كانت موريتانيا قدما تترقب عند كل انتخابات رئاسية، لتطمئن على أن ساكن القصر الجديد، سيحافظ على مسألتين، مصالح التجار الموريتانيين وأمنهم، وحرية انتجاع المنمين داخل الأراضي السنغالية في بعض المواسم.
بعد التسفير وأحداث 1989 لم يعد لدى موريتانيا ما تخسر، فلا رساميل موريتانية في السنغال والانتجاع لم يعد كما كان بعد سنوات من الانقطاع.
فلم يبق سوى بعض التجار القليلين وبعض الطلبة وبعض الزوار و المرضى.
فلم تعد السنغال ملفا مهما على طاولة الخارجية الموريتانية، في وقت ما تزال مصالح السنغال في موريتانيا كما كانت، خصوصا في مجال الصيد والعمالة، و"السياحة الروحية"وملف الطاقة وتقاسم مياه النهر وحقل الغاز المشترك.
فليحكم السنغال من يحكمها لايهم
جنوب النهر حيث كانت تقوم الممالك مثل ممالك (والو ، وكايور ، و اديولوف) وحيث قرى ونجوع السنغان قامت الحياة منذ القدم على الماء فكانت تلك المدن والقري هبة نهر السنغال.
وكانت قديما بمحاذاة النهر تقوم مئات الأحواض والبحيرات تشكل رافدا مهما لبلد قام اقتصاده منذ قديم الزمان على الزراعة ومع الزمن جفت تلك البحيرات ونضبت الأحواض فتدهور الوضع المائي وصوح النبت.
مع هذه الوضعية كان لابد من وجود حل لمشكلة المياه مع وجود مؤشرات عن استنزاف الزراعات المروية للمخزون المائي الجوفي وتناقص مخزون بئر كايور الذى يغذي العاصمة داكار بالماء الصالح للشرب.
وفى منتصف التسعينيات برزت دراسات تتحدث عن ضخ المياه من النهر فى تلك البحيرات و الأحواض الناضبة للاستفادة منها فى أنظمة الري مما سيكون له كبير الأثر فى تفعيل المشاريع الزراعية الضرورية لأمن السنغال الغذائي ودخلت إسرائيل على الخط حسب موقع وزارة خارجيتها، حيث قام فريق من الخبراء الإسرائيليين بالعمل على نقل المياه من نهر السنغال ، من خلال سلسلة من السدود والقنوات ، إلى تلك المناطق مما يوفر إمكانات زراعية عالية وكان ذلك فى عهد الرئيس عبدو ديوف سنة 1998 الذى بدأ فى عهده مشروع الأحواض، لكن موقف ولد الطائع الحازم أوقف المشروع السنغالي.
وحين بدأ ” گورْگِي ” أي العجوز بالولفية عبد الله واد حملته الدعائية في انتخابات عام 2000 رافعا شعار “سوبي” جعل من أولوياته عند الوصول للسلطة إحياء مشروع الأحواض الناضبة الذى هدأ بعد تقديم موريتانيا شكوى إلى منظمة استثمار نهر السينغال تدين فيها تصرف الجارة السينغال وإخلالها بمعاهدات ومواثيق المنظمة فهدأ الموضوع إلى حين.
ومع دخول واد إلى القصر الرئاسي الذي دخله في الأول من أبريل عام 2000 بدأ فى انجاز أكبر وعوده الانتخابية: الأحواض الناضبة – فاشتعل فتيل الأزمة من جديد وبدأت حرب إعلامية وبلغت الأزمة حدتها مما استدعى تدخل ملك المغرب محمد السادس الذي اتصل هاتفيا بمعاوية وواد ودعاهما لضبط النفس والتفاهم.
وفى 5 يونيو 2000 حل الوزير الأول السنغالي مصطفى نياس بانواكشوط واستقبله نظيره الشيخ العافية وسلم انياس رسالة لولد الطايع من واد إلا أن ولد الطايع رأى فى التحرك السينغالي نوعا من كسب الوقت وذر الرماد فى العيون وأنها ماضية فى مشروع الأحواض وكتبت جريدة اشطاري ساخرة: ” نحن فى واد وعبد الله واد فى واد”.
كان ولد الطايع فى الأصل متخوفا من وصول المعارضة بقيادة واد للحكم لأنه كان يرى أنها لا تكن الود للجارة موريتانيا وتعززت مخاوفه بعد تفجير واد للأزمة فور تسلمه للحكم وذلك ما عكسته افتتاحية للوكالة الموريتانية للأنباء بداية شهر يونيو 2000 إبان الأزمة حين كتبت:
”إن البلدين حلا على الدوام خلافاتهما مباشرة. وبعد وصول النظام الجديد تراجعت روح الأخوة والتعاون المثمر والثقة المستعادة، والجهود المشتركة لاستغلال نهر السنغال وتدهورت العلاقات بسرعة “
وجاء فى البيان أن السينغال تتجاوز الحصة المسموح بها، إذ تضح ما بين 30 إلى 50 متر مكعب من أصل 200 متر مكعب مخصصة لإنتاج الطاقة. وقال البيان الموريتاني، إنه منذ تم شق القنوات الخاصة بالمشروع السنغالي، المسمى “مشروع الأحواض الجافة” تضررت المشاريع الزراعية الموريتانية، في شكل خطر، بسبب الجفاف، الناتج عن فقد المياه، إثر الضخ السنغالي، الذي يخرق المادة الرابعة من معاهدة 11 مارس 1972.
شرع ولد الطايع في إجراءات عملية حيث رأى أن ما سيقنع واد هو ما سيرى لا ما سيسمع فأمهل الرعايا السينغاليين في موريتانيا أياما لمغادرة موريتانيا وعاد الرعايا الموريتانيون من السينغال وحشد ولد الطايع قواته على الحدود وفى اليوم الموالي حل عبد الله واد بنواكشوط واعتذر وتحدث عن التاريخ والجغرافيا وعن أخيه حكيم افريقيا معاوية ونفخ فيه من عبارات الإطراء.
وقال ولد الطايع في كلمة ترحيبية بضيفه السنغالي إن العلاقات الثنائية خالية من الشوائب، ودعا الى المحافظة على هذه العلاقات “الجيدة” مبرزاً ان زيارة واد تندرج في هذا الاطار.
وتم طي صفحة الأحواض ظاهريا على الأقل.
ملاحظة:
محمد سالم ولد مرزوگ الملقب (التّبَّ) -وزير الخارجة الحالي- باحث وكاتب و أستاذ جامعي ، انتخب في عام 2002 ، مفوضا ساميا لمنظمة تنمية نهر السنغال "OMVS ".
تولى ولد مرزوگ لفترتين وطلب واد فى اجتماع المنظمة بدكار 2008 التمديد له لفترة ثالثة فى خرق واضح لميثاق المنظمة الذى ينص على فترتين فقط !!.
وكان ولد مرزوگ قد صرح لقد أعطيت الإذن بفتح صمامات النهر التى تصب فى الأحواض حتى لا تتعرض مدينة سان لويس للفيضانات لأن المد كان طاغيا!!
كامل الود
إكس إكرك (سيدى محمد)