لم يكن حدث إغلاق مكب تفيريت حدثا عاديا بل جاء هذ الحدث مثقلا بالرسائل والدروس السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية
.
ومن خلال عرض مقتضب يمكن إبراز أهم تلك الدروس التى حملها هذ الحدث .
الدرس الأول والأهم أن الحق يعلوا وينتصر مهما طال الزمن والباطل يزول ويضمحل مهمى تقوى صاحبه وتجبر
فاستحضارا للتاريخ لن تنسى الساكنة تلك اللحظة التى وقف فيها الرئيس المنصرف أمام شرذمة من التوابع الذين غيبوا عنه الحقيقة وغيبوا أهلها أيضا.
وقف الرئيس مخاطبا أتباعه في قلب المكب ( المكب ماه محول ؛ المكب ماه محول )
دار الزمان فرحل عزيز قبل أن يتبعه مكبه غير العزيز
وبقيت الساكنة على حالها الذي كانت عليه ،قبل قدوم عزيز
ثانيا : إن قوة تأثير أي قضية تكتسبها من عدالتها وصمود المطالبين بتلك القضية فهذه القضية لا مراء في عدالتها مواطنون موريتانيون يطالبون بهواء نقي وسلامة صحية وبئة نظيفة بطريقة مدنية متخذين في سبيل ذلك كافة الوسائل القانونية وملتزمين بالسلوك الحضاري ولذلك تدرجت هذه القضية في سلم الأولويات من أفراد يطالبون بذلك الحق إلى قضية رأي وطني لتتحول بعد ذلك إلى مسألة إجماع وطني من تفيريت وحتى تيشيت .
ثالثا : إن العنصر الأهم للحصول على أي حق هو الثبات على ذلك الحق وعدم التنازل عنه قيد أنملة ففي البدايات الأولى للنضال كان البعض يسخر من المناضلين ويصف ما يقومون به ب ( اتكرميص لحجار ) لكن تلك الحجار تكسرت اليوم تحت مطارق الحق .
رابعا : إن القرارات الاعتباطية والتخبط الاستراتيجي الذي تميزت به الأنظمة الموريتانية هما السبب وراء كل المحن التى عانى منها المواطن والدولة على حد سواء ولا تزال معاناتها جلية على كافة. الصعد
ولا شك أن اختيار هذه المنطقة الحيوية والزاخرة بالسكان والتي تحوي أهم مخزون مائي عذب ومعدني يغذي العاصمة ( بحيرة اديني )إحدى تجليات تلك السياسة
ففضلا عن ذلك قد أودى هذ المكب بحياة عشرات المواطنين وتلويث وتدمير البئة على المدى البعيد حسب دراسات مؤكدة رسمية ومستقلة في منطقة كانت توصف بأنها رئة نواكشوط
خامسا : إن مراجعة الحكومة الحالية لهذه القضية ومعالجتها ، لها لهو أمر في غاية الأهمية وهو ما يبعث روح الأمل في نفوس المواطنين على تعاطي الحكومة الجديدة مع هموم المواطنين وقضاياهم الملحة ومعالجتها لمكامن الخلل وهو رجوع إلى الحق طال انتظاره
اجتماعيا
نظرا للتعاطف الكبير الذي نالته هذه القضية فقد ظهر الدور الاجتماعي جليا متمثلا في منظمات المجتمع المدني والمجموعات والأفراد المساندين بمختلف توجهاتهم ومشاربهم .
وهذه النقطة جديرة بالتقدير والإشادة لأنها مؤشر على نمط جديد من التعاطى المجتمعي مع القضايا الوطنية العادلة وتأدييدها
وهو ما سيجنى المواطن ثماره مستقبلا في قضايا أخرى تلامس همومه
من الرسائل الاجتماعية كذللك بروز الدور القبلي وإن كان ظهورا ثقافيا فقط تجسد في التسارع إلى نصرة الحق ومساندة أهله
إلا أن المتطلع إلى المستقبل ينظر بعين الريبة دائما إلى ذلك الدور ويطمح أن تملأ الدولة ذلك الفراغ وتطوى تلك المساحات الشاسعة بينها وبين المواطن البسيط حتى يشعر بانتمائه الأشمل ويفخر بذلك الانتماء.
أما الرسالة الثقافية. فتجسدت في الزخم الإعلامي الذي أخذته هذه القضية خاصة في الجانب الأدبي حيث استعاد الأدب دوره كمنبر لنصرة المظلوم والدفاع عن حقه
بعد غياب طويل خنع فيه لسلطة المتسلطين ودراهم المتنفذين
نرفض الشعر مسرحاً ملكياً == من كراسيه يحرم البسـطاء
نرفض الشعر أن يكون حصاناً == يمتطـيه الطـغاة والأقـوياء
نرفض الشعـر عتمـةً ورموزاً == كيف تسطيع أن ترى الظلماء؟
نرفض الشعـر أرنباً خشـبياً == لا طمـوح لـه ولا أهـواء
نرفض الشعر في قهوة الشعر.. دخـانٌ أيامـهم.. وارتخـاء
شعرنا اليوم يحفر الشمس == حفراً بيديه.. فكل شـيءٍ مـضاء
نزار قباني
هذه باختصار أهم الدروس والرسائل التي حملها إغلاق مكب النفايات في قرية تفيريت
سلام عليكم طبتم
محمد محمود حماه