شهدت اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي يوم أمس 28 يناير 2015 في أديس أبابا انتخاب أعضاء لشغل بعض المناصب الشاغرة او المنتهية ولايتها في أجهزة الاتحاد المختصة.
.ويتعلق الأمر بانتخاب أعضاء باللجنة الافريقية للقانون الدولي ،وأعضاء في المجلس الاستشاري لمكافحة الرشوة ،ورئيس الجامعة الافريقية ونائبه ،والدولة التي ستحتضن مقر هذه الجامعة.
ومعلوم أن الاتحاد الافريقي يتوزع إلى خمسة أقاليم هي : إقليم الشمال (06 دولة) ،وإقليم الجنوب(16)،وإقليم الشرق (07 دول )،وإقليم الغرب(15دولة) ،واقليم الوسط (11دولة). وإذا كانت نظم ولوائح الاتحاد الافريقي تجعل انتخاب الرئيس الدوري ونوابه يتم بطريقة دورية تضمن أن يحصل كل اقليم سنويا على حصته من الرئاسة أو نيابة الرئاسة بغض النظر عن عدد دول الأقليم، فإن الأمر مختلف في بقية الانتخابات حيث تعتمد طريقة تمزج بين الدورية، والانتخاب العام المباشر، مع فتح المجال في بعض الدورات أمام اكثر من اقليم للترشح لمنصب واحد،وتشجيع نفاذ النساء.
وهذا ما يجعل اقليمي الشمال (الذي يضم موريتانيا والجزائر وليبيا و تونس ومصر والجمهورية الصحراوية ) وإقليم الشرق (الذي يضم اثيوبيا ودول القرن الافريقي ) أقل حظا في الفوز في الحالات التي يفتح فيها الترشح للمنصب أمام أكثر من إقليم، بينما يكبر حظ بقية الاقاليم بفعل كثرة أصواتها .
وقد ترشحت موريتانيا هذه السنة لاثنين من هذه الانتخابات هما : انتخاب أعضاء اللجنة الافريقية للقانون الدولي ،وانتخاب رئيس الجامعة الافريقية،حيث قدمت بلادنا مرشحين للجنة الافريقية للقانون الدولي هما : الدكتور عالي افال استاذ جامعي متخصص في القانون الاداري والدولي ،والسيدة سارة صادق خبيرة قانونية واقتصادية واحدى شخصيات المجتمع المدني .
أما رئاسة الجامعة الافريقية،تم ترشيح الدكتور محمد فال ولد الشيخ وزير سابق وأستاذ جامعي متخصص في علوم اللغة .
وكان الترشح لرئاسة الجامعة الافريقية مفتوحا أمام اكثر من إقليم ،فتحالف إقليما االجنوب والشرق مما مكنهما من الفوز على مرشحي الأقليم الأخرى ،فحصلت تنزانيا (الشرق ) على منصب الرئيس ، وانكولا (الجنوب) على منصب نا ئب الرئيس.
وقد سمح لمرشحي الرئاسة الذين لم يفوزوا بالترشح لنائب الرئيس فقامت موريتانيا بترشيح مرشحها وحصل كما في الدور السابق على أصوات إقليم الشمال أي ستة أصوات ، لكن تحالف الاقليمين المذكورين استحوذ على المنصب.
اما في انتخاب أغضاء لجنة القانون الدولي ، فقد كان أحد المناصب خاصا بإقليم الشمال وحده وشغر بعد انتقال التونسي الذي كان يشغله الى منصب في المجلس الاستشاري لمكافحة الرشوة قبل أن يكمل مأموريته .وقد تقدمت تونس بمرشحة منافسة للمرشحة الموريتانية سارة الصادق التي كانت حظوظها تبدو قوية جدا .
لكن تونس طالبت بمنح المنصب لها بالتوافق ودون منافسة نظرا لشغوره قبل أن يكمل صاحبه مأموريته .
وهو ملا كان موضع جدل قانوني ، حيث ان التونسي الذي كان يشغل المنصب يعتبر مستقيلا لأنه وافق على تعيينه في أحد أجهزة الاتحاد الافريقي نفسه .وقد احتج التونسيون بما حصل السنة الماضية في مجلس السلم والامن الافريقي ، حيث تم التوافق على انتخاب الجزائري اسماعيل الشرقي رئيسا للمجلس ليكمل بقية مأمورية سلفه رمضان لعمامرة الذي عين وزيرا لخارجية بلاده.ولكن هذا قياس مع الفارق .
ويبدو ان التونسيون تمكنوا من اقناع عدد كبير من الوفود بهذا الطرح المشكوك فيه .وبالتالي فازت مرشحتهم.
أما في المنصب الآخر الذي كان مفتوحا أمام الأقاليم وترشح له عدد كبير من الدول ، فقد تقدم مرشح موريتانيا الدكتور عالي افال حتى وصل الى الدور الرابع حاصلا على 16 صوتا من أصل 28 صوتا هي الأغلبية المطلوبة للفوز ،لكنه أقصي في الدور الخامس جراء تحالفات وتنازلات حصلت بين الأقاليم الاكثر دولا.
ويظهر في النتيجة المحترمة التي حققها هذا المرشح أن السفارة الموريتانية بذلت جهدا كبيرا ووظفت آلية الدعم المتبادل مع بعض الدول ، حيث دعمت موريتانيا مرشحي تلك الدول في المناصب التي لم تترشح لها مقابل دعمهم لمرشحيها.
ويستخلص من هذه النتائج أن أهم ما اعاق فوز مرشحي موريتانيا هو تصادف هذه الدورة مع فتح بعض الترشحات أمام أكثر من إقليم ،وغموض بعض النصوص المنظمة للانتخاب مما سمح باعتماد الدعوي التونسية ،وعدم تمكن دول إقليم الشمال من توحيد مرشحيها ، والقلة النسبية لعدد دول هذا الاقليم .
ويبدو أن من مصلحة دول إقليم الشمال أن تتم مراجعة النصوص واللوائح المنظمة لانتخابات الاتحاد الافريقي لتكون أقرب إلى الإنصاف بجعلها دورية ،وعدم فتح الباب في أغلب المناصب أمام اكثر من إقليم واحد ، لكي تتمكن دول الشمال والشرق من الحصول على حصة عادلة في مناصب أجهزة المنظمة.