د. إشيب ولد أباتي
في مراجعة متأنية بقصد الإستفادة من الفكر المقاوم، لكتاب رأي اليوم المقاتلين بالكلمة، والمبدعين في مجال الفكر التحريري بمختلف المستويات الأكاديمية العالية، والكتابة المتثاقفة، للصحفيين والكتاب، والمناضلين بتعليقاتهم، وتفاعلهم الإيجابي، والكل كان مساندا لجبهات المقاومة العربية الإسلامية في فلسطين الثائرة، ولبنان المقاومة، والعراق الأشم، واليمن العظيم، وسورية المصممة على الصمود، ورفض الانبطاح، والاستسلام..
وقد أدت هذه المقالات اليومية الرائعة بموضوعها، وأسلوبها، وفكرها المقاوم وظيفتها المؤملة من جهة تأثيرها في تشكيل الرأي العام العربي، والإسلامي، وهي بمثابة " عينة" للدراسة لموضوع: انتشار الوعي العروبي: القومي، والوطني، والإسلامي، وذلك بمشاركة نخب هذا الفكر، وتفكيرهم المتنور، وجمهور المتفاعلين الذين لا يمكن التغافل عن تأصيلهم للفكر المقاوم، وتبني الجميع لقضية تحرير الأمة العربية من فلسطين، والتفاعل مع الانتصار المأمول في معركة طوفان الأقصى - ولما تضع الحرب اوزارها بعد - في هذه المعركة الثانية، ولكنها أطول فترات الصراع مع الكيان الصهيوني، بعد ثورة ١٩٣٦ التي قضت ستة أشهر…
إن كتاب المقالات المنشورة من مختلف أقطار الوطن العربي، كانوا يغطون مساحاته، فمن البحرين الثورة التي لن ينطئ مصباحها، إلى اليمن العظيم مرورا بعمان " رباط" فرسان العرب، وما ادراكم ما ابطاله التاريخيون، والكتاب العروبيون العمانيون، مرورا بكتاب الأردن النشامى، وفلسطين بكتابها الثوريين حتى النصر، او الشهادة، ولبنان المجد والعلى، وسورية قلب العروبة النابض الذي لا يعرف الهزيمة، والعراق الابطال والأمجاد، ومصر الإقليم القاعدة للأمة رغم ما يجري من تغييب دورها المؤقت، وليبيا، وقد ذكرني أسمها بمقولة الراحل جمال عبد الناصر لمحمد حسنين هيكل عندما طلب منه الأخير التريث في تأييد ثورة الفاتح سنة ١٩٦٩م، فقال ناصر رافضا الاقتراح بقوله " دي ليبيا، مش كوبا "، وكذلك تونس آسيا العتروس، وكفى فخرا بكتاباتها اليومية في رأي اليوم، وجزائرنا حماها الله، فهي وقود الثورة الذي يضيء أفق المغرب العربي، ويحمي إشعاع أفقنا الإفريقي من التطبيع الخياني، والتغلغل الصهيوني.. وكتاب المغرب، وهم أسود مقاومون بالكلمة، والفكر النير، والغيرة على فلسطين، ومقدساتها، وموريتانيا المرابطة على الثغر العربي، والمناهض لكل اشكال التطبيع، وشياطين" الإبراهيمية، وهم أقران " للحاخامات" من رجال المتصوفة المندسين في البيئة الاجتماعية، والمحبطين في مؤتمراتهم المشبوهة للسلام في افريقيا…!!
2
ولن يقلل من قيمة البحث الاستطلاعي في نتائجه، أن يميز القائمون عليه بين الاتجاه العام الغالب للكتاب، وبين بعض الكتابات النادرة التي لم تعبر عن مواقف حيادية فحسب، بل كانت سلبية، كالتي كان يعبر عنها في تعليقات من يسمون ب" الذباب الإلكتروني" ..
وكان صاحبهم، يعبر عن مواقفه المناوئة للاتجاه العام ضمن تعليقاته و آخرها - في رأي اليوم - أن أدعى لمخابرات النظام الحالي في مصر، مالم تقم به ، حيث اول ما قامت به من اتفاقات مع الكيان الصهيون على أساس حماية الغزاويين، غير أن " طوفان الأقصى"، كذب صاحبهم، كما تكذب" المية" الغطاس المدعي..
