يبدو أن دكان "ادويرة" قد أفلس فاختفى صاحبه هربا من الديون، فكان ذلك ثالث فشل له بعد فشله في الطب والسياسة. ذهب تبتاب (كم تاتي فيه)، ليطل علينا "ؤ" يعرض حصاده المر... تكمن مرارة الحصاد في فساد البذرة وسوء التربة وكثرة الأسمدة وحرمة رأس المال... عوامل اجتمعت فيما زرعه "الغلام" ذات ربيع مشؤوم فحصد الحنظل حين توقع الحنطة...
.
بدأ الغلام حلقته الأولى [من الحلق= الحصاد] بالتّعالم، فقال:" لشعوب العالم تاريخ طويل وتجارب مرة مع حكم العسكر وخلفيته الأحادية،..." فبدا كمن يقرر حقيقة كونية يبني عليها أحكامه الجزئية! لكن العالَم، بالنسبة له، ينحصر في إفريقيا أوآسيا! "ولم تتخلص تلك الشعوب في إفريقيا أو آسيا...".
تلازم الغلام منذ بداية مرارته، ركاكة الأسلوب والأخطاء الإملائية التي اشتهر بها كتبة الإخوان.." وما تبين لكل ذي عين..."! كان بإمكانه الاختصار فيقول: "وما تبين لكل أعور..."، ولم يتبين له، رغم كونه من ذوي العينين، أن الفعل معتل الآخر إذا دخلت عليه أدوات الجزم أوالنصب حذف حرف العلة في آخره! ولا يفرق منظّر الحصاد المر بين "صبر عنه"، و"صبر عليه"، وهو المتلقب بلقب الشيخ، المجترئ على إمامة الصلاة! فينتقد نظام الأسد في موقفه من "إسرائيل التي صبر عنها أربعة عقود." الصبر عن المحبوب، يا غلام،"حبس النفس عنه"، ومنه سؤال ابن الخطاب ابنته: كم تصبر المرأة عن زوجها. والصبر على المكروه:"احتماله دون جزع". فهل ترى، بعد أن أصبحت "ذا عين" أن الأسد صبر عن إسرائيل، أم صبر عليها؟ من الستر عليك، أيها النائب الوطني، أن تكتفي بملاسناتك في الجمعية حيث تجاز الحسانية، فيمكنك أن تصبر عن وعلى ومذ ومنذ ولعل حتى... تبلغ الغاية من حصادك المر... تنتهي بالغلام ركاكة أسلوبه إلى أن يشبه نفسه بالنخبة،"علينا كنخبة..." والمشبه بالشيء لا يقوى قوته، ثم يأوي إلى جحر ضب.."ندخل جحر الضب التي تاهت فيه تلك الشعوب...". هل سمعت، أيها القارئ الكريم، قبل حصاد الغلام المر، بتائه في جحر! سمع "الغلام المعلّب" بجحر الضب في الحديث فلم يدر [مجزوم بحذف حرف العلة، ياغلام!] الحكمة من ضربه مثلا فتاه فيه!
ذاك هو المبنى المتهالك لهشيم الغلام، فأي معنى يمكن لمن كابد تعليم العربية لغير الناطقين بها، أن يستخلصه منه؟ يبدو لمن كان "ذا عين حمئة" أن الغلام الذي عمل في الحراسات الخاصة لا يطيق الجيوش النظامية، يضاف إلى ذلك أن انتماءه الظرفي لفكر انقلابي بغّض إليه الانقلابات التي لا تكون للإخوان يد فيها، أو لا تحقق مصالحهم. فقد نظّر الإخوان للانقلابات ونشطوا فيها.. يقول أبو الأعلى المودودي رحمه الله:"دعوتنا لجميع أهل الأرض أن يحدثوا انقلابا عاما في أصول الحكم الحاضر..."(تذكرة دعاة الإسلام، ص:12)، ويدعو سيد قطب رحمه الله إلى "إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصر في قطر دون قطر..."(في ظلال القرآن ج3 ص1451)، .ويرى القرضاوي "أن الذي يملك التغيير في عصرنا واحد من ثلاثة:... أو القوات المسلحة، إذا اتفقت مجموعة كبيرة من الضباط الكبار على ذلك..."