إن جهة النظر حول بيان الثالوث: ـ احمد هارون الشيخ سيديا، ورفيقيه ـ المختوم بالتساؤل المهم: "هل نريد دولة”؟،، لعلها تكون موجهة لإظهار الطرق الأخرى المؤدية الى ما أراده لنا أصحاب البيان المذكور..
ولنا أن نسأل هؤلاء الوطنيين عن استيعاب هذا التصور لتحقيق الضمانات التي طالبوا بها من أجل الدولة التي أرادوا، وما هي؟
أما سؤالنا المحوري الذي تتناسل منه أسئلة عديدة، فهو: ما هي ملامح الدولة التي أرادوها في البيان أعلاه؟ ولماذا تعمدوا التساؤل المطلبي من أجل دولة نكرة؟ ألأنهم لم يعرفوها حقا من وجهة نظرهم السياسية والفكرية،؟ وهل ذلك لعجز عن تحديد ملامحها، وخصائصها، ووظائفها، وقبل ذلك تجاهل الفاعلية للقوة السياسية الموكول إليها القيام بذلك الدور؟
وقد يطرح البعض التساؤل التالي: ما هي مقاصد أصحاب البيان: هل للفت الأنتباه لحالة التردي العام، والتنبيه الى ما ينبغي أن يكون بديلا لهذا الواقع السياسي المتأزم منذ فترة،؟ وهناك من يسألهم، ليست الحالة الراهنة أسوأ من سابقاتها، وبالتالي كان البيان متأخرا الى حد ما ، أو أن الأمر لا يعدو كونه، فتح مجال للمساومة مع النظام القائم من أجل مهادنة قائمة على تحقيق مقاصدهم الذاتية، أو أن الهدف يتجاوز ذلك الى ما هو أ أشرف،، وكل ذلك، سيتضح في المستقبل القريب؟
وبالرجوع الى محتوى البيان، ما الجديد الذي تضمن،؟ وما هي الرؤية التي لمحت الى معطى الحل المنتظر من هؤلاء النشطاء السياسيين؟
كان بودنا أن يتجاوز القوم تقرير ما هو معروف من وصف جزئي للاستكانة التي تواضع عليها مسئولو النظام الذين يميلون الى تثبيت قاعدة تبادل رئاسة الحكم لوزير الدفاع، أو القائد الأعلى للجيوش الموريتانية، وقد بدأ وزير الدفاع، يعلن عن حضوره السياسي في مقالاته الأولية، ولعل هذا من تبعات الخيارات التي فرضتها فرنسا منذ تولي " معاوية ولد سيدي أحمد الطائع" للحكم، بانقلاب أشرف قائد الجيوش الفرنسية عليه في العام 1984م، وعلى ذلك، كان التلويح السابق بالحوار منذ عام، هو من أجل استهلاك الوقت، اختبار بالوني، وليس من أجل التوافق على قاعدة للحكم المدني، وبالتالي فليس من الوارد بلورة رؤية للحكم المدني خارج خط التبعية، والاستسلام لمعطيات التخلف الاجتماعي، والسياسي، علما أنه أمر كان، من الممكن أن يقرره الحراك السياسي الموجود مع النظام، نظرا لأنهما مهزومين نظريا وعمليا، وإن كانت قيادة الحراك السياسي أكثر نسبة بما تعكسه هزالة أنشطتها من درجة الانحدار في هوة تخلف وعيها السياسي، وانعدام رؤىة توجه قياداتها، وهدف يوجه السلوك السياسي في ما يصدر عنها من أنشطة، تراوح في مجال الدعاية الخارجية التي توزعها وسائل التواصل الاجتماعي، وتشكل كشكولا من الدعاية للدفاع عن نظامي تركيا، وقطر، والهجوم على انظمة الحكم في مصر، وسورية،، وكأن القوم، خرج من همومهم مشاكل موريتانيا المعيشية، والسياسية، والحداثية،،!!
إن الوطنيين، والقوميين في موريتانيا أمامهم طريق طويل، ولعله شاق للوصل الى أهداف المجتمع في التغيير المطلوب الذي يحتاجه أي مجتمع يسعى حراكه الاجتماعي ـ السياسي الى التقدم، لأن الأمر يحتاج منه الى استئناف رحلة من ألف ميل، فأكثر، وبالخطوات الأولية وهي: إيجاد حراك بديل للحراك القائم، تكون له قيادة جماعية، ورؤى واضحة للتغيير السياسي، وأساليب البحث، كطرق عملية لتحديث المجتمع بالتعليم الوطني والقومي، وليس بالتعليم الاستلابي القائم، وكذلك بالتوعية السياسية الموجهة ضد عوامل التخلف الاجتماعي، وليس بالتبعية السياسية،، ولن يتمكن الجميع من ذلك الا بحرق الأوراق السياسية للنخبة السياسية ذات الوعي الهجين،، وحين يحقق الحراك السياسي هذه المنجزات، يكون من الوارد حقا السؤال حول أية الدول نريد: دولة النظام الرئاسي التابع للأمبريالية الفرنسية، أو دولة النظام البرلماني المهلهل، أو دولة الثورة السياسية ـ الأجتماعية?