أش حالكم ؟!
" رثاء يرثى له "
حدث شاعر الفلق و الإفلاق المفلق قال :
لما كنت الأوحد الافرد في قبيلتي الذي ألقت إليه القوافي أعنتها و شرق ذكري في البلاد و غرب و أنا ممتطي صهوة جياد القوافي خائضا بها غمار الفيافي ، أصبحت كلما حفر قبر و لو في مكان قفر من مقاصد الرثاء تزعمت وفد القبيلة مع شيخنا بن شيخنا بن شيخنا ( الذي عينه النصارى سيفا لجمع العشور و تأمين طرق إمداد جيش المستعمر لغزو آدرار ) لننتقل بسيارات الوفد إلى مجلس العزاء الفاخر تدار علينا الكؤؤس في عسجدية و ترمقنا العيون في تنافس القبائل كيوم الفيش في سوق عكاظ .. و هنا أتقدم و أنا واثق الخطى أمشي ملكا تتسابق الهواتف الذكية " المستفرغه " اللي أصحابها ماهم أذكياء و لا ذوق لهم بالشعر لتحظى أجهزتهم بتوثيق المادة " السبق الفيسبوكي " و يتقاتلون ليفوزوا بصورة تذكارية معي .. !
و أصبحت مع اشتداد الطلب على الرثاء (كثرة الموتى) أقوم بإحصائية ل شيوخ القبائل و الأمراء و المشايخ و أهل الفضل ...الذين أعتقد أنهم ممن تمت برمجتهم للإنتقال إلى الدار الآخرة ( و ذلك بفراسة قل أن تخطئ و علم اكتسبته من طول ممارستي لفن " الرثاء " و مصاحبة الموت ) ...
و لما تقارب الزمان و كثر موت الفجأة صار لزاما علي أن أنشئ قصيدة كل يوم أو يومين ، و لا بد أن تكون القصيدة على المعيار و الذائقة ( قصيدة طنانة رنانة فيها ذكر استشريف القبيلة و تأكيده و ذكر أعلامها الأولياء العلماء الأفذاذ و أن المرحوم كان صواما قواما قائدا حكيما مفوها عالم كل فن خطيبا لوذعا سميدعا كثير الرماد ... و لا بد أن تستعرض عضلاتك اللغوية و محفوظاتك في التضمين و الاستطراد و أن تظهر أنك متمكن من علمي المحظرة " اخليل و الألفية " و ذلك بإشارات تضمينية تحيل إلى أحد أقفاف " اكنيديت اخليل " أو أحد فصول الخلاصة و الاحمرار ...) ..
ما عدلت الفيه باس :
أنشأت قصيدة عصماء فصماء طنانة رنانة زنانة فنانة على بحر الطويل ( أكثر البحور انسجاما مع الذائقة التقليدية و هو المناسب لمقام الحزن : لبتيت ) و صرت أنشدها منغمة في كل مناسبة عزاء مع تحوير قليل و تعديل في الأسماء و مكان الدفن و تاريخه و بعض الصفات :
إذا كان المرحوم من " الزوايا " ( سوق الشعر ) فهناك صفات ثابتة في كل قصيدة : الشرف ( إلا كد إصح و إلا فالمهاجرين أو الانصار ؤ ظرك الانصار مقدمين ) ، الولاية ، الكرامات ، العرفان ، الكشف ، العلم ، التقى ، الصلاح كابرا عن كابر ...
و إن كان من الأمراء أو الكبراء أو شيوخ القبائل ( السيفات ) و هو ( سوق لغن أساسا و حضور الشعر ثانوي ) فهناك صفات ثابتة أيضا : سلسلة الآباء الأنجاد، الشجاعة ، الكرم ، كبر الخيم .....
منذ سنة - مثلا - أنشأت قصيدة حورتها حتى الآن مائة و ثمانين مرة في 180 مناسبة ، و في كل مرة ألاقي نفس الحفاوة بل أكثر و عدد الإعجابات يتضاعف طرديا ....!
في آخر تحويرة ألقيتها منغمة على نغمات الإلقاء المحظري في مقام لبتيت ( و تنغيم الإلقاء ذو أهمية بالغة في الذائقة فهو يصرف الناس عن المعاني إلى التنهويل و المهم أن يسمعوا أسماء آبائهم و كراماتهم و اشياختهم و استشريفهم و صيتهم فيتمايلون طربا و اتنهويلا و فخرا ....) :
من القصيدة المحورة 180 مرة أقول :
ل " عالي الفعال " الشم عالي المحامد
نماه أبوه " حامد " بعد " حامد "
إلى القنة العلياء في المجد سالم
محمد غوث المعتفين الأباعد
إلى جده ذي المكرمات الذي مشى
على البحر ذي الكشف الصحيح المشاهد
إلى الضيغم المشهور بالعلم و التقى
محمذن المحمود نجل الأماجد
إلى " الأفطح " المعروف من لا يرى له
شبيه بعلم في اصطياد الشوارد
إلى الأصهب " ابهنضض " كالليث ذي الشرى
مذيق الأعادي سم أقرع حاقد
جدود بنوا في الأرض مجدا مخلدا
لجيل فجيل خالد بعد خالد
بأحمد حماد و حمدي حامد
و أحمدهم حمادهم ذي المحامد
" و حمدان حمدون و حمدون خالد
و خالد لقمان و لقمان راشد "
قبيلتهم للسبط تنمى عليهم
لها من معاني الفخر أزكى الشواهد ......
( بيت المتنبي ( قافيته مرفوعة أصلا ) تصرف فيه بالجر عطفا على المجرورات قبله : و هذا نوع من الستحريف جميل عند الذائقة المحظرية )
وافر الاجترار و " آمركل " اللي إسيخل ...