مبادأة أشكر موقع الرائد علي مبادرته الرائدة بفتح أرشيف محمدن التمين من خلال استنطاقه و دفعه إلي الكتابة عن الأحداث و الوقائع التي عايشها .
.لقد تابعت بشغف و اهتمام بالغين حلقاته الممتعة عن تاريخ الناصريين في موريتانيا، وقد سرد تلك الأحداث و الوقائع بأسلوب شيق ، ولا أستطيع إلا أن أسجل إعجابي بحلقاته و افتخاري بتلك التضحيات التي قدمها الرعيل الأول ولازال يقدمها في صمت وهدوء بعيدا عن الأضواء و المماحكات .
تكملة لحديثه الماتع و المفيد أود أن أشيد ببعض الخصال التي عرفتها في أستاذنا محمدن التمين من خلال التجربة و العمل الميداني، وقد ترفع هو عن ذكرها و الخوض فيها.
تعرفت علي الأستاذ محمد التمين عن قرب بعد وصولي إلي ازويرات سنة 1990 محملا برسالة تعريف وتوصية من أخي و صديقي أبومدين محمد سالم وهو يومها مدير جهوي للتعليم الأساسي على مستوى ولاية تيرس زمور، وأنا معلم خريج نفس السنة... فحظيت بعطفه ولطفه وبعد فترة وجيزة تم تحويله إلي إينشيرى ليحل محله أستاذ أخر من ذلك الرعيل و الطراز النادرين من المناضلين ألا و هو الأستاذ سيدي/ عبد الله فكان نعم الأخ و الصديق فواصل ما بدأه ولد التمين بصدق و إخلاص .
استمر الانقطاع بيننا إلي أن آثر الانضمام لحزب التكتل فوجدني أمامه مع كوكبة من المناضلين المرهقين بعد أن أعيتنا سنوات عجاف من منازلة نظام ولد الطايع فنفخ فينا الروح و أمدنا بشحنة نضالية مطعمة بحكمة المناضل المجرب والشيخ الورع العازف عن متع الحياة ورغيف الأنظمة، الذي لا يخشي سياط الحاكم ولا يطمع في كعكته الدسمة .
وأهم شئ استفدناه منه هو ذلك التآلف و الانسجام الذان أضفاهما علي الجماعة رغم تنافر طباعها وشغب بعض عناصرها فكان يوفق في إدارة جلسات الجماعة في أدب يحسد عليه ولكم أن تتصوروا إدارة جلسة تجمع بيني وبين عبد الله السيد و محسن / محمد سالم و محمد سالم بمب كثير الصمت قوي الانفجار تنطبق عليه مقولة ماركس : " شدة الصمت تؤدي إلي شدة الانفجار " أما أنا و عبد الله السيد ومحسن محمد سالم فحدث ولا حرج ، ومع ذلك فكانت الجلسات تسير بانتظام، وتعود بسرعة إلي هدوئها و وقارها كلما شردت شطحة من أحد الحضور و ما أكثر شطحاتنا خاصة نحن شلة المشاغبين .
واصل أستاذنا قيادة الجماعة رغم الصعاب والمشقات فارضا هيبته و سلطته بأسلوب تربوي حكيم فلم يصطدم يوما بأحد بل لم يثر شعور أحد رغم أن الأعصاب كانت مشدودة و متوترة في كثير من الحالات وكيف لا تكون كذلك و نحن نسبح في بحر حزب يعج بالمتناقضات التي تؤججها الطموحات المستفزة و الأغراض الملتوية و الأنانية المقيتة ، لم نشعر يوما بأن أستاذنا أثرت فيه تلك العوامل تأثيرا سلبيا بل كان يؤثر فيها ولا تؤثر فيه، و لما شاءت الأقدار أن نخرج من عباءة حزب التكتل خرجنا بفضل الله وحكمة أستاذنا نظيفين لم نثر ضجة أو صخبا داخل الحزب و لم نعكر صفو رفاق الأمس عملا بقولالشاعر:
" يمشي عن الدار من لم يحرق الزربا ".
وبعد
لا يسعني إلا أن أشيد ببعض الخصال التي خبرتها في أستاذنا وما أكثر خصاله الحميدة لكن مالا يدرك كله لا يترك كله:
1- قد جمع أستاذنا محمدن التمين بين شيم الزوايا وشهامة بني حسان وفطنة أهل القضاء الذين عجن من طينتهم النبيلة، و تواضع أهل السياسة وصدق المناضلين و إخلاصهم .
2- قدرة أستاذنا الفائقة علي العمل الدؤوب من خلف الستار .
3- أن أستاذنا مدرسة نضالية و أخلاقية متميزة نحن في أمس الحاجة إليها اليوم في ظل الشتات و التمزق.
و أخيرا أتمني من أعماق قلبي أن يسطر لنا عناصر الرعيل الأول شهاداتهم علي الأحداث التي عايشوها خاصة بواكير ميلاد الحركة الناصرية من رحم الأحداث العربية و العالمية التي كانت تتدافع بلادنا في أواخر الخمسينيات و الستينيات،و التي دشن انطلاقتها الميمونة أستاذنا محمدن التمين .
أخيرا أجدد الشكر للرائد علي مبادرته الموفقة - بإذن الله – بإعادة تحبير تاريخنا بالقلم لا باللسان.
المختار محمد امبيريك