وخلال هذه السنة من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣- ٢٤ المليئة بالأحداث، بحرب التحرير، وأصدائها عالميا، وتيارها التحرري الذي شكل وعي الشبيبة العالمية في الجامعات، والمظاهرات المليونية في العواصم العالمية،، وزاد من تعاظم الوعي التحرري تأثيره على المنظمات العالمية، والمحاكم الدولية، وذلك حين عمل الكيان الصهيوني باجرامه، ودمويته، فجعل من حرب التحرير ضده إلى إبادة جماعية للأبرياء من الأطفال، والنساء، والرجال العزل من السلاح، و للتعويض عن فشله، وخوف جيشه الاحتلالي من مواجهة المقاومين في غزة، ولبنان.
وفي مقالاته الثلاث التي نشر مؤخرا في " رأي اليوم"، نشر صاحبهم في أول مقال له واصفا النظام " الاسبرطي" العسكري للكيان الصهيوني الشمولي ب " الديموقراطية المباشرة"، ولم يلفت هذا الموقف المدان، انتباه الجمهور المذهول - وليس المتيم، وذلك تقديرا مني للذائقة العربية - في تعليقاته التي حطم بها الرقم القياسي، لكن بدون تحديد موقف من المقال، وإنما الدعوات والمجاملات الزائفة..
واحتسب إمكان تمرير ما ذكره في مقاله الأول من تأخر العرب علميا، وارتباط الفكر السياسي بأنظمة الخمسينيات على رأيه..!
وفي مقاله الأخير، كان منتشيا بتمجيده في تعليقات جيشه التي وصلت إلى حوالي ثلاثمائة تمجيد، ونفخ في نرجسية صاحبهم،، ليرد عليهم بمازوخية - لعدم قدرته على الرفض - بقوله، لأن " البعض يناديني ب"الأخ، والبعض بالقديس"، ولكن سطور المقال الأول طافحة بلقبك الذي أخترته عن قناعة صادمة عندما وصفت نظام "سبارطة" الإجرامي للكيان الصهيوني ب"الديمقراطية المباشرة في إسرائيل " !!
وللتأكد يرجى الرجوع إلى المقال على الموقع بتاريخ ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤م.
ولعل صاحبكم كتب مقالاته، لاستمالة جمهوره على المنصات الفيسبوكية، ونقله إلى " رأي اليوم" وذلك بحثا عن "الشعور بالمعنى" - في علم النفس - الذي يستنطق سلوك البعض ممن يحاولون الخروج من دائرة معتمة، وموحشة للنفس البشرية غير المستأنسة بغض النظر عما إذا كان كتابا في المنفى الاختياري، أو الإجباري..
وتأتي في عينة البحث أخرى من الكتابات التي تمجد الابطال أخيرا، ولكن هل هذا يضع موقف الكاتب في حافة الدائرة الموسومة بالمتذبذبين بين هؤلاء، وأؤلئك، وهو ذو الموقفين المتعارضين، حيث يستحيل إدراجه مع موقف المازوخي الذي سبقه ، وفي كل الأحوال لن يستعصي رصد موقفه بواسطة" المعيار الانحرافي" في البحث، لأن الكاتب كان بالأمس يتقمص دور ملكي المقبر اللذين يقومان بسؤال الميت، وهذا الموقف لم يراع فيه المذكور الشرع، والأخلاق العربية، أحرى الخروج على الموقف الوطني ممن اغتاله الاحتلال الفرنسي،، وأقصد المناضل العربي، الراحل القذافي رحمه الله الذي اغتالته فرنسا على أرض العربية مدافعا عن التقدم الاجتماعي، والعلمي، والرخاء المادي، والاستقلال الوطني لليبيا، بغض النظر عن فساد افراد عائلة الراحل، أو تنفذ " اللجان الثورية"، ولو افترضنا طغيان القذافي على خصومه الذين جاءوا بعده إلى ليبيا على سفن حلف الأطلسي الامبريالي، وعاثوا في الأرض الفساد بالحروب الأهلية، وسرقة ثروات البلاد المالية في المصارف العالمية، واقتسامها مع الامبريالية الغربية، وهذا يكفي على تجريدهم من المصداقية، واخلاصهم لمضمون شعاراتهم السابقة قبل" ليلة سقوط سرت الليبية" الذي ربما يكون عنوانا لفيلم تحت الإعداد، مثل فيلم" ليلة سقوط بغداد"..!!