شاهدت البارحة معظم حلقة من برنامج "شاعر التوحيد" الذي تبثه قناة "شنقيط". حدث ذلك دون إرادة مني وإنما لأن الذين حولي صرفوا الشاشة إلى تلك القناة، وقد لفت انتباهي أمران:
.
1. ضيق أفق بعض الذين تصدروا لإجازة النصوص ومناقشة منتجيها؛ بحيث يعترض أحدهم على تعبير سليم أو تلميح بليغ لأنه لم يألفه في محيطه البشري فقط، فكأن أحدهم يقول للأديب: كن نسخة مني أُجِزْكَ! وفي هذا ما فيه من تحجيم الحسانية واجتزائها وجهل تنوعها.
أحدهم انتقد قول أحد الشباب: "واحفظ لي جَنبي" قائلا: إذن يبقى جنبك الآخر وسائرك غير محفوظ! ولم يُجْدِ الأديبَ التنبيهُ على أن الجيم مفتوح، وفات المسكين (المحكّم) أن الجنب تعبير يعني الجهة بأكملها أيضا، فهو شامل للشخص وما يحيط به؛ وبه نطق القرآن العظيم {يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله}.
شاب آخر أشبعه الذين تصدوا للنقاش تقريعا لأنه زعم أنه شاب في المعصية بينما هو في ريعان شبابه؛ وهي سطحية أضحكتني (رغم موانع صحية من ذلك) لما تشي به من جهل معنى المبالغة الذي يعني أن مدة الغي طالت على الأديب المنكوب بمناقشيه حتى حسب نفسه شاب فيها. وتأكدت أنهم لم يطلعوا على أن المتنبي كان في عز شبابه حين قال عن الشيب:
ضيف ألم برأسي غير محتشم ** والسيف أحسن فعلا منه باللمم
ولأن نقاد ابن الحسين كانوا من إفراز النخبة لم يؤاخذوه بما آخذ عليه آخرون من اختيار قناة فضائية شابا مبدعا في آخر الزمان.
2. تردد اسم "القزل" على أكثر من لسان بقصد التعبير عن الغزل؛ رغم البون الشاسع بين الاسمين؛ فالقزل (بالقاف) أقبح العَرَج، والغزل (بالغين) ذكر محاسن المحبوب والتشبيب به، وبين المعنيين ما بين القوم وما تصدوا له لو كانوا يعلمون.
من صفحة الأستاذ: محمد سالم بن جد على الفيس بوك