س: شهدت بداية السبعينيات أحداثا هامة من ضمنها: تأميم شركة ميفرما، وإنشاء العملة الوطنية، ومؤتمر الاندماج، أين أنتم من هذه الأحداث؟
.ج: فيما يخص تأميم شركة ميفرما فقد كنا نطالب به ونطرحه بإلحاح، حيث نظمنا العديد من المظاهرات وكتبنا على الجدران ووزعنا مناشير تطالب بتأميمها... وعند تأميمها نظمنا مسيرات احتفاء بالحدث، أما بشأن إنشاء العملة الوطنية فكانت لنا مطالب عامة تدعو إلى الاستقلال الاقتصادي والثقافي، وذلك ما جعلنا نثمن ما جاء في هذا الشأن ضمن خطاب الرئيس المختار بن داداه فى مؤتمر حزب الشعب المنعقد سنة 1971 حيث قال بالحرف (يجب أن نعطي الأولوية لمطلب الاستقلال الثقافي، فالاستقلال الاقتصادي يتحقق بواسطة الرجال الذين يحددون درجته حسب تحكمهم في المشاكل المعقدة في طرحها، وذلك ما يجعل الاستقلال الثقافي شرطا في الاستقلال الاقتصادي)؛
أما بشأن مؤتمر الاندماج فلم تكن لنا علاقة مباشرة لبه وذلك عائد إلى أننا فى ذلك الوقت ليس للتيار الناصري نظام مركزي يفاوض به.
س: هل تلقيتم دعما ماديا أو معنويا فى تلك الفترات من مصر عبد الناصر؟ أوتوجيهات منها؟ أومن ليبيا القذافي؟؟
ج: لا وألف لا... في هذه الفترة وما قبلها لم نشترك في أي علاقة لا مادية ولا معنوية مع المصريين ولا مع الليبيين؛ في تلك الظروف كانت الاستفادة المادية بعيدة كل البعد من فكرنا وسلوكنا فى الحياة، وكذلك الاتصال بالخارج مهما كان الهدف منه.
س: كنتم من المشرفين على تنظيم أول مؤتمر للناصريين سنة 1977 ماذا عن المؤتمرين؟ أين نظم هذا المؤتمر؟ ومن تتذكرون من الحضور؟ ولمن اسندت قيادة الحركة؟
ج: كان الحاضرون لهذا المؤتمر هم عبارة عن مجموعة من الأطر محدودة العدد تعد بالعشرات تم اختيارهم من بين من تجاوزت أعمارهم العشرين سنة، نظم هذا المؤتمر زوالا بمنزل المرحوم محمد عبد الله بن امبيريك، أغلبية الحضور لا أتذكر أسماءهم، وذلك عائد إلى طبيعتي أنا حيث كنت قد عودت نفسي على عدم الاحتفاظ بالأسماء وعدم مطابقتها لصور أصحابها خوفا من أن أُلجأ في التحقيق الأمني إلى التعريف ببعض الأشخاص، غير أنني أتذكر اثنين من الحاضرين زيادة على أعضاء المكتب امتنعا من الظهور فيه وهما: المرحوم محمد عبد الله بن امبيريك، والدكتور محمد بن سيدى بن أبياه شفاه الله.
أسندت قيادة الناصريين إلى مجموعة من سبعة أشخاص، أتذكر أسماء خمسة منهم: أحمد بن مد اللَّ رئيسا، أحمد بن الطلبه نائبه، محمدن بن التمين مسؤولا عن التنظيم، الكوري بن احميتي والطالب بن جدو لم تحضرني الآن المهام المسندة إليهما، هذا بالإضافة إلى عضوين آخرين لم أتذكر اسميهما,
س: في سنة 1978 انتقلت موريتانيا من النظام المدني إلى النظام العسكري، كيف أين هم الناصريون من ذلك الحدث وما بعده؟
ج: كانت موريتانيا في ذلك الوقت على شفى الانهيار، بسب الحرب حيث أصبح كل مواطن يتمنى زوال تلك الحالة. والنظام مرتبك يتلهى بتغيير بناه الداخلية. والشعب منهك؛ كل فرد يعبر عن شعوره من مستواه، هذا عضو المكتب السياسي المغفور له بإذن الله العلامة محمد سالم بن عدود يقول:
الراتب يفرغ بالتحفاف @ والضرايب تكزر كزر
واتبانْ الصحر والجفاف @ هي كاع اعرظه وزر.
ويقول آخر بشأن تحكيم " ميري اتريز"في السياسة:
حكم الرجال أُجَرًبْ فات@ واترقـــين عنًُ واْفنَ
أظركْ افتجربت لعليات@ إلين انشوفُ ما شـــفن.
كان الجيش متعبا وعاجزا عن المتابعة فى الحرب، مما جعله مقتنعا بأن لا يوجد حل غير الانقلاب العسكري، وبما أن الضباط الحاملين لفكرة الانقلاب غير متأكدين من أن الشارع سوف يستقبلهم بالهتاف عندما يتعلق الأمر باستبدال نظام عسكري بنظام مدني، كان ذلك سببا في اللجوء إلى بعض المدنيين من أجل إعداد الساحة وتهيئتها لاستقبال الانقلاب، وبموجب ذلك نظمت مشاورات معمقة بين البعثيين والناصريين كانت على أعلى المستويات حيث كان يترأس اجتماعاتنا المرحوم محمد يحظيه بن ابريد الليل فى ظروف بالغة السرية، وفى ظل انعدام ظهور أي حل في الأفق ما كان لنا إلا الوفاق على الانقلاب.
تم الانقلاب في ظروف عادية وتلقيناه بالتأييد وذلك لشدة حاجتنا لتغيير الوضع الذي كنا نعيش فى تلك الأيام معتقدين أن الأمر سيؤول إلى حكم مدني كما وعد العسكريون فى البداية؛
في هذه الظروف بالذات تم تحويلي إداريا خارج نواكشوط، ولذلك انقطع الاتصال المباشر مع التنظيم الناصري المركزي، فأصبحت غير مطلع على ما يجري في نواكشوط (مركز النشاط السياسي)، حينها تفرغت للعمل الفردي؛
وبهذه المناسبة اسمحوا لي أن أنهي هذه الإطلالة على بواكير التاريخ الناصري في البلد تاركا المجال لمن يكمل هذه المسيرة، وألتمس العذر من القراء فيما قصرت عنه أو أخطأت فيه عن غير قصد، قد تتهمونني بعدم ذكر أحداث سمعتم عنها، ويعود ذلك إلى أنن لا أروى ولا أكتب إلا عن ما شاهدته رؤي العين أو قريبا من ذلك؛
والآن عيب الديار على من بالديار بقي، أمامكم فترة الربيع الناصري في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي تلك الفترة التي أنجبت لنا جيلا واسعا من الشباب المثقف: كتاب، مفكرون، وسياسيون، شهود عيان وبما أنهم جزء من الحدث غهم أفضل من يحدثنا بكل صدق وأمانة عن تلك الفترة بكامل بتجلياتها.
وفقكم الله.
وكالة الرائد: شكرا جزيلا الأستاذ العميد محمدن ولد التمين
أجرى الحوار أفلواط الداهى
_____________________________
ملاحظة:
فى الحلقة القادمة نستمع إلى قيادي مؤسس هو الآخر... عاش السجون والإبعاد والإقصاء فى سبيل مبادئه.