مع إعلان لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، الخميس، النتائج النهائية لانتخابات الكنيست (البرلمان)، يقول محللون إن المشهد السياسي أعاد إنتاج نفسه، بحيث لا يستطيع أي حزب أو معسكر تشكيل حكومة مستقرة.
.وأظهرت نتائج الانتخابات، التي جرت الثلاثاء، عدم حصول أي من المعسكرين الرئيسيين على مقاعد كافية لتشكيل الحكومة، حيث يتطلب ذلك الحصول على 61 مقعدا من أصل 120.
وحصل معسكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المكون من أحزاب "الليكود" و"شاس" و"يهودوت هتوراه" و"الصهيونية الدينية"، على 52 مقعدا إجمالا.
بينما حقق المعسكر المناهض لنتنياهو 57 مقعدا، وهو يضم أحزاب: "هناك مستقبل" و"أزرق أبيض" و"العمل" و"إسرائيل بيتنا" و"أمل جديد" و"القائمة المشتركة" العربية و"ميرتس".
ويتعين على حزبي "يمينا" و"القائمة العربية الموحدة"، أن يحددا أيا من المعسكرين سيدعمان.
** الانتخابات الرابعة
وهذه الانتخابات، هي الرابعة في غضون عامين، وبلغت نسبة المشاركة فيها 67.2 بالمئة (4.4 ملايين ناخب)، وفق لجنة الانتخابات المركزية.
وجرت انتخابات في أبريل/نيسان 2019، لم يتمكن على إثرها أي مرشح من تشكيل حكومة، فأتبعت بانتخابات انتهت إلى المصير ذاته في سبتمبر/أيلول من نفس العام.
وعلى إثر ذلك جرت انتخابات ثالثة في مارس/آذار 2020، لكن الحكومة التي تشكلت في مايو/أيار ما لبثت أن وصلت إلى طريق مسدود، وتم حل الكنيست والدعوة إلى الانتخابات مجددا.
** هيمنة اليمين
يقول الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي، محمد محسن وتد، إن "نتائج الانتخابات الرابعة للكنيست خلال عامين، تعكس هيمنة وسيطرة اليمين الإسرائيلي، وسطوة شخص نتنياهو وتحكمه بمفاصل العمل الحزبي في معسكر اليمين".
وأضاف وتد، للأناضول: "أثبت نتنياهو بأنه القائد لهذا المعسكر دون أي منازع أو منافس".
ورجح أن تستمر هذه الهيمنة في إسرائيل لسنوات طويلة "حتى وإن غاب نتنياهو عن المشهد السياسي سواء باعتزاله الحياة السياسية أو الإطاحة به قضائيا من خلال ملفات الفساد المرفوعة ضده".
وأشار أن معسكر نتنياهو وحتى بدعم من نفتالي بينيت حصل على 59 مقعدا، لكنه لم يتمكن من الفوز بـ 61 مقعدا، تمكنه من تشكيل حكومة يمين ضيقة.
ورأى أن نتنياهو يبقى الأكثر حظا في تشكيل الحكومة المقبلة، وتجنب التوجه لانتخابات خامسة "من خلال الرهان على انشقاق بعض أعضاء الكنيست أو حزب صغير من المعسكر المناوئ له والانضمام إلى نتنياهو".
ولفت أن الأيام القادمة ستشهد تقديم النتائج لرئيس الدولة (رؤوبين ريفلين)، الذي سيجري بدوره مشاورات مع الأحزاب، قبل تكليف أحدها بتشكيل الحكومة في عملية قد تستمر شهرين.
وأردف: "الأحزاب المناوئة لنتنياهو حصلت مجتمعة على 57 مقعدا، ومن الصعب عليها تشكيل الحكومة إلا إذا حصلت على دعم من القائمتين العربيتين (10 مقاعد) وهذا مستبعد".
ورجحت محطات التلفزة الإسرائيلية، الأربعاء، إمكانية أن يسعى نتنياهو إلى الحصول على دعم القائمة العربية التي يرأسها منصور عباس.
ولم يغلق عباس نهائيا الباب أمام أي طرف، إذ قال للقناة الإسرائيلية "13" (خاصة)، الأربعاء: "لسنا في جيب أحد، وعلى استعداد للتحدث مع الجميع".
وحصلت القائمة المشتركة" برئاسة أيمن عودة على 6 مقاعد، في حين فازت "القائمة العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس بـ 4 مقاعد.
غير أن النائب القيادي في حزب "الليكود" اليميني ميكي زوهار، قال لهيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الأربعاء، إنه يستبعد تشكيل نتنياهو حكومة بدعم من عباس.
** لا أغلبية مريحة
بدوره يقول الكاتب الصحفي نهاد أبو غوش، من القدس، للأناضول، إن "النتائج تظهر عدم تمكن نتنياهو حتى الآن من تأمين أغلبية مريحة تساعده في تشكيل حكومة مستقرة وتحصين نفسه".
وأضاف: "في المقابل فإن المعسكر المضاد لا تجمعه أي جوامع سوى معاداته لنتنياهو، مما يجعل الأخير هو الأكثر قدرة على إدارة المرحلة وتشكيل الحكومة".
وأفاد بأن نتنياهو بات "تحت رحمة حزبين صغيرين هما حزب يمينا اليمني المتطرف برئاسة بينيت، و حزب الصهيونية الدينية، وهذان يفرضان عليه شروطا سياسية وتنظيمية مشددة".
واعتبر أن الانتخابات الرابعة أعادت إنتاج نفس المنهج المعقد المتداخل وغير مستقر في إسرائيل "وبالتالي فإن الفرصة ما زالت قائمة لإجراء جولة خامسة من الانتخابات خلال أشهر أو هذا العام على أبعد تقدير".
أما عن وضع الأحزاب العربية فيقول إن انقسامها أدى إلى خسارتها جمهورها بالدرجة الأولى "وهذا تُرجم في انخفاض نسبة التصويت في الوسط العربي عنها في الوسط اليهودي".
واستطرد: "ذهاب بعض الأصوات العربية لتأييد أحزاب صهيونية، وغياب الاتفاق في أولويات العمل مما سيؤثر على الحقوق، ليس فقط السياسية، بل المدنية والاجتماعية للجماهير العربية في الداخل".
** استمرار الأزمة في إسرائيل
ويتفق المدون المتابع للشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، مع المتحدثين السابقين في أن نتائج الانتخابات تعكس استمرار الأزمة السياسية في إسرائيل "إذ لا زال تشكيل حكومة مستقرة ليس سهلا، وإن شكلت ستبقى هشة تذروها الرياح".
وأضاف أبو علان للأناضول: "لم يحسم أي معسكر النتائج، فمعسكر نتنياهو ومعه بينيت الذي لا يحسب نفسه على معسكر نتنياهو، لم يحقق العدد المطلوب، وكذا معسكر التغيير المناوئ له".
وذكر أن الانتخابات الخامسة قادمة "إلا إذا حصلت مفاجآت وتغيير جوهري وتنقل للأحزاب بين المعسكرين الكبيرين".
الأناضول