قالت يومية Le Monde الدولية، إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، يعتبر رئيسا رمزا في عدة مجالات؛ فهو الرئيس الذي أحل الأمن ببلاده، في وقت يجد نظرائه في مالي والنيجر وبوركينافاسو صعوبة بالغة في السيطرة على بلدانهم.
وأضافت الصحيفة الصادرة في باريس، أن الرئيس الموريتاني، الذي أكمل للتو عقده السادس، يجسد كذلك رمزا للقائد المتشبث باحترام الشرعية، في حين يواصل آخرون تمسكهم بمسارات غير دستورية.
وكانت موفدة يومية Le Monde إلى الحوض الشرقي Morgane Le Cam قد أجرت مقابلة صحفية مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي، تم نشرها في نسختها الصادرة فجر الخميس 06 دجمبر 2018، تناول خلالها الرئيس استحقاقات 2019، إضافة إلى بعض المواضيع الداخلية الحساسة، وكذلك تحصين موريتانيا ضد الهجمات الإرهابية منذ العام 2011، وهو الموضوع الذي سيستحوذ على اهتمام الاجتماع الرفيع المستوى المنعقد في نواكشوط في السادس من دجمبر الجاري، بمناسبة القمة الطارئة لمجموعة الخمس في الساحل.
وهذا نص للمقابلة:
صحيفة Le Monde: كيف تفسرون، غياب أي حل لحد الساعة لضمان تمويل دائم للقوة المشتركة لمجموعة الخمس في الساحل؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: فعلا، يعتبر الأمر محل تساؤل وارد؛ فالقوات الأممية المتواجدة في مالي Minusma، تكلف المجتمع الدولي سنويا مليار دولار، ومهامها ليست مفصلة، ولا وجود لأي تأثير لها على الأوضاع في مالي، في حين نحتاج على مستوى مجموعة الخمس في الساحل دعما محدودا، يقدر بأكثر من 400 مليون يورو لإطلاق قواتنا وتجهيزها، إضافة إلى أقل من 120 مليون يورو كتكلفة لتسييرها السنوي. في حالة الالتزام بالوعود، وإطلاق القوة المشتركة وتجهيزها، سيكون باستطاعتنا مكافحة الإرهاب بفعالية. يحدونا أمل كبير في أن الأوضاع ستتغير، وسنتمكن من تحقيق ذلك.
صحيفة Le Monde: بعد الهجوم الإرهابي ضد مقر قيادة القوات المشتركة لمجموعة الخمس في الساحل خلال شهر يونيو الماضي، تحدثتم عن وجود ثغرات ينبغي سدها من طرف الدول الأعضاء، هل تمكنتم من ذلك؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: ماحدث، ترتب عن إهمال كبير وعدم اكتراث، خصوصا أن الأمر يتعلق بإقامة مركز قيادة قوة ذات أهمية بالغة لمحاربة الإرهاب دون تأمينها بصفة نهائية.
لقد تم على إثر ذلك إحداث تغيير على مستوى قيادة القوة، حيث يعمل حاليا قائدها الجديد على إحكام السيطرة على الأمور.
صحيفة Le Monde: كثيرا ما اتٌهمت مالي التي تزامن الهجوم مع فترة قيادتها للقوة المشتركة بالتباطؤ في مجال محاربة الإرهاب. هل تعتبرون مالي الحلقة الضعيفة في الساحل؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: لا يمكنني اتهام الماليين، لأن مصلحتهم تكمن في محاربة الإرهاب، الذي يعاني منه بلدهم وشعبهم واقتصادهم. لكن لا ينبغي لهم البقاء مكتوفي الأيدي في انتظار حل يأتي من الخارج، فوضعيتهم يمكن تجاوزها، أولا بمجهودهم الذاتي، وفي مرحلة لا حقة بمساعدة الشركاء والدول الصديقة.
لا أشك في إرادتهم، لأن الأمر يتعلق بمصلحتهم واستمرارية الدولة.
صحيفة Le Monde: أعلنت السلطات المالية والفرنسية مقتل القيادي الإرهابي الذي زعزع أمن وسط مالي على مدى سنوات، آمادو كوفا المقرب من إياد آغ غالي، ما هو تأثير موته على المنطقة؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: قد يخفف موته نسبيا من حدة ظاهرة الإرهاب، لكنه لن ينهي نشاط الإرهابيين في المنطقة، فآمادو كوفا كان يقود فصيلا محدودا من الحركات الإرهابية في مالي ومن المتوقع استخلافه قريبا. من الضروري اعتماد نشاط يكون موضع تشاور بين دول المنطقة ضد الإرهاب، ولذلك تنبغي محاربته ودعوة الدول التي تدفع الفدية مقابل إطلاق الرهائن التوقف عن ذلك، لتفادي تمويل الإرهاب.
صحيفة Le Monde: هل ينبغي الدخول في حوار مع رجال آمادو كوفا؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: من واجب الماليين الحديث مع مواطنيهم، كما قمنا به في بلدنا؛ فلا يمكن تسوية المشاكل بالسلاح فقط. ينبغي اعتماد سياسة أساسية في هذا الصدد؛ لنأخذ مثال ” جبهة تحرير ماسينا”، فهناك مشاكل يعاني منها بعض المواطنين الماليين من “الفلان”، والتي ينبغي تحديدها ومحاولة معالجتها. يوجد كذلك إرهابيون لا علاقة لهم بمالي، ينشطون باسم دين حرفوه بصفة كلية، فهؤلاء لا ينبغي الحوار معهم.
صحيفة Le Monde: تعتبر موريتانيا منذ عدة سنوات من بين الدول الأكثر استقرارا في المنطقة على المستوى الأمني، كيف تمكنتم من احتواء الخطر الإرهابي، في وقت يشهد تفاقما في بعض بلدان الساحل؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: عند وصولنا للسلطة، في العام 2008، كان البلد يعاني من غياب دائم للأمن، وفي تدهور مستمر. كان جيشنا في وضعية ركود، وكان من الضروري إعادة تصور نظامنا الدفاعي والأمني.
لقد تمكنا من تنظيم وملائمة وحداتنا مع التهديدات الحالية: الإرهاب، تهريب المخدرات؛ والتي لا تحتاج لجيش تقليدي، لأنها حرب ضد عصابات.
موازاة مع المجهود الأمني، تحركنا على المستوى الثقافي، من خلال إقامة حوار مفتوح مع الشباب، خصوصا أن أكثرية المنخرطين في الإرهاب من فئة الشباب، وقد تمت إدارة الحوار من طرف رجال الدين من علماء وفقهاء، و تمكنا من انتشال 35 شابا، تم استقطابهم، ولم يعاود منهم لعالم الإرهاب إلا اثنين فقط.
صحيفة Le Monde: لا تنتمي الجزائر لمجموعة الخمس في الساحل، رغم الدور المرجعي الذي تلعبه في مجال الأمن بشبه المنطقة، هل تعتقدون بضرورة إشراك أكثر للجزائر؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: لقد تم إنشاء مجموعة الخمس من طرف دول الساحل الخمس التي كانت تشكل ساعتها مركز وبؤرة غياب الأمن والفقر والتصحر في المنطقة، حيث تشترك في هذه المشاكل مجتمعة. وقد قررنا في مرحلة أولى البقاء متحدين فيما بيننا، وفور تمكننا من تخفيف حدة الوضعية أو تسويتها، يمكننا التفكير في توسيع مجموعة الخمس على دول الشمال، وحتى الجنوب والجنوب الغربي، فهناك بعض دول غرب إفريقيا، التي لن أذكر أسمائها، تهتم بالالتحاق بمنظمتنا.
صحيفة Le Monde: ماهو الدور الذي تنوون القيام به على مستوى المشهد السياسي الموريتاني؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: لدينا في موريتانيا دستور أحترمه، والذي لا يمنعني من الاستمرار في قيادة حزبي وتنظيم الأغلبية الرئاسية، لتبقى مسيطرة على السلطة.
صحيفة Le Monde: هل يمكن الحديث عن مساندتكم لترشيح القائد السابق للجيوش محمد ولد الغزواني؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: في الوقت الراهن يعتبر وزيرا للدفاع، لم أقرر أي شيء بهذا الخصوص. مع ذلك يعتبر من رفاقي الأوفياء؛
صحيفة Le Monde: مصير محمد الشيخ ولد امخيطير الذي تم الحكم عليه بالإعدام بتهمة الزندقة، يقلق المدافعين عن حقوق الإنسان، ويطالبون بإطلاق سراحه. أين يوجد هو الآن؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: وضعيته معقدة بالفعل، فقد تمت محاكمته، وكان من المنتظر إطلاق سراحه، لكن جزءا كبيرا من الشعب الموريتاني يعارض ذلك، وإطلاق سراحه يشكل خطرا أمنيا على بلادنا، لذلك نواصل الاحتفاظ به في انتظار إيجاد حل للمعضل، فهناك خيار تمليه علينا قناعتنا، فالأمر يتعلق بمصير شخص واحد في مواجهة مئات آلاف المتظاهرين الذين يشكل تحركهم خطرا على أمن البلد، فالوضعية تستدعي ضمان حقوقه وتجنيب بلدنا للفوضى.
صحيفة Le Monde: يتواجد رئيس منظمة ” إيرا” بيرام الداه اعبيد في السجن منذ أغسطس الماضي، بماذا تردون على القائلين بأن الغرض من سجنه هو منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: إنها مجرد ادعاءات مغلوطة. لقد تم انتخابه كبرلماني خلال تواجده في السجن، ولم نمنعه من الترشح. مشكله مع العدالة ومع صحفي آخر، وفي حالة محاكمته وإطلاق سراحه، يمكنه استعادة مقعده في البرلمان.
صحيفة Le Monde: لقد أعلن المغرب مؤخرا عن استعداده لإيجاد حل لخلافه مع الجزائر حول الصحراء الغربية، وينظم حاليا لقاء في جنيف ما بين 5/6 دجمبر الجاري تحت رعاية الأمم المتحدة، يشارك فيه بلدكم، فما هو الموقف الذي تتبنون الدفاع عنه؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز: نتمسك بموقف الحياد التام، فهدفنا تهدئة النفوس من أجل إيجاد حل جماعي يرضي الصحراويين والمغاربة، فهذا المشكل يشل منطقتنا وتنمية المغرب العربي.
(*) نقلا عن لموند