تتواصل المواقف الداعمة للفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيوني وحربه المدمرة ضد سكان قطاع غزة على مدار 6 أشهر متواصلة، وآخر هذه المواقف صدر عن كندا التي تعدّ من الدول التي تراجعت عن قرار قطع التمويل عن منظمة "الأونروا"، مواقف مشابهة تبنّتها دول في أمريكا اللاتينية وأوروبا وفي إفريقيا، في وقت دعمت فيه دول عربية الكيان في حربه بشتى الوسائل بما فيها فتح ترابه لتجربة طائرات مسيرة تقوم بتقتيل الفلسطينيين بغزة كما هو الحال بالنسبة لبعض الدول المطبعة.
إن العدوان الصهيوني على غزة، وهذه الحرب التي كانت بعد عملية طوفان الأقصى، يوم السابع أكتوبر من العام الماضي، وصفت بأنها نقطة تحول في التاريخ وغيّرت الكثير من الموازين، لكنها عرّت أيضا الكثير من مواقف الدول والمنظمات وأظهرتها على حقيقتها، سواء كونها أنظمة لا تؤمن لا بحقوق الإنسان ولا بالحريات ولا بحق في العيش أو كونها أنظمة وظيفية تطبّق ما يملى عليها من الدول الكبرى، حيث أن مصائرها مرتبطة بمدى الإذعان للدول التي تحميها وتحمي عروشها
تعتبر كندا من الدول التي كانت لها مواقف داعمة للكيان الصهيوني، ودافعت عن العمليات العسكرية التي يشنها الكيان الصهيوني، لكنها مع مرور الوقت وخلال الأسابيع القليلة الأخيرة، تبنت مواقف تحسب لها وأقرب إلى الحق، حيث تعدّ من الدول القلائل التي تراجعت عن قرار وقف تمويل منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إثر المزاعم الصهيونية بأن موظفين في الوكالة كانت لهم علاقة بهجوم السابع أكتوبر، وتعد أول دولة تتخذ قرارا بوقف تصدير الأسلحة للكيان الصهيوني، وهو قرار يحسب لحكومة جوستين ترودو التي من خلال هذا القرار نأت بنفسها عن المشاركة في تقتيل المدنيين الفلسطينيين، لكنه أيضا موقف يدين إسرائيل ويفضحها أمام العالم الغربي بأنها دولة تستعمل السلاح بما يتنافى والقانون الدولي وتجريم مباشر لما يقوم بالاحتلال في غزة.
الموقف الكندي المتقدم يضاف إلى مواقف مشرّفة اتخذتها عدة دول قامت بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني أو استدعت سفيرها لدى الكيان احتجاجا على حرب الإبادة التي ينفّذها الكيان، على غرار ما قامت به كل من بوليفيا والشيلي والبرازيل وبليز وهندوراس.
ومن المواقف المتقدمة يذكر موقف جنوب إفريقيا، التي كانت أول دولة تجر الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب جرائم إبادة ضد المدنيين في غزة، وكانت لهذه المواقف دور كبير، من جهة خدم القضية الفلسطينية دوليا وساهم في كسب التعاطف مع الفلسطينيين وتعرية الموقف الصهيوني وكشف حقيقة الكيان عبر العالم.
لكن في المقابل، فإن الدول العربية التي من المفروض هي الأقرب إلى الفلسطينيين من ناحية الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك، إلا أن بعضا منها اختار مواقف مخيبّة واعتبرت طعنة في ظهر الفلسطينيين، فهي لم تقم بأقل إجراء رمزي تضامني مع الفلسطينيين بقطع العلاقات مع الكيان، بل تبنوا مواقف داعمة للكيان الصهيوني، بتسهيل وصول المواد الاستهلاكية للكيان بسبب الأزمة التي يعيشها نتيجة الحرب، على غرار الجسر البري