(فقه الجهاد، ط2، ج1، ص:17،). لا يعلم الغلام ذو العين، شيئا عن كل هذا التنظير لكنه ربما سمع عن الانقلابات التي تورط فيها الإخوان، بدءً بالانقلاب الدموي في اليمن الذي قتل فيه الإمام غيلة، وكان من تدبير الإخوان. فقد أرسل البنا الجزائري الإخواني الفضيل الورتلاني إلى اليمن لتجنيد خلايا إخوانية فكان الرأس المدبر لانقلاب 1948 تحت إشراف عبد الحكيم عابدين سكرتير الإخوان في مصر. "استأجر الإخوان طائرة خاصة أقلت عبد الحكيم عابدين السكرتير العام للجماعة، وأمين إسماعيل سكرتير تحرير صحيفة الإخوان... أصبح عبد الحكيم عابدين خطيب الانقلاب في إذاعة صنعاء. وكان يساعده في الخطب ووضع برامج الإذاعة الإخوان المسلمون المصريون الذين يعملون مدرسين في صنعاء."(محسن محمد: من قتل حسن البنا، دار الشروق، د1، ص:247). انتهى انقلاب اليمن بمقتل خمسة آلاف صنعاني! وفي مصر كان الإخوان يخططون للانقلاب على فاروق رغم إعلانهم الدائم الولاء له، فقد كانت لهم خلايا في الجيش المصري تحت قيادة الصاغ محمود لبيب. يقول أحمد رائف:" مشروع الانقلاب مشروع إخواني أولا وأخيرا، كان في رأس حسن البنا."(الجزيرة نت 5-2-2006). وقد بادروا إلى تأييد ثورة 23 يوليو التي سموها انقلابا حين لم يخضع الضباط الأحرار لهم! لم يسلم أي جيش عربي من خلايا إخوانية تحضر انقلاباتها في الخفاء، ومنها خلية الفنية العسكرية التي قادها صالح سرية للإطاحة بالنظام المصري، والصلة قائمة بين صالح سرية والمستشار أمين الهضيبي عن طريق زينب الغزالي. فقد اتفقا معه على تسليم السلطة للإخوان في حال نجاح انقلابه، وعلى تنصلهم من الانقلاب حال فشله، وقد كان. والانقلاب الثالث للإخوان قام به ضباط الإخوان في الجيش السوداني فأطاحوا بحكومة ديمقراطية منتخبة في الثلاثين من يونيو عام 1989، فكان أول انقلاب يسجن زعيمه حسن الترابي تمويها! وفي تونس كان الزين قد قرر تنحية بورقيبة يوم الثامن من نوفمبر، إلا أنه اكتشف أن ضباط الإخوان يخططون لانقلاب في نفس اليوم، فقدم تحركه إلى اليوم السابع، واعتقل ضباط الإخوان لاحقا.(الهادي البكوش، شاهد على العصر، الجزيرة نت). و في بلادنا كان الإخوان قريبين من بعض أعضاء "فرسان التغيير". ويقال إنهم خططوا لنسف منصة الاحتفال يوم عيد الاستقلال!
وبعد كل هذا يطلع علينا غلام من حواشي الإخوان يصيح على حصاده المر من الانقلابات، ويبث حقده على الجيوش النظامية! لقد علمنا التاريخ أن أعضاء العصابات، ومنتسبي الميليشيات أعداء على مر العصور للجيوش النظامية التي تقف لهم بالمرصاد، وتقضي عليهم في الغالب. فقد نشأت حركة الإخوان بصفتها مليشيا بجناحين مدني ظاهر، وعسكري خفي، فكان نظام الجوالة غطاء للتدريب العسكري لأفراد المليشيا، بينما كان "النظام السري" جهازا أمنيا يجمع المعلومات وينفذ الاغتيالات. وقد قام ربيع الإخوان على استهداف الجيوش العربية في البلدان التي اكتوت بلظاه مثل تونس التي شغل جيشها بحرب العصابات في جبل اشعانبي، وشغل الجيش المصري بحرب الإرهابيين في سيناء، أما الجيوش الليبية واليمنية والسورية فقد تم تدميرها بشكل ممنهج خدمة لإسرائيل مسداة من الإخوان، الذين حاولوا في تسعينيات القرن الماضي القضاء على جيش التحرير الجزائري...
وعد الغلام بحلقات متسلسلة من حصاده المر ليملأ الفراغ الذي خلفه في المواقع الألكترونية إفلاس دكان ادويره. وكان وعدنا بسلسلة سابقة في شتم الشيعة، طلبا للوصل مع الإمارات، لكنه لم ينشر سوى مقالين، وهو إنجاز عظيم لمن لا يقرأ لكنه يكتب...