منذ فترة سعت وكالة الوثائق المؤمنة في المنتبذ القصي ؛ إلى رقمنة القطع الأرضية ، وهو إجراء مهم إذا تمت فيه مراعاة الإثباتات الإدارية والقانونية ، مما سيحد من ثنائية الملكية أو ما يعرف لدى مكاتب بيع العقارات وسماسرة القطع الأرضية بـ (double emploi).
.ونحن اليوم في المنتبذ أحوج من أي وقت مضى لرقمنة الإبداع خاصة (لغنَ) فقد شهد من (double emploi) ما لم تشهده الأحياء الشعبية في نواكشوط.
وليس لغن المجال الوحيد من فقد شمل الأمر القصص فتسمع القصة الواحدة بألف بطل من أهل لخيام ، وكذلك الشعر يعزى لألف قائل، إلا أنها في لغن جاوزت الحدود.
كاد بشار ابن برد أن ينتزع من جرير بيتين له لكن جرير أنقذت بيتيه شهرة قصيدتهما ، يقول بشار:
وَذاتُ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها :: باتَت تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سَكرانا
(إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ:: قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا)
فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي :: فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا
(يا حَبَّذا جَبلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ :: وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا)
وذات مرة كان أحد طلاب الشاعر الكبير الذيب الحسني ، يتعلم عليه الشعر فقال بيتين وعرضهما عليه وهما:
أدام عليّ الوجد أنيّ كلما :: رأيت سنا برق تذكرت مريما
تذكرت منها المقلتين وجيدها :: إذا الربرب الغادي تلالا تنسما
فاستحسن الذيب البيتين وأراد مصادرتهما فقال للطالب: لقد تشابه عليك الشعر فالبيتان قديمان وقبلهما بيت لي أقول فيه:
إذا قيل من أضناك قلت مجاوبا :: ببيتين مرويين عمن تقدما
أدام عليّ الوجد ..
من أشكال ازواجية الملكية العقارية أن يعمد أحدهم إلى برزة (نيمرو) لغيره فيبني بيوتا فتكون الأرض لمالك والبناء لمالك فيقوم النزاع.
وذات الأمر يحدث في لغن وهو ظاهرة (اسليخة) يقول الأديب الطيب ولد ديدي رحمه الله وقد تعرض للأمر:
اسلخ لى حد افذو العهود :: گاف اطلعَ بيه النفشَ
ما سمّ راصو باط انعود :: نعطيه الرگبه والكرشَ
وهو ما يعطى عادة للسلاخ عوضا عن عمله.
وكان الأديب عابدين ولد التقي يوقع بعض گيفانه فتجده يقول:
هذا الشور إنهولْ :: خلّ بين العينين
عابدين إسولْ :: عن عابديم امنين
ويقول:
لا گلتِ ذو لهوالْ :: ؤگلتِ ذ الشور الزينْ
گولولي هحْ ألالْ :: امّكْ يعابدينْ
وفعلها امحمد ذات گاف:
نعرف عن حد اگبيل شاف :: إعويناتْ المشعورَ
ما ينساهم، والگاف گافْ :: امحمد لاحمد يورَ
لابد من تشكيل لجنة مختصة لرقمنة القطع الشعرية ، وعلى الأدباء الأحياء جمع وكتابة وطباعة دواينهم حتى لايدخلها ماليس لهم ولا يخرج منها ما هو منها.
لقد أصبح أحدنا لايكاد يحكي گافا في مجلس أويكتب طلعة على صفحته ويعزوها لأحد حتى ينبري له من يقول إنها لعمرو وليست لزيد فيقوم التنازع.
قَضَى كُلُّ ذي دينٍ فوفّى غريمَهُ :: وَعزَّة ُ مَمْطُولٌ مُعنًى غَريِمُها
ذات أنس إبان احتلال العراق للكويت 1990 كنا في درس بعد المغرب في مسجد الإمام بداه ولد البصيري في الحي العتيق بلكصر ، وكان العميد الأستاذ محمدن ولد سيدي إبراهيم يحضر في تلك الفترة دروس الإمام بداه ، وكان يجلس عند ساق الكرسي الأحمر الشهير الذي يجلس عليه الأمام ، بينما نكون نحن في دائرة حول الإمام:
كأنَّنا هالةٌ بالبدر دائرةٌ :: والبدرُ يَكشِف عنَّا ظُلمةَ الغَسَق
في ذلك الدرس وصل الإمام الأكبر وجلس على الكرسي وقبل أن يبدأ الدرس سأل:
هو محمدن ماجَ الليله؟
قال الجميع:لا
قال الإمام بداه: ألا الناس امسوغيين إعليّ گاف هون عني گايلو وأنشد بصوته العذب:
كانْ الكويتْ إبّيشْ إدامْ :: ما ييدمْ منو ماهُ (بوشْ)
وامنينْ إلّ دخلو صدامْ :: طيّرْ مغطايتْ ذاكْ البوشْ
ثم أضاف: آنَ أخباري من انگيّفْ اعلَ الكويتْ
إذا كان الإمام الأكبر بداه قُوّلَ ما لم يقل فكيف بسبلتِيف الأخرى
وذات برنامج ثقافي في إذاعة موريتانيا في التسعينيات حكى مقدم البرنامج گافا للأديب الكوري ولد اوداعه عازيا إياه للأديب الشيخ ول مكي رحم الله الجميع:
خالك حد اشوين واكحل :: طراش ؤكماش
وافيسد واحريص واوحل :: فيه الناس امناش
وكان العملاق الكوري حينها يستمع للبرنامج ولما سمع الگاف كتب لمقدم الرنامج:
طيتْ اغنايَ دونْ لفتَ :: للشيخ اشلو بيه
ماهُ فاصلْ فيه وانـــتَ :: ماهُ لك تعطيه
وذات هول اتهم دودو سك (محمدن ولد ابن المقداد) الأمير سيد أحمد ولد أحمد العيده باسليخت گاف له فقال في النحية :
گأفِي هاذَ بَلّو :: گافِي بعد ألاّلِي
لَمِيرْ إسلخْ جلّو :: ؤتمْ الگافْ ألالِي
فرد عليه سيد أحمد:
ذِي النحيَ راعيهَا :: باگي يَ فعّالي
محمدن بيهـا :: و الصحبِ و الآلِ
وفي (الصحبِ و الآلِ) لفُ قدمٍ من أن محمدن (دودو سك) كان ينسج له بعض صحبه لغن خاصة سيديا ولد هدار.
ومن الطريف -والشيء بالشيء يذكر- ماجرى من مداعبة بين الأديبين عبدو ولد محمدن واتقان ول النامي، فقد عزا النامي الگاف الشهير:
مزلت إيلَ راد الجواد :: انخلي عزت عرادي
لولادي ويخلوه زاد:: أولادي لولاد أولادي
عزاه النامي للأديب أباهيم ولد الطالب فزاز ، و رد عليه الأستاذ عبدو ول محمدن َ بأن الگاف لامحمد ولد أحمد يوره:
گاف امحمد ذاك إلّ فيه :: إلّ فيه و خبرو وجيه
اعيات الناس اتحجّب بيه :: الحد اوخر طاهْ اتقان
ولاّ ماهُ فالُ يعطيه :: (إلى النهر من ثوبانَ)
فرد على الأستاذ اتقان:
عبدو حازْ ؤلاهِ تفزاز :: گافْ الولْ الطالب فزاز
لمحمد وآراهوَّ زاز :: الحدْ افحيازت لنظام
كرامه گاع إلّ ما حاز :: (حد أصيل افتكانت شامْ)
إن البقر تشابه علينا.. فالبدار البدار بالكتابة والعزو الصحيح ، فالعزو من الدين ..
فَإِن بَادَرْتُمُوهُ تُدَارِكُوهُ :: وَإِلَّا يَسْبِقِ السَّيْفُ الْبِدَارَا
كامل الود