شهدت البلاد التونسية مؤخرا حملة وصفها العديد من الأحزاب السياسية بأنها حملة منظمة استهدفت حرق واتلاف الزوايا وأضرحة الأولياء الصالحين في تونس لعل أبرزها حرق مقام الولي الصالح سيدي بوسعيد الباجي.
.
حملة كانت نتيجتها حرق ما يقارب 34 مقام لولي صالح وزاوية في تونس, مما أثار استياء في صفوف أغلب المواطنين والأحزاب السياسية لما اعتبروه حملة " وهابية" منظمة لطمس هوية ومعتقدات أغلب التونسيين.
الموقف الرسمي للحكومة التونسية أدان مثل هذه العمليات واعتبرها تعديا صارخا على التراث التونسي والذاكرة الجماعية, حيث تعهدت الحكومة التونسية بفتح تحقيق في الغرض ومحاسبة كل من يثبت تورطه في مثل هذه الأحداث.
واعتبرت وزارة الثقافة على لسان وزيرها مهدي المبروك أن مثل هذه الأعمال مدانة ولا مبرر لها, داعية جميع الأطراف الى ضبط النفس والحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانسياق وراء الاتهامات المتبادلة بين مكونات النسيج المجتمعي التونسي.
على خلاف الموقف الرسمي للحكومة الذي ابتعد عن اتهام اي فصيل ديني أو مدني في البلاد بالوقوف وراء هذه العمليات, اتهم الاتحاد التونسي للطرق الصوفية من أسماهم بالوهابيين بالوقوف وراء حرق المقامات والاضرحة.
وقال مازن الشريف نائب رئيس اتحاد الطرق الصوفية في تونس أن "الذين يقفون وراء هذه الهجمات على الزوايا وهابيون مشددا على أنها البداية ، وأن الوهابيين سيقدمون على تدمير التراث التاريخي ومن ثم فرض قوانين متطرفة على المجتمع التونسي, لأن استراتيجيتهم تهدف لتغيير البلاد".
وأكد الشريف أن المشروع الوهابي في تونس وممول من أطراف خليجية يهدف الى ضرب الوحدة والسلم الاجتماعي للتونسيين عن طريق التهجم واستهداف عقائدهم وتراثهم المشترك.
وحمل اتحاد الطرق الصوفية في تونس الحكومة مسؤولية ما يقع من حملات منظمة لحرق مقامات وأضرحة الصالحين, مطالبا اياها بمحاسبة "المتشددين والمجرمين والفرق الضالة".
الأحزاب السياسية بدورها أدانت عمليات حرق مقامات الأولياء الصالحين والأضرحة واعتبرتها تعديا صارخا على التراث المجتمعي التونسي ومحاولة ممن وصفتهم بالظلاميين والرجعيين الذين يحاولون فرض نفوذهم وطريقة تفكيرهم على التونسيين.
وأعلنت أغلب الأحزاب التونسية المعارضة ادانتها لمثل هذه العمليات التي تستهدف الأمن والسلم والوحدة الاجتماعية للتونسيين, مطالبة بمعاقبة كل من يثبت تورطه في مثل هذه الجرائم التي وصفتها بجرائم " ضد الحضارة والهوية".
من جهته نفى المتحدث باسم الوهابية كما يصفه اتحاد الطرق الصوفية البشير بن حسن, أن يكون الوهابيون وراء مثل هذه الأعمال قائلا " لا يجوز شرعا التبرك والتقرب للمقامات والأضرحة لكننا لم ندعو يوما الى حرقها أو اتلافها".
واتهم البشير بن حسن أطرافا سياسية يسارية وأطراف خارجية تعمل على خلق الطائفية في تونس من خلال استهداف الزاويا والأضرحة.
وقال البشير بن حسن أن الدول الغربية وخاصة فرنسا تريد خلق بيئة طائفية في تونس عن طريق تدخلها لإعادة تأثيث الزوايا ومقامات الأولياء , مضيفا " هذا ما يؤكد ضلوعها في مؤامرة طائفية ضد التونسيين".
وقال البشير بن حسن في لقاء تلفزي جمعه بنائب اتحاد الطرق الصوفية مازن الشريف أنه لا يدعو الى مهاجمة الأضرحة والمقامات وحرقها بقدر ما يدعو الى تحريم التبرك والتقرب منها.
وقال بن حسن " حتى علماء الزيتونة والمذهب المالكي يحرمون التبرك والتقرب من الأضرحة والمقامات ولا دخل للفكر الوهابي في ذلك".
منظمات المجتمع المدني بدورها نددت بما اعتبرته حملة ممنهجة ومنظمة وممولة من طرف دول خارجية تقف وراء استهداف النسيج المجتمع التونسي وخلق مناخ طائفي.
وقالت عضوة جمعية النساء الديمقراطيات بشرى بلحاج حميدة أن الجماعات السلفية الوهابية تقف وراء حملة حرق الأضرحة والزوايا بعد فشل محاولاتهم في اختراق العقيدة والهوية الجامعة للتونسيين.
وأكدت بلحاج حميدة على أن منظمات المجتمع المدني ستتصدى لهذه المجموعات التي وصفتها بالمتعصبة والمستوردة من الخارج, مشيرة الى أن محاولات الوهابية لطمس معالم الثقافة التونسية الزيتونية المالكية ستفشل.
اسلام تايمز - حلمى همامي