الفكر - ينبغي للموريتانيين أن يعيدوا من جديد تسمية الدوائر التي لا يمكن الاختلاف حولها، ولا يمكن أن يختطفها طرف أو يؤممها لصالحه، باتت الحاجة إلى ذلك ماسة اليوم، بعد أن أصبح إرهاب الشعبوية سيفا مسلطا على رقاب الجميع، فإما أن تردد خلفهم شعاراتهم وتقف في نفس مواقفهم أو تسلب قيمك الإسلامية وروحك الوطنية.
أخذت هذه الشعبوية مكانتها في جميع مجالات الحياة الثقافية والفكرية في البلاد، فليس حقوقيا في هذه البلاد من لا يوزع وبإسراف شديد بطاقات التخوين وعبوات التمزيق والتحريض البشع ضد الأعراق والفئات.
وليس تقدميا من لا يحتذي النموذج التروتسكي الذي أراد بعض السياسيين ذات حقبة فرضه على الحالة السياسية والفكرية في البلاد.
وطبعا ليس مسلما الآن، بل ربما في نظر بعض زعماء الساحة الشعبوية، من لم يسر خلف دعاة النصرة الشوارعية ومروجي خطاب التكفير والتضليل، ضد من لم يخرج معهم إلى ساحة المطار أو من لم يردد الشتائم للعلماء والدولة والمجتمع.
حتى أصبحنا بين خيارين أحلاهما مر: السير مع ما أسماه البعض المخابرات التحتانية والفوكانية أ و المسيء للجناب النبوي ساعتها.
كالمستجير من الرمضاء بالنار.
إن هذه الحالة من اختطاف الإجماعيات تمثل لهبا حارقا لتماسك المجتمع، وحاجزا قويا أمام الوعي الثقافي والعلمي والفكري الذي ينبغي أن يسود وأن يوجه الجماهير.
لقد كان لسلبية المواقف الرسمية، بل وارتهانها في أحيان كثيرة لتوجهات فكرية ضيقة وغير إجماعية دور أساسي في صناعة بؤر الإرهاب الفكري والتمييز الثقافي، بل كان أيضا لرهانها على بعض الهوامش والفقاعات الجماهيرية دور أساسي في خروج تلك الظواهر الغوغائية عن السيطرة وتحولها من عصا بيد السلطة أو أطراف بها إلى موجة على السلطة والمجتمع.
أسهمت ظواهر متعددة في صناعة هذه الفوضى، وكان من أسبابها نمط من الخطاب يلغي الآخرين، بل ويحطم المرجعيات العلمية والدعوية والمجتمعية لكي يصنع مرجعيته الخاصة التي لا يرى لها سلما غير أشلاء الآخرين.
هانحن اليوم نحصد ذلك الزخم الجماهيري الهادر عندما يتم وصم العلماء بأنهم " لا يقولون الحق".
والنتيجة صناعة ظواهر أخرى تأتي كل طبعة منها بجديد من التنميط والإرهاب الفكري أشد وقعا وأسوء قيلا من سابقته، فمتى تعي النخبة الفكرية والعلمية أن الإجماعيات وخصوصا الإجماعيات الدينية أكبر من الجميع، وأن من تمام العقيدة حسن الظن بالمسلمين جميعا فيما يتعلق بثوابت الإسلام ومرتكزاته الخالصة من إيمان بالله ومحبة خالصة لرسوله صلى الله عليه وسلم.( ربنا صلِ عليه كلما طاب السماع؛ كلما غرد طير ٌ كلما امتد شعاع)
وبدون شك فالدولة في مرحلة معينة رعت هذا التنميط وهذه الحالة النشاز، فتربع مستغلا على عواطف الجماهير بعض مستوري الحال، وماذاك إلا بسبب أن الدولة تركت لهم الحبل على الغارب فصاروا يفتلون في لحية وغارب المواطن البسيط، السنوات ذات العدد.
تركت لهم المجال حين كانت أحرص على تبعية الهيئات الدينية لها من تمهين هذه الهيئات..
والاستهلاك المفرط للقائمين على هذه الهيئات في برامج الأحزاب الحاكمة سيجعلهم أقل تأثيرا وأبعد عن التأثير ضد موجة الكفر القادمة من الفضاء.
حتى تؤدي هذه الهيئات دورها كاملا غير منقوص.
وزعيم دعوتنا الرسول ومالنا غير الرسول محمد من ثان.