الجزائر – «القدس العربي»: اعترف جمال ولد عباس الأمين العام لجبهة التحرير الوطني ( حزب السلطة الأول في الجزائر) أنه ممنوع بأوامر فوقية من الحديث عن الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مع التأكيد في الوقت نفسه على أن الحزب يبقى داعماً ومؤيداً للرئيس بوتفليقة، باعتباره رئيساً للحزب، ولأن الجبهة كانت دائماً مساندة للرئيس منذ ولايته الأولى سنة 1999، وبالنظر إلى ما قدمه إلى الجزائر من «أفضال»، على حد قوله.
.وكان ولد عباس قد اعترف أمام أعضاء حزبه في تجمع عقده في مدينة الطارف شرق البلاد أنه يفضل عدم الخوص في موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن هذه «القناعة» نابعة من أوامر فوقية طلبت إليه عدم الحديث عن ترشح بوتفليقة إلى ولاية خامسة، رغم أن ولد عباس هو أول من تحدث عن ولاية خامسة في أيلول /سبتمبر2016 ، بمجرد أن صعد إلى المنصة في قاعة فندق الأوراسي عندما تم تعيينه أميناً عاماً لحزب جبهة التحرير الوطني، خلفاً لعمار سعداني الذي دفع إلى الاستقالة.
وكرر ثلاث مرات أنه ممنوع من الحديث عن الموضوع بأوامر فوقية، وهو ما فهم منه أن الرئاسة هي التي طلبت منه الكف عن الحديث عن هذا الموضوع، رغم أنه كان كثير الكلام عن ترشح الرئيس مجدداً، بدليل أنه قال أيضاً في وقت سابق إن الرئيس المقبل في رأسه، ومرة أخرى أكد أن بوتفليقة لا يريد أن يكون مرشح الجيش في الانتخابات المقبلة، وهو ما فهم منه أيضاً أن الرئيس سيترشح مجدداً، قبل أن يتوقف ولد عباس عن الحديث تماما عن الموضوع، بل وتهديد قيادات حزبه بمعاقبتهم، بدليل أن النائب بهاء الدين طليبة الذي حاول أن يسبق الجميع بالإعلان عن تشكيل تنسيقية لترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، تعرض لانتقاد شديد من طرف ولد عباس، الذي قرر إحالته على لجنة الانضباط.
في المقابل شدد أمين عام الجبهة على أن الحزب يبقى مؤيداً للرئيس بوتفليقة، نظراً لما اعتبره «أفضالاً» على الجزائر منذ توليه رئاسة البلاد سنة 1999، موضحاً أنه لعب دوراً أساسياً في إعادة الأمن والاستقرار، وبناء دولة عصرية، قوية بمؤسساتها، دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير واستقلالية الإعلام .
واستغل الفرصة لمهاجمة خصومه السياسيين، من دون تسميتهم، ولكن الجميع فهم أن المقصود هو أحمد أويحيى رئيس الوزراء وحزبه التجمع الوطني الديمقراطي، مؤكداً أن بعض الأطراف تناور وتدعي أنها تدعم الرئيس بوتفليقة، في حين أن لهم نوايا سيئة، في إشارة إلى «طموح» أويحيى في الترشح إلى الرئاسة، الذي تحول إلى تهمة يحاربه بها خصومه ويحاول هو تبرئة نفسه منها.
يأتي كلام ولد عباس أياما قليلة بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس بوتفليقة إلى الشعب الجزائري بمناسبة ذكرى النصر المصادفة لـ19 من آذار/مارس، عندما قال إن الوصول إلى الحكم من حق جميع الأطراف، داعيا إلى المنافسة السياسية، وهو كلام اعتقد بعض المحللين أنه مؤشر على نية الرئيس عدم الترشح مجدداً في 2019، لكن الغالبية منهم رأت فيه مجرد كلام موجه للاستهلاك المناسباتي، وأن مشروع الولاية الخامسة قائم حتى وإن تم السكوت عنه حتى إشعار آخر.
كما أن اعتراف ولد عباس بأن هناك أوامر فوقية تمنعه من الحديث عن الولاية الخامسة، هي طريقة أيضاً للحديث عن الولاية الخامسة، فضلاً عن أنه يعطي تفسيراً لأحداث وقعت قبل فترة، مثل قضية المحامي فاروق قسنطيني الرئيس السابق للجنة ترقية وحماية حقوق الإنسان الذي قال إنه التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأنه أبلغه نيته الترشح لولاية خامسة، وأنه ينوي البقاء في الحكم مدى الحياة، وهو التصريح الذي أثار جدلاً واسعاً، وجعل الرئاسة تسارع بإصدار بيان تقول فيه إن اللقاء لم يحدث أصلاً وأن كلام قسنطيني بخصوص الولاية الخامسة «مجرد افتراءات»، وكانت هذه أيضاً طريقة للحديث عن الولاية الخامسة بالتنصل والتبرؤ ممن تحدث عنها!