في هروب فاضح، وتنكر للعلاقات الحميمية التي تربط الاحزاب السياسية ببعضها البعض في أقطار الوطن العربي، والمتحالفة مع تركيا بقيادتها العثمانية الجديدة، انتشرت التعليقات التي تحمل التشفي، ووابل الشتائم لحزب الإخوان المغربي، بدلا من تقديم التعازي، ومواساة قادته في الأوقات الحرجة التي فاجأت وزارة الداخلية المغربية بها حكومة الاسلاميين،، أو هكذا الأخلاق في الإسلام، يا أخوة السياسة؟ أين الانتماء العروبي في اخلاقكم،،؟
ولعل هذا هو الوقت الذي يتداول فيه السياسيون برامجهم ، بدلا من التشفي، والتحقير في وسائل التواصل الاجتماعي ضد بعضكم البعض؟
أما نحن القوميين الوحدويين، فنأسف للعقل السياسي للإسلاميين من الفريقين المنهزم، والحامل لفيروس الهزيمة، وعزاؤنا لهم أن قواعد النضال العربي، تؤكد المرة بعد الأخرى، أن زمن الإخفاقات مرتبط بواقع الأمة العربية، فكيف لفريق سياسي أن ينتصر، وهو من القوى الحية في هذه الأمة العربية المنكوبة بهزائمها أمام الإمبريالية الامريكية، وعنجهية الصهيونية، جراء تبعية ملوك، وأمراء الطوائف، وقادة الأنظمة التابعة للهيمنة الخارجية؟ وكيف يكون هذا الظرف العصيب توقيتا مناسبا للانتصارات السياسية لفريق وطني، إلا إذا انحرفت سياسته، وتخلى عن التزاماته تجاه قضايا الأمة، وذلك مؤشر على خلل في الوعي السياسي الذي وقع فيه قادة تلك الأحزاب السياسية التي تحالفت مع أعداء الأمة، لتمرير سياسة التدمير لأقطار الأمة منذ 2011، ونتائجها المأساوية على الأمة في العراق، وليبيا، وسورية، واليمن، والجزائر، والصومال،،وفلسطين، ولا زال الحبل على الجرار؟!
لقد حان الوقت لمراجعة سياسة التطبيع الخياني، وانتظار تبعاتها على كل من تحالف بوعي، أو غير واعي، والتراجع عن نهج وتصورات لاتستنير بقيم النضال في الأمة التي تحدد العدو، والتحالف مع الوطنيين، والقوميين، وتجريم التطبيع الذي استمات دونه المفكر الاسلامي الكبير السيد الغنوشي في تونس،، ولا مكان لقوى سياسية عربية، تتأبط شرور مشاريع التحالف مع اعداء الأمة العربية، والارتماء في حضن الانظمة الأميرية في اقطار الخليج العربي،، فهل يفعلها الاسلاميون، أو أن سيف الإخفاق سبق العذل، والنصح؟
فلقد غررت المنافع الآنية بالأخوان أكثر من مرة، وجعلت من قيادتهم الهرمة، أعداء لأمتهم خلال سبعين سنة الماضية، واجهوا بالرفض غير المبرر مشاريع التغيير، وأنظمة الحكم الثورية في الوطن العربي منذ ثورة 1952، حينها قامت السفارة الانجليزية بتحريضهم ضد الثورة العربية التي اعتبرت الإسلاميين من العروبيين الذين تمنت عليهم أن يكونوا من جسمها الثوري حين حلت الأحزاب السياسية، وحظر العمل السياسي الحزبي، واستثني الإخوان من الحظر، وكان الجزاء الذي كافئوا به قادة الثورة، هو محاولة تصفيها بالقناصة في الميادين جهارا نهارا،،
كما ارتمى الاخوان في احضان الملكيات، وعززوا مواقفها، وجعلت منهم أبواقا فاغرة الأفواه في الدعاية المغرضة باسم الاسلام وقيمه الفاضلة، ووظف الخطاب الوعظي لمعاداة التغيير السياسي والاجتماعي في الوطن العربي، وفي فترة لاحقة، جاء دور تجنيد الشبيبة العربية للخارج لغرض عدواني ضد شعب افغانستان المسلم ـ بدلا من تجنيد الشبيبة العربية لتحرير فلسطين ـ وذلك لتعزيز سياسة امريكا في افغانستان في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وتلاه ارسال المجندين الإسلاميين الجزائريين الذين كانوا يقاتلون في من افغانستان، وذلك لتدمير مجتمعهم، والاجهاز على انجازات الثورة في الجزائر خلال التسعينات، وفي العشرية الثانية من الألفية الثالثة، ناهضت الممالك، والأميريات العربية في اقطار الخليج، اخراج امريكا مهزومة في العراق، فارسلت الاسلاميين بجيوشهم الاستشهادية في سبيل الالتحاق بحوريات الجنة التي وعد بها مشايخ الاسلاميين، وانضاف الى المتطوعة غيرهم من المرتزقة الشيشانية، والقوقازية، والصينية، والتركية، واحتل معظم العراق وسورية بما يسمى بدولة الخلافة "الداعشية" التي تخرج قادتها من سجون الاحتلال الامريكي للتحالف معه على مصالح الأمة العربية، والقضاء على المنجز من تحرير العراق من الاحتلال الامريكي، وتزامن ذلك مع التحالف الأعمى للدفاع المشترك عن مصالح الامبريالية الغربية في ليبيا، وخراج المجتمع الحديث من وطنه بالمرتزقة المستجلبين، وهي ذات السياسة التي اسقطت بها امريكا حكم الإسلاميين في مصر، عندما أعلن رئيسه المنتخب محمد مرسي ـ رحمه الله ـ الدخول في الحرب الطائفية في سورية دون استفتاء شعبي للشعب المصري لشرعنة ارسال الجيش النظامي للقتال خارج مصر، وهو مناقض للتشريع المنصوص عليه في الدستور المصري ،،!
فمتى يعي الإسلاميون أن الدور المطلوب منهم، ويترجعوا عنه، وقد كان ، ولا زال هو مواجهة الثورات التحريرية، وتدمير منجزات الأمة العربية في أقطارها خلال المائة سنة الماضية، ثم المساهمة في فرض المشروع الصهيوني في الوطن العربي؟
وأخيرا ـ وليس آخرا ـ
كان على الاسلاميين، تقديم النصح الأخوي لبعضهم البعض من أجل مراجعة أخطائهم، والأستفادة من دروسها، لا التشفي، وتبني العدائية التي يربأ الوحدويون أخلاقيا عنها، بل يأسفون على حصولها، وعلى الاخفاقات المتتالية للبرامج السياسية للإسلاميين مع أننا كنا ـ ولا نزال ـ متأكدين من حتمية اخفاق الأولى، لأن القائمين عليها لم توجههم أهداف تحررية، والأمة في مرحلة مواجهة مستمرة من أجل التحرر من الاستعمار، والوجود الصهيوني معا، بينما الاسلاميون شاركوا في هزائم أمتهم، وأعمى بصيرتهم مظاهر الجهل السياسي الذي دفعهم لاستنطاق نصوص الشرع، وتبرير سياسة الحكام الفاسدين، وإرسال الشبيبة المقاتلة في سورية للطبابة في المشافي الصهيونية، وهم يصرحون للإعلام الصهيوني، أنهم لن يكونوا أعداء للصهيونية التي تواسي بالطبابة جرحاهم،،!
ولكن من الاخطاء السياسية بعد اخفاق تجاربهم السياسية في مصر، والسودان، واليمن حزب الاصلاح، وتونس النهضة، والمغرب،، تبني مواقف التشفي والعدائية المفتعلة،، وكان الأولى منها البحث عن الاجابة على السؤال الذي يجب أن يطرحه الاسلاميون على أنفسهم، وهو: متى كانت سياسة المملكات العربية الحالية، إلا محرقة للقوى السياسية في الشارع المعربي عموما؟
وهكذا سقط في افخاخها الاسلاميون، كما سبقهم الاشتراكيون بقيادة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي الذي أتى الى الحكم من المنفى في فرنسا، وتبنى براغماتية سياسية ضد مصالح الشعب المغربي، وكان مصير حزبه الهزيمة المنكرة حين تخلى الشعب المغربي عنه في الانتخابات، وقبل اليوسفي، سقط في الفخ السياسي الملكي، أكبر رئيس دولة عربية بحجم مصر، والرئيس السادات، اقنعه الملك الحسن الثاني رحمه الله تعالى بالاستسلام، وابرام اتفاقية "التطبيع" مع الكيان الصهيوني، وهو ذاته " التطبيع" المشئوم على الأمة، وكل قوة سياسية تتبناه، وهذه دروس يجب الاعتبار منها في اقطار الوطن العربي، و"إياك أعني واسمعي"، يا مصالح وزير الخارجية الذي أرسل التهاني، والتبريكات لمن طبع مع الكيان الصهيوني،، !
فهل من معتبر، ولو من جهة مراعاته لمصيره السياسي على الاقل، إذا كان همه محصورا في البحث عن مصالحه الشخصية، ليس الا؟