جاء في إحدى الفقرات الأخيرة من بيان صادر اليوم عن القوى المؤيدة للمترشح بيرام ولد اعبيدي ما ملخصه ( أنه حيث أن هناك ترابطا بين التعلم المبكر للغات الأجنبية وبين الانفتاح والتسامح ... فإنهم يطالبون بترقية اللغات الوطنية ودمجها في التعليم والادارة و العناية بالتعليم المزدوج)
.تعليق :
1- هذا الكلام يكشف عن جهل عميق بظاهرتي التطرف و التسامح وبالنظم التربوية : فاغلب الدول المتطورة والمستقرة تحمي لغاتها القومية ولا تقبل منافستها بتدريس لغات أجنبية الا في مرحلة متأخرة من التعليم الإبتدائي.
والتطرف ينتشر أساسا في المجتمعات التي تحكمها أنظمة استبدادية و كثير منها يدرس التلامذة فيه في وقت مبكر بلغات أجنبية(نيجيريا مثلا ).
2- الحديث عن ترقية اللغات الوطنية ودمجها في التعليم والادارة مع العناية في نفس الوقت مبكرا بالتعليم المزدوج هو كلام غير عملي ولا محصل له .فاذهان أغلبية الأطفال لا يمكنها ان تستوعب في مرحلة مبكرة الا لغة حية واحدة . ويمكن لنخبة من التلاميذ أن تتقن لغة ثانية في مراحل لاحقة.اما محاولة فرض عدة لغات على جميع التلاميذ فهي حماقة و تبديد للطاقات.
3- الفيئات التي عانت من التهميش والغبن(وخاصة العبيد السابقين الحراطين ) تحتاج إلى ترقية عاجلة . وحيث أن التعليم هو الأداة الرئيسة لهذه الترقية. وحيث أن كافة الحراطين ناطقون بالحسانية وهي لهجة عربية .فإنه لا يمكن ترقيتهم الا بتعليم معرب و إدارة معربة. وأي توجه أخر لن يكون سوى إطالة لأمد معاناتهم و غبنهم. وغريب أن يصدر من قوى ترفع شعار الدفاع عن قضية الحراطين
4- يلاحظ المتابعون لمسار المسألة الثقافية في شمال إفريقيا والمغرب العربي وخاصة في جانبها اللغوي . أن أعداء التمكين للغة العربية هم :
أ- اللوبيات الافرانكوفونية وخاصة من أبناء طبقة ما يسمى( الكومبرادور ) الذين كانوا خلال الحقبة الاستعمارية يشكلون وسيطا بين الاستعمار و ساكنة البلد. وهذه اللوبيات تتشكل أساسا من بعض البورجوازية البيظانية و بعض البورجوازية الزنجية وهم يحرصون كل الحرص على تعليم أبناءهم في مدارس فرنسية داخل البلاد وخارجها . ويعملون دون كلل من أجل بقاء الفرنسية لغة العمل و الإدارة لكي تبقى المناصب المفيدة والفرص الجيدة حكرا على أبنائهم وأحفادههم.
ب - بعض المثقفين السطحيين المنبهرين بإنجاز ات الحضارة الغربية و وهم يجهلون التاريخ و علوم اللغويات و الحضارة .
ج - بعض النشطاء الحقوقيين الانتهازيين المنبهرين بالغرب والذين يتخذون من الولاء للدوائر الإمبريالية في فرنسا و رقة رابحة . ويظهرون ولاء مطلقا للفرنسية استدرارا لتعاطف ودعم دوائر خاصة في هذه الدولة.
د - بعض المنظمات المحلية والإقليمية التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية غير واقعية و بعيدة المنال مثل منظمة افلام العنصرية .فهي لابد لها من الاستقواء بالأجنبي تحت شعار المظلومية و الدفاع عن حقوق الإنسان وفي سبيل ذلك تكون مستعدة لتجريد المجتمع من مكاسبه الحضارية و الدعوة إلى فرض لغة أجنبية على أبنائه إرضاء لسادتها في ما وراء البحار.
الأستاذ الباحث: السالك ولد محمد موسى