القرآن لمحمد بن  محمد سالم المجلسي ت1302ه

علوم الحديث:

ومن أشهر مؤلفات الشناقطة في علم الحديث:

النهر الجاري على صحيح االبخاري لمحمد بن محمد سالم المجلسي ت1302 ه

فتح القدير المالك في شرح موطأ مالك

دليل السالك إلى موطأ مالك

هدية المغيث في أمراء المؤمنين في الحديث

زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم، كلها للشيخ محمد حبيب الله بن ما يابى الجكني ت1364ه.

غرة الصباح في اصطلاح البخاري

طلعة الأنوار في المصطلح وشرحها هدي الأبرار للعلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم ت1223ه.

فرائد المنح على ألفية السيوطي في المصطلح لأحمد بن دهاه العلوي ت1361ه

3 ـــ الفقه:

في المراحل الابتدائية مختصر الأخضري في العبادات، ونظم مرشد المعين لابن عاشر، والرسالة لابن أبي زيد القيرواني، وفي المرحلة الثانية مختصر خليل وعليه اعتماد أكثرهم، وتحفة الحكام لابن عاصم الغرناطي ولامية الزقاق في القضاء.

وقد شرح هذه المتون جماعة من العلماء وحاذاها آخرون بمؤلفات منظومة أو منثورة بينوا مجملها، واستدركوا عليها أو على بعض شروحها.

فمن شراح الأخضري:

الحاج أحمد بن الحاج الأمين الغلاوي ت1157ه بكتابه المفيد.

الشيخ باي بن الشيخ سيدي محمد الكنتي

النابغة الغلاوي ت 1245 ه بكتابه الأزهري على الأخضري.

وقد عقد عبادات الأخضري بالنظم رجال، منهم:

عبد الله بن الحاج حماه الله الغلاوي ت1209 ه وشرح هذا النظم محمد يحيى بن سليمة اليونسي الولاتي ت1354 ه.

وقد عبادات الأخضري أيضا عبد الله بن محمد الأمين التندغي.

ومن شراح المرشد المعين:

أحمد بن البشير الغلاوي ت1277 ه (مفيد العباد سواء العاكف فيه والباد).

النابغة الغلاوي ت1245 ه له شرحان مطول وموجز.

ومن شراح الرسالة:

الطالب أحمد بن أبي بكر بن الحاج عبد الرحمن البرتلي ت 1208ه له شرح سماه (مرشد الطالبين)

سيد أحمد بن محمد بن بوكفه المحجوبي ت1240ه

سيدي عثمان بن أعمر بن سيداتي اليونسي ت1237ه له شرحان باكورة مذهب مالك وهو المطول، ومغني التلاميذ وهو الموجز.

أحمد بن البشير الغلاوي ت1277ه له شرح سماه "موارد النجاح".

وقد عقد الرسالة بالنظم رجال منهم:

عبد الله بن الحاج حماه الله الغلاوي ت 1209ه بنظم شرحه كل من:

محمد يحيى بن سليمة ت1354 ه، وعبد الرحمن بن محمد الأمين بن الطالب سيد أحمد الغلاوي، والشيخ محمد الأمين بن عبد الوهاب الفلالي ت 1254 ه له شرح سماه التلخيص.

ومن شراح مختصر خليل:

محمد بن أبي بكر الحاجي الوداني كان حيا سنة 933 ه وشرحه سماه "موهوب الجليل"، ولا يوجد منه حسب علمي في موريتانيا إلا نسختان في مكتبة تيشيت رغم العزو إليه في مؤلفات الشناقطة، ويوجد بالرباط مخطوطا في الخزانة العامة،وفي المكتبة الملكية.

الكصري الإيدلبي النعماوي ت1235ه شرحه سماه فيض الجليل في أربعة مجلدات.

الشيخ محمد الأمين بن  الطالب عبد الوهاب الفلالي ت1254ه له شرح سماه: فتح الجليل.

محنض بابه الديماني ت1277ه بكتابيه ميسر الجليل: الميسر الكبير أربعة مجلدات، وباختصاره الميسر الصغير مجلدان.

محمد بن محمد سالم المجلسي ت 1302ه له شرح سماه لوامع الدرر في هتك أستار المختصر في سبعة مجلدات ضخام[11]، وهو مطبوع متداول.

هذه بعض النماذج وغيرهم كثير ممن شرح المختصر أو نظمه أو استدرك عليه...

 2 ـــ أصول الفقه

أشهر المتون التي تدرس في المحاظر الشنقيطية:

ورقات إمام الحرمين بالنسبة للمبتدئين، وقد شرحها كثير من العلماء منهم: صالح بن عبد الوهاب الناصري ت 1272 ه ، ونظمها عبد الله بن محمد بن حبيب الله التامكلاوي ت1327ه.

التنقيح للقرافي، وقد عقده بالنظم مولود بن أحمد الجواد اليعقوبي ت1245 ه، ووضع شرحا على نظمه.

مرتقى الوصول لابن عاصم الغرناطي، شرحه محمد يحيى الولاتي ت1333 ه سماه بلوغ السول.

الكوكب الساطع للسيوطي، شرحه محمد سالم بن المختار بن ألما اليدالي ت1383 ه، ومولود بن أحمد الجواد اليعقوبي.

مراقي السعود لسيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي الشنقيطي ت1233ه وله شرح سماه: نشر البنود، وقد شرح المراقي كثير من العلماء كمحمد يحيى الولاتي وغيره.

3 ـــ القواعد الفقهية

ومن أشهر المتون التي تدرس في المحاظر:

المنهج للزقاق، وقد شرحه محمد يحيى بن سليمة الولاتي ومحمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني و زين بن الجمد اليدالي...

تكميل المنهج لمحمد مياره، وقد شرحه محمد يحيى الولاتي، ومحمد الأمين بن أحمد زيدان سمى شرحه التلخيص، وعبد القادر بن محمد بن محمد سالم المجلسي ت1337 ه...

شرح السجلماسي على منهج الزقاق، اختصره أحمدو بن زيد الديماني ت1322ه

وهكذا كانت المحاظر الشنقيطية الحاضنة والحافظة لهذه العلوم المختلفة، وكان السبب الأساسي الذي دعا هؤلاء العلماء إلى التأليف هو تسهيل هذه المتون لطلاب المحاظر، ولذلك نجد أغلب هذه المؤلفات إما أن تكون شرحا لمتن أو نظما له أو استدراكا عليه.

وبسبب هذه النهضة العلمية التي أحدثتها المحاظر انتشر العلم في جميع أنحاء البلاد ومن ذلك ما يروى  أنه كانت توجد في قبيلة تجكانت ثلاثمائة جارية تحفظ موطأ مالك، فضلا  عن غيره من المتون،  وفضلا عن الرجال، ولهذا قيل العلم جكني، وكذلك كان الأمر في سائر قبائل الزوايا[12].

ولم يكتف علماء المحاظر بالتركيز على علوم الغاية فقط بل أعطوا عناية خاصة لعلوم الآلة، وخاصة علوم اللغة لما لها من أهمية في استيعاب باقي العلوم، ولذلك فضلوا الاشتعال بها على الاشتغال بالعبادة، يقول الشيخ محمذن فال بن متالي:

تعلم اللغة شرعا فضل
                

يؤخذ ذا من قوله وعلما
 

على التخلي لعبادة الجلي
 

آدم الأسماء الزم التعلما
 

أدب المحظرة:

لم يكن لطلاب المحاظر الشنقيطية ما يروحون به عن أنفسهم سوى الأدب فهو زادهم عندما يخلدون للراحة، لأنهم لا يريدون الاشتغال إلا بالعلم أو ما يتعلق به.

ولذلك أنتجوا في هذا الجو المحظري أنماطا متنوعة من الأدب، مثل: التورية في العلوم، وتضمينها...

التورية في العلوم:

يكثر هذا النمط في الأدب المحظري بسبب انطباع هذه العلوم في مخيلات طلاب المحظرة، ومن أمثلة هذا النمط قول الشيخ محمد عالي اليعقوبي، في رجلين يسمى أحدهما العيد والآخر شعبان أكرمه الأولُ وقصَّر الثاني في حقه:

لله حكم على الأيام مختلف
فحرمة الصوم يوم العيد ظاهرة
 

فمنه ما هو ممنوع ومطلوب
ويوم شعبان فيه الصوم مندوب
 

فورى الشيخ رحمه الله تعالى بحرمة الصوم في يوم العيد ومندوبيته في يوم النصف من شعبان ومراده شكر هذا والتعريض بهذا.

ومنه أيضا ما قاله ولد أحمد يوره:

كنا بميمنة الميمون في طرب ولليالي رجوع في مواهبها
 

نجني من اللهو ما شئنا ونهتصر
كأنها الأب يعطي ثم يعتصر
 

فضرب المثل هنا بمسألة من فقه الاعتصار أي رجوع الأب في هبته لابنه.

وكذلك ضرب المثل بمسألة من الفرائض في قوله:

جرد من الفكر فلكا
                              

فالعول فيه انقسام
 

للنائبات يخوض
 

إذا تضيق الفروض
 

ومن أمثلته أيضا قول عبد السلام بن محمد بن عبد الجليل العلوي يصف برقا إلى جهة الحجاز، وآخر إل?

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122
جميع الحقوق محفوظة لـ وكالة الرائد © 2009-2024