هل وقع الزميل المحترم في فخ الاعجاب بالشيخ، أو أن دفاعه عن الابراهيمية لمآرب أخرى؟
الاجابة عن السؤال تقتضي عرض آراء الكاتب والتعليق عليها ، وقد وردت في مقاله المعنون ب "العلامة الشيخ ولد بيه،، "، والمنشور في موقع " موريتانيا الآن" بتاريخ 19/02/2022م.
ولعلنا مثل الكاتب، كان تعاطفنا مع" الشيخ ولد بيه" يفرضه الانتماء المشترك للوطن، غير أنها أوقعته في اتجاه فكري، سيما أن المغترب عن الوطن حنينه مضاعف الى ما تمثله رموز الأخير من شخصيات،، وقد يكون معذورا لهذا السبب ، غير أن الدفاع عن الفكر السياسي، وقراءة دور" الإبراهيمية" لتسويغ السياسة الدولية، لا ينبغي أن يكون مؤسسا على العاطفة السابقة، ذلك أن ذات العاطفة، وغيرها ـ ربما ـ جعلت البعض، يرى في علم الشيخ، وتوظيفه للسياسة من طرف الدوائر الامبرايلية، والصهيونية جرحا في العدلية السابقة للشيخ، وخروجا على قيم السفارة لحاضرة الثقافة " الشنقيطية" التي تشبث رسلها برسالتها الثقافية، والدينية لبلادنا في انحاء الوطن العربي، والعالم الاسلامي، وبالتالي الضرورة للدفاع عما يدنس الطهر، والنقاء، والانتماء العروبي، والإسلامي لبلادنا..
و ليس من شك أن القبول، أوالرفض، يؤسسان على ما هو أجل من الهوى النفسي، والتشيع لمواقف، وآراء الشخص على أساس الهوية المشتركة، أو النزعات الفردية، أو العلاقات الشخصية القائمة، أو المتوقعة في الدفاع المجاني إن لم يكن هناك رؤى مشتركة بين الشيخ، وتلميذه " الكاتب باب ولد الشيخ سيديا"، ومحاولة الأخير التلبيس بالفقاعي من لغة الانشاء دون تحليل واستدلال مقنع سواء في هذه ، أو في المحنطات من الدعاوي الاحيائية، وهي في ذمة التاريخ المنسي، كالحديث عن المشتركات في دعوتي كل من الشيخ المرحوم باب ولد الشيخ سيديا الكبير، والشيخ عبد الله بن بيه أطال الله في عمره، ليبرر الكاتب تلك الاشارات الرمزية الى امكان تكوين جبهة للدفاع عن الرؤيتين، لدى المتساندين.
وإذا كان الكاتب الحداثي ـ افتراضا ـ ، يجد مبررا للدفاع عن آراء جده ـ ولا يرى من حرج لوصم وعيه المتطور افتراضا، أو تأثير تلك الاراء من تداعياتها غير الايجابية على تاريخ موريتانيا منذ الاحتلال الفرنسي ـ لاسباب ترجع الى الانتسابية للفكر العائلي، فإن خياره (الصائب) على مستوى التاريخ لم يجعل للأسف من جده مناضلا، ك" عمر المختار"، ولا "عبد القادر الجزائري"، ولا "عبد الكريم الخطابي"، واذا سألتني، لماذا؟ فيكون الرد عليك لا حقا في مقال آخر،، بينما هذا المقال محدد الموضوع للرد على ما جاء لتقديم الابراهيمية من منظور وطني وقومي، دون التغافل عن قيمها( الانسانية) المزعومة التي تمت الاشارة اليها في المقال المذكور، ولعل الكاتب لم يكلف نفسه عناء للتذكير بأن المشترك في الديانات الإلهية ــ وليس السماوية، لأن هذا المفهوم، يحمل تصورا مسيحيا، جعل لله حيزا مكانيا، وبالتالي تجسيدا للذات الالهية ، تعالى الله عنها " وهو معكم أينما كنتم" وليس مكانه السماء، فحسب لتنسب الديانات للسماء، كمستقر له ــ
هو: "الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر،" وكل الديانات دعوات توحيدية موجهة للإنس والجن لعبادة الله ، وليست دعوات " ناسوتية" كما ذكرت أنت حين اعتقدت أن مشتركاتها " الخصال الانسانية الحميدة" على حد تعبيرك، و بالربط غير الموضوعي بين الديانات الالهية، والابراهيمية كديانة "طبيعية" مستحدثة بنسبتها الى البشر، لا تختلف عن "البوذية"، والزرادشتية"، فهل القيمون عليها، من أمثال الشيخ وغيره من الحاخامات، والقساوسة، أعطوا "للخصال الإنسانية" قيمتها، ووزنها، كمشتركات في الدعوات الناسوتية، كالخير والشر، الظلام والنور؟
ولهذا على الكاتب المشايع للابراهيمية، أن يراجع ما ذكره الشيخ عبد الله ولد بيه حفظه الله من رمزية جانحة عن المبتغى الاخلاقي في كلمته في المؤتمر التأسيسي الذي أشير اليه في المقال، لإنه ركز على " حلف الفضول" الذي اعترف به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وذلك لما كان لذلك الحلف من توافق بين المتحاربين قبله بين قبائل العرب، لأنه حلف لم يكن قائما على التصورات الشركية، بينما الابراهيمية قائمة على التصور الشركي بالله، لأن اليهود لا يؤمنون بمبدأ التوحيد، وكذلك المسيحيون المثنون، ومنهم المثلثة، ونسبة هؤلاء الى ابراهيم عليه السلام، تلفيق الاجتهاد فيه لا يستند الى علة يقاس عليها في القرآن والسنة.
فهل الصهاينة ويهود أمريكا الانجليكانيون، والمسيحيون أصحاب الأحلاف العسكرية التدميرية للمجتمعات العربية والاسلامية، يبحثون حقا، وحقيقة عن "التعايش السلمي"، بينما هم المغتصبون، والمحتلون لفلسطين، ويقتلون يوميا النساء، والاطفال، ويهدمون المنازل على أهلها في احياء القدس، ويشردون اهل فلسطين منذ سبعين عاما،،ولا يعترفون بحق المسلمين في الصلاة في المسجد الاقصى،، ومع ذلك نجد مسلما، وهو شيخ عالم ومجتهد، يطالب بالتعايش السلمي بالوقوف الى جانب القتلة،،؟!
فهلا ذهب الشيخ ولد بيه الى الفلسطينيين، وتم توكيله لحمل قضيتهم، وكل العرب، والمسلمين، وليس أمير الإمارات العربية،، ليطالب القتلة الصهاينة بالتعايش السلمي، والكف عن القتل اليومي بدلا من أن يكون الشيخ واجهة بوق "دعاية" مجانية للاحتلال الصهيوني؟!
وهل لدى اصحاب مشروع الابراهيمية رؤية للسلم والتعايش بين المسلمين، لانهاء الحرب بين اليمن والسعودية والامارات، قبل أن يجعل فريق الابراهيمية من الشيخ المسلم طرفا تابعا لفريقه، وتوظيفه على أساس الأبوة الروحية في المسيحية ـ وهي غير موجودة في الاسلام ـ ليجعل من المسلمين "رعية" لرهبنته، وبالتالي الإنابة عنهم، وهو لا يدافع عن حقوقهم المغتصبة،،؟!
أما عن عقد المؤتمر الأخير الذي قام به الشيخ ولد بيه في موريتانيا، فهو توظيف للعلاقة القائمة بينه، وبين الرئيس محمد ولد غزواني على أساس، أنه تلميذ من تلاميذ الطريقة الصوفية لأهل الغوزاني، وهذا تشويه لسمعة الرئيس العروبي الذي وجد الوطنيون ضالتهم فيه، كأول رئيس موريتاني يتكلم العربية، وثقافته عربية، ونظيف اليد، وسبق أن رفض "التطبيع" الذي عرض عليه بالاغراء من طرف ابن سلمان، وابن زايد،،
وكان عقد المؤتمر تشويها لسمعة الرئيس، وكذلك لسمعة بلادنا، لأنه محاولة لجرهما لخط الاستسلام، والتبعية لأمراء الحرب في الخليج الذين " طبعوا" مع الكيان الصهيوني..
ويعلم الرئيس ولد غزواني، أن الرأي العام الوطني ضد كل مظهر من مظاهر التطبيع، ومن الأخير الابراهيمية المتصهينة.
وغير خاف على الرأي العام الوطني علاقة الشيخ ب"الوسطية" التي تخدم أهداف الامبريالية الامريكية.
وللشيخ له نزعته المعروفة بالتبعية للفرنكفونية، والآن استبدلها بالانغلوسوكسونية.
فهو حين كان وزيرا ألقى محاضرة باللغة الفرنسية في دار الشباب في العام 1978 ولما احتج الشباب الموريتاني على لغة المحاضرة، استدعى الشيخ الشرطة، وألقى بالشباب في السجن، وباتوا فيه،، وكان من الصدف أنها كانت ليلة الانقلاب على نظام حكم المختار ولد داداه، وفي صباح ذات اليوم اخرج الأمن الشباب من السجن،، وكم كان حريا بالشيخ، وهو العالم الورع أن يعتز بلغة القرآن، فيخطب بها بين ابناء بجدته بدلا من التشبث بالتبعية الثقافية، ومحاولة فرضها على الشبيبة الموريتانية، كما كان عليه ألا يفرض الابراهيمية على بلادنا، ومظاهرها "التطبيعية" على نظام حكم محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يحكم نظاما رئاسيا، وليس أميريا، كما الذي في الامارات العربية، وإقامة المؤتمر غير المرحب به من لدن الرأي العام الوطني،، قد حد من شعبية الرئيس، والتأييد السابق لنظام حكمه قبل ان يفرض عليه المؤتمر مظاهر التطبيع الذي عبر عن قناعات عبد الله ولد بيه الذي لن يضع ورقة لتأييد محمد ولد غزواني في الانتخابات المقبلة، كما أن الشيخ فقد شعبيته لدى علماء الدين والمثقفين، عدا افراد اسرته الصغيرة، دون أن يفوتنا الإشادة بموقف أخي الشيخ من الابراهيمية، أما عائلته الكبيرة الكريمة، فأكثر وعيا وطنيا، وقوميا، وتعلما حداثيا، وتعلقا بفلسطين، وتحرير القدس من رجس الصهاينة، ومتعلقاته في فكرالابراهيميين شيخا أحاديا، وقساوسة، وحاخامات من الضالين